يعرض المصور الإيراني »رضا ديغاتي« ببهو بلدية وهران مجموعة هامة من أعماله الفنية التي حازت معظمها على جوائز عالمية لا سيما تلك التي إلتقطها حول حروب العالم المعاصر وثوراته الدامية في مقدمتها الثورة الإيرانية التي أثرت فيه بشدة كونه ولد بمنطقة »تبريز« أين بدأ إهتمامه بفن التصوير وهو في سن 14 سنة فلم يترك صراعا عابرا أو كارثة إنسانية إلا وإلتقطها بكاميرته التي وجد من خلالها سبيله نحو ترسيخ نظرته الجادة والملتزمة إتجاه القضايا الراهنة والثورات عبر مختلف دول العالم كما إهتم أيضا في هذا المعرض بحرب أفغانستان التي خصص لها حيزا كبيرا من الإهتمام خصوصا أنه إلتقط حوالي 50 صورة فوتوغرافية للزعيم الأفغاني أحمد شاه مسعود« وأخرى حول خردة الدبابات والأسلحة الروسية الثقيلة . وليس هذا فحسب بل حرص المصور العالمي »ديغاتي« في معرضه على إبراز إبتسامة الأطفال الكامنة خلف الدموع والبراءة المهمشة بفعل هذه الحروب التي خلقت مأساة حقيقية في قلب كل طفل بريئ لا زال يصارع حتى الموت في بلد مزقته الحروب عقودا من الزمن إضافة إلى صور أخرى حول الحرب في العراق وحرب لبنان وإنفجار موقع »المارينز« في بيروت وكذا جدار برلين والإنسحاب الإسرائيلي من جنوب لبنان وغيرها من الإبداعات الفنية التي لم تعرض بعد أمام الجمهور الوهراني الذي ألهمته هذه الصور العالمية الذي إعتمد فيها »ديغاتي«على الرموز بهدف التواصل مع عدد أكبر من الناس طيلة فترة العرص الذي سيتواصل لغاية السبت المقبل بإشراف من المركز الثقافي الفرنسي الذي تكفل بإستضافة هذا المصور العالمي في إطار برنامجه الفني لهذا الموسم. وعليه فإن مشاركة »ديغاتي« بهذا المعرض تعد الأولى من نوعها بوهران إذ أتاحت لعشاق الصورة والإبداع الفني فرصة التعرف على أفضل مصور صحفي في العالم بأسره بدليل عدد الجوائز التي إفتكها من خلال معارضه التي تناولت في مجملها موضوع الحروب على غرار معرض »رضا ورحلة الموت في أفغانستان« ومعرض »سلام الحرب« ناهيك عن فوز أحد أفلامه الوثائقية بجائزة »الأيمي« عام 2002 في حين أخرجت له العديد من العروض السينمائية حول تغطيته لرحلاته الإستثنائية كما أصدر حوالي 16 مؤلفا على غرار كتابة »الحرب والسلام« الذي نال شهرة واسعة في السنوات الأخيرة كما تم تكريمه في العديد من المنظمات الإنسانية العالمية نظير جهوده في دعم السلام والتعليم والغذاء خصوصا أنه أسس منظمة »آنيا« التي تهتم بنشر ثقافة الإتصالات والإعلام ومساعدة الصحافيين وتعمل على تعليم الأطفال والنساء من خلال إستخدام تقنيات حديثة لتطوير مهاراتهم في التواصل وبناء مجتمعات متقدمة ومثقفة ناهيك عن جهودها في دعم التنمية المستدامة وتعزيز حقوق الإنسان والوحدة الوطنية. عمل »رضا« مع العديد من الوكالات العالمية حيث قام في بداية مشواره بتغطية الثورة الإيرانية لصالح وكالة »فرانس بريس« وذلك مباشرة بعد نيله للبكالوريا العلمية ودراسته للفيزياء في جامعة »تيريز« مسقط رأسه لزيادة معارفه عن البصريات والضوء لينتقل بعد سنة إلى طهران أين بدأ دراسة الهندسة المعمارية ليقرر بعدها ولوج عالم التصوير الفوتوغرافي بصفة إحترافية وتعاقد مع وكالة »تايم ماغزين« التي عمل لها في الشرق الأوسط ليلتقط بعدها العديد من الصور الرائعة لصالح وكالة »ناشيونال جيوغرافيك« الذي تعاقد معها منذ سنة 1990 لغاية الآن فتاريخه الحافل مع السجون لم يكن أبدا عقبة أمام نجاحه وشهرته بل بالعكس زاده جرأة وطموحا علما أنه سجن عام 1975 بسبب نشره لصور الفقراء والبؤساء في الجرائد وعلى جدران المدينة إضافة إلى الصور التي إلتقطها حول أشخاص خائفين ومرعوبين الأمر الذي جعله حبيس السجن لمدة 3 سنوات كاملة ليخرج مع بداية الثورة ضد نظام الزعيم الأفغاني »شاه« وبدأ التصوير من جديد عام 1978 حيث نزل إلى الشارع وصور الأوضاع المتقلبة هناك رفقة أشهر المصورين العالميين على غرار »دوك ماكيولين« و»مارك ديبو« وغيرهم لكن هؤلاء لم يستطيعوا مضاهاة »رضا« الذي فاز بجائزة »وورلد نبراس فوتو« وغيرها من الميداليات والتقديرات ليثبت وجوده أكثر في عالم الصورة من خلال معرضه الشهير »ذكريات المنفى« الذي نظمه عام 1998 أين برهن على رسوخ نظرته الفنية وموقفه الإنساني إتجاه الحروب والقضايا الإنسانية الأخرى .