النقد علم ، ودراسة ، ووعي ، هو جزء أساسي وركن مهم من أركان العملية الإبداعية ، إذ لا يمكن تصوّر حياة أدبية ، أو فنية بدون وجوده ، حيث أنه وُلِد َ مع ولادة فنون القول والأداء ...النقد المسرحي هو كتابة إبداعية ، قبل أن يكون مجرد مهنة . أما النقد الصحفي فهو محاولة مُيَسّرة لقراءة العروض المسرحية وليست قراءة اصطلاحية . في النقد نظريتان : نظرية قديمة وحديثة ، إذ أنه يستفيد من العلوم الطبيعية ، علم النفس ، علم الأنثروبولوجيا ،علم التشريح ، ومن التاريخ ، وكلها علوم مجاورة .كما يجب أن يشمل جميع عناصر العرض المسرحي . لكن للأسف النقد الموضوعي شبه مُغَيّب و ما يوجد عبارة عن نقد انطباعي سريع مثل : شارك في العمل فلام ، وعلان ..، وهي مجرد انطباعات سريعة ، يُغلّف بمقال يُشيد ببطولة فلان ، وعلان ، كما أن عملية النقد تخلق عداءات ، فإن لم تكن معي ، فأنت ضدي، و بناء عليه فالناقد المسرحي غير مرغوب أو غير محبوب . العلاقة بين النقد والأدب والفنون
لا يمكن عزل النقد عن الأدب والفن ، إذ لا يمكن تصور حياة أدبية أو فنية بدون وجود نقد ، من يقرأ من ؟ّ، و الهدف من الممارسة النقدية هو الرّقي بالمسرح من التشنج الفني إلى التفاعل الإيجابي . أما الناقد المسرحي فهو ذلك الممارس للعملية النقدية ، عبر الاشتباك مع المُنجَز المسرحي ، شفاهة ً ، وكتابة ً ، حيث ُ يُتابع ُ المُنجَز ، يُحَلله ، ويُؤّله ، ويُفَسّرَه ُ ، دون مُهادَنة ، أو مُجامَلة ، أوْ تجنّي ، مُستخدما ً في ذلك مخزونه الثقافي ، والمعرفي ، ليُنيرَ للمُتلقي طريقه لقراءةالعرض المسرحي ، مُنطلقا ً من عناصره الفنية ، والجمالية ، بعيدا ً عن ظروف العمل ومُحيطه ، للتعرف على مكامن قوته وضعفه ، ومدي اشتباكه مع أعمال أخرى . الناقد المسرحي هو وسيط بين المؤلف والقارئ ، وبالتالي هو وسيط بين العرض والمتفرج .والناقد الحقيقي هو الذي يمتلك أدوات النقد ، ولديه الكفاءة . لكن للأسف لحد الآن لم نتفق على ( بروفايل ) له على مستوى العالم العربي : من هو؟ ، وما هي مواصفاته ؟ و ما هي ملامح شخصيته ؟ ، ولمن يتوجه الناقد ؟ و ما هيّ مقاييس الناقد الجمالية ؟، وكيف يُنَظّم علاقته بالتظاهرة المسرحية والفنية بشكل ٍ عام ؟ .. فهناك نظرية تقليدية تقول أن الناقد قاض يُصدر أحكام . وهناك بعض النقاد ينتمون إلى الحراك المسرحي ، وليسوا نقادا أو دارسين ، أو متخصصين. لكن في الحقيقة هناك ناقد مُستنقِد ،و ناقم ومدعي نقد . عمل الناقد هو تحليل العمل الفني ،بحيث يجعلنا نرى العمل الفني ( المسرحيات ) بعيون ناقدة مُتفحصة ، لا بعيون منبهرة فحسب ، لذا فهو مطالب بتقديم العروض المسرحية بأسلوب شيّق ، وبطريقة تجعلنا نحسب أنفسنا وكأننا نشاهدها في الواقع ، وبأسلوب آسر سلس ومبسط ، كما عليه أن يتناول كافة العناصر المشكلة للرؤية البصرية على خشبة المسرح و أن يقترب في نقده من روح العلم ، وصواب المنهج . فضلا عن قيامه بتحليل وحدات العمل المسرحي ، و إيجاد العلاقات بينها ، ومدى إسهامها في تشكيل العمل المسرحي . و ألا يكتفي بالبنية السطحية ، وذكر الشواهد دون تحليل ، بل ودون تحليل عميق . عليه ألا يتحول إلى وصىّ على العرض المسرحي . أي أن لا يتحول إلى سُلطة وصاية . و أن يتجنب عبارات : كان عليكم أن ... ، أوْ ياليت المخرج كان فعل ....أوْ .. لو كنت مكان المخرج لفعلت ُ ....على الناقد ألا يتحول إلى مخرج ثان ٍ للعرض المسرحي ؛ وإلا سيصدُق عليه القول الشهير : إن الناقد مخرج مسرحي فاشل . على الناقد ألا يحصر نفسه في البنية الخارجية فقط ، ولكن عليه أن يُدرِك َ أهمية النصوص في إنتاج المعنى ، وأن يتناول المزايا ، والمسالب الفنية ، من حيث الطرح على مستوى النص ، والعرض .