لقد تخلص شعب الصحراء الغربية من الاستعمار الاسباني بعد كفاح طويل ليجد نفسه تحت الاحتلال المغربي الجاثم على صدره منذ أكثر من أربعين سنة رغم قرارات الأممالمتحدة ومنظمة الأممالمتحدة الداعية الى انهاء الوجود العسكري المغربي وتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره وقد لعبت منظمة الوحدة الافريقية التي تأسست سنة 1963 دورا كبيرا في دعم القضية الصحراوية تطبيقا لميثاقها الذي ينص على تحرير القارة الافريقية نهائيا من الاستعمار والعنصرية فطالبت في البداية بتصفية الاستعمار الاسباني من الساقية الحمراء ووادي الذهب وبدل ان تعترف اسبانيا باستقلال الشعب الصحراوي وقعت اتفاقية مدريد الثلاثية مع المغرب وموريتانيا لاقتسام الصحراء الغربية بينهما فهب الشعب الصحراوي للدفاع عن ارضه واستقلاله وأسس جبهة البوليزاريو ثم اعلن قيام الجمهورية العربية الصحراوية الديمقراطية التي نالت اعتراف العديد من الدول الافريقية وعرضت القضية على منظمة الوحدة الافريقية التي شكلت لجنة من الحكماء في الخرطوم لدراستها سنة 1979فاصدرت تقريرا اكدت فيه حق الشعب الصحراوي في تقرير مصيره وطالبت المغرب بسحب قواته العسكرية من الصحراء الغربية وتشكيل قوة افريقية لحفظ النظام الى حين اجراء استفتاء تقرير المصير كما صدرت عن المنظمة قرارات أخرى تصب في نفس الاتجاه اعترض عليها المغرب وفي سنة 1982 انضمت الجمهورية الصحراوية الى منظمة الوحدة الافريقية لحصولها على اعتراف 26 دولة عضو في المنظمة فزادت الضغوط على المغرب(...). محاولا التأثير عليها بينما واصلت الجمهورية العربية الصحراوية تواجدها ونضالها لتحقيق المزيد من الانتصارات الديبلوماسية على الساحة القارية والدولية وقد شاركت في تأسيس الاتحاد الافريقي سنة 2002 الذي خلف منظمة الوحدة الافريقية وصارت عضوا أساسيا فيه والذي واصل تأييده ومساندته للقضية الصحراوية وطالب بتطبيق لوائح المنظمة الافريقية ومنظمة الأممالمتحدة بتمكين الشعب الصحراوي من تقرير مصيره والسيطرة على ارضه وثرواته واحترام حقوق الانسان والسماح بزيارة المناطق المحتلة للاطلاع على أوضاع المواطنين الصحراويين. وقد حاول المغرب جاهدا اختراق الاتحاد الافريقي والتأثير على قراراته لتكون في صالحه من خلال الزيارات المتعددة لبعض الدول الافريقية والقيام باستثمارات فيها رغم ظروفه الاقتصادية الصعبة فحاولت تلك الدول سحب اعترافها بالجمهورية العربية الصحراوية تزامنا مع طلب المغرب الانضمام للاتحاد الافريقي الذي تم في جانفي 2017 وقد فشل في اقصاء الجمهورية العربية الصحراوية منه باعتبارها عضوا مؤسسا وعدم اعتراف الاتحاد الافريقي بقضية تجميد أو سحب الاعتراف من دولة معينة. مواقف تحررية ويبدو موقف الاتحاد الافريقي ومن قبله منظمة الوحدة الافريقية منسجما مع المواثيق والقرارات الصادرة عنهما والمتعلقة على وجه الخصوص بتصفية الاستعمار من القارة السمراء فقد عمل الأفارقة بجد على تحرير شعوب القارة من الاحتلال والعنصرية وتمكنوا من القضاء على الاستعمار البرتغالي في انغولا والموزمبيق والراس الأخضر الخ حرروا زمبابوي وناميبيا الحكم العنصري لدولة جنوب افريقيا ثم القضاء على نظام التمييز العنصري فيها وكان لهم دور في انهاء الاحتلال الاسباني للصحراء الغربية الذي حل مكانه المغرب بدل ان يطلب الدعم الافريقي بتحرير سبتة ومليلا وبعض الجزر التابعة له علما ان الدول الافريقية قطعت علاقاتها الديبلوماسية مع إسرائيل بعد حرب جوان 1967 ولم تعد الا بعد توقيع اتفاقية السلام بين مصر وإسرائيل سنة 1979. وقد كان الاتحاد الافريقي واضحا في مواقفه التحررية وثابتا عليها فان الامر يختلف بالنسبة لجامعة الدول العربية التي ساندت المغرب في ضم موريتانيا سنة 1960بعد استقلالها عن فرنسا ولم تنظم للجامعة العربية الا سنة 1973وقد تابعت الجامعة العربية الموقف من اجل تصفية الاستعمار الاسباني وارسلت لجانا لدراسة الوضع قدم الأمين العام للجامعة العربية في سبتمبر 1973تقريرا شاملا حول قضية الصحراء الغربية والعلاقات العربية الاسبانية. وفي سنة 1975 أصدر وزراء الاعلام العرب قرارا لدعم موريتانيا والمغرب (لتحرير الصحراء الغربية)وبعد ان تعقدت المشكلة حاولت الجامعة العربية المساهمة في إيجاد حل لها وفي مارس 1976 قدم الأمين العام للجامعة تقريرا الى مجلس الجامعة اكد فيه ان مشكلة الصحراء معقدة وتستلزم جهدا سياسيا مكثفا على الصعيد الثنائي والجماعي من اجل تسوية النزاع سلميا واعتبرت الجامعة ان الصراع داخلي وان أنظمة الوساطة لديها وأنظمة فض النزاع لا تكفي لحله مطلقا واستقالت الجامعة من متابعة الملف منذ ذلك الوقت وغابت عنه نهائيا بينما اثبتت منظمة الوحدة الافريقية حضورها وسار على نهجها الاتحاد الافريقي الذي يبذل مجهودا كبيرا لمتابعة الأوضاع فيها عن كثب والعمل على تمكين الشعب الصحراوي من نيل حقه الشرعي في الحرية والاستقلال وإقامة دولته الخاصة به. والحقيقة وبالتالي لا يمكن المراهنة على جامعة الدول العربية التي أشرفت بريطانيا على تأسيسها سنة 1945 للتفرقة بين العرب والمسلمين وتثبيت التجزئة فهي جامعة للدول العربية وليس للعرب أو اتحادهم وقد فشلت حسب المحللين السياسييين في اغلب القضايا التي تهم العرب كالوحدة وتحرير فلسطين والمحافظة على وحدة وسيادة واستقلال الدول العربية من العراق الى سورية واليمن والسودان والصومال وليبيا فالجامعة العربية لا تعبر عن وحدة الموقف لأن أعضاءها تابعين لدولهم وهناك دول عربية أيدت المغرب وشاركت في المسيرة الخضراء التي كانت غطاء للاحتلال المغربي للصحراء الغربية ومازالت تدعمه ماليا وسياسيا وتساعده في شراء السلاح ولا تكاد الدول العربية تجتمع على موقف يخدم العرب وقضاياهم المصيرية.