الذي يَشعُرُ بالقلب حتى لا أقول يرى بالعين ذلك الجمود الثقافي الذي تعيشه معظم بلديات و دوائر الوطن يتخيل إليه بأن مراكزنا الثقافية مغلقة على مصرعيها ، و أن لا وجود للمدراء والمؤطرين على هذه المباني التي صُرفتْ عليها الدولة الملايير، وما فتئ رئيس الجمهورية يؤكد على ضرورة الاعتناء بكلّ الشباب الموهوب، و هو ما جعله يقرر إنشاء جائزة الفنان الراحل علي معاشي، و هو كذلك ما جعله يقرر إنجاز مكتبة في كلّ بلدية من أجل سد الفراغ و دفع عجلة التنمية الفكرية و الثقافية إلى الأمام وعلى أوسع نطاق ممكن. إنّ إنجاز مكتبة في كلّ بلدية هي فكرة أكثر من حكيمة لأن هذه الإنجازات التي بُنِيَتْ هنا وهناك بمقاييس ذات جودة عالية و ذات تحف معمارية غاية في الجمال سوف تكون في خدمة تطلعات وطموحات الشباب الجزائري، و ربما تكون الحلم المنتظر من أجل الإقلاع الفعلي بالمشهد الثقافي عبر كافة بلديات قطر الوطن في حالة ما إذا تم تأطير مصالح التنشيط و التبادلات و الأنشطة الثقافية على مستوى هذه المكتبات بأشخاص لهم تجارب في إحياء و إثراء المشهد الثقافي .. قد يقول القارئ إنّ وضعيات المكتبات سوف تشبه المراكز الثقافية على طول الخط ، وبالمقابل فإنّ الكثير يَرَوْنَ غير ذلك و لكن في حالة واحدة فقط و هي إذا ما تم الاهتمام بمصلحة التنشيط و ذلك بغية إضفاء حركة ثقافية داخل و خارج هذه المكتبات ، أما إذا حدث العكس فإنّ هذه المكتبات بدون شك سوف يعمها الركود رغم أن الدولة أنجزتها من أجل تنشيط الحياة الثقافية .. إنّ تدشين مكتبة في كلّ بلدية لقد غيّر من حياة الشخص الجزائري لأنه ببساطة وجد أمامه قاعة للأنترنت ، وأخرى للمطالعة تحتوي على مختلف الكتب و رزنامة من التظاهرات الثقافية والفكرية تقيمها هذه المكتبات على طول السنة، وذلك بفضل التنسيق مع المصالح الثقافية البلدية وفق البرامج التي تعتمد في أساسها على المادة 159 من القانون البلدي الخاص بالفصل الخامس المتعلق بالإنعاش الثقافي ، وهي كلها عوامل تقف في صالح السلطات المحلية البلدية إن أرادت الارتقاء بالمشهد الثقافي المحلي خدمة للشباب المتعطش ولكن شريطة أن توفق في حسن التأطير واختيار مَنْ هم أكفاء لتسيير مصالح التنشيط والتبادلات والأنشطة الثقافية على مستوى أقسام هذه المكتبات، لأن هناك الكثير من الأدباء الذين هم موظفون ضمن الجماعات المحلية و بإمكانهم القيام بهذه المهمة ما دام أن القانون يسمح لهم بذلك بحكم أن هذه المكتبات تابعة إلى وزارة الداخلية و الجماعات المحلية وهذا حفاظًا على صرح هذه الإنجازات الضخمة و خدمة لتحريك المشهد الثقافي عبر كامل بلديات قطر الوطن و رد الاعتبار لهؤلاء الأدباء الذين يعملون تحت لواء وزارة الداخلية و الجماعات المحلية و الاتكال على تجاربهم الأدبية و الثقافية التي وظفوها من أجل الجزائر أثناء العشرية الماضية حين كان هذا الوطن منسيًا حتى عند الدول الشقيقة .. إنّ تدشين مكتبة في كلّ بلدية هو العودة إلى المواعيد الأدبية الجميلة و تشجيع الناشئة على الإبداع و توسيع دائرة النشاطات الفكرية و التفتح والإصغاء للمواهب و يكون ربما هو الإقلاع الثقافي الفعلي بعد ركود دام لسنين طويلة .. و الحقيقة تقال أن الفرح الثقافي اكتسى الكثير و الكثير من البلديات بفضل هذه المكتبات العمومية التي استطاعت السلطات المحلية البلدية كيف تُؤطر الموظفين بل وتحسن اختيارهم خدمةً منها في دفع التنمية الثقافية إلى الأمام و فرض برامج تحسيسية لفائدة الشباب جميع الشباب قصد المساهمة في بناء هذا الوطن ..