مع اقتراب موعد إجراء الألعاب الافريقية للشباب المقررة في شهر جويلية القادم بالجزائر, يسابق القائمون على رياضة الهوكي على العشب -التي رأت النور مؤخرا بالجزائر-, الزمن من أجل اعداد منتخب وطني تنافسي يرقى إلى طموحات البلد المستضيف للعرس القاري. وتحرص الاتحادية الجزائرية للرياضة للجميع, التي أسندت لها مهمة الاشراف على هذا التخصص مؤقتا في انتظار تأسيس هيئة فدرالية خاصة به, على تكثيف جهودها بالتنسيق مع وزارة الشباب والرياضة لإعداد مجموعة متلاحمة تحمل راية هذه الرياضة في الموعد الافريقي المقبل و أهم من هذا, وضع حجر الأساس لهذه اللعبة من أجل استقطاب أكبر عدد من الممارسين في المستقبل. و في هذا المسعى, أكد رئيس الاتحادية الجزائرية للرياضة للجميع, الهادي مصاب أن فكرة بعث رياضة الهوكي على العشب بالجزائر ليست وليدة اليوم بل تعود إلى عدة سنوات لكن هذا الاقتراح فرض نفسه بقوة في الآونة الأخيرة باحتضان الجزائر للألعاب الافريقية للشباب في الصيف القادم, مستطردا : ''رئيس الاتحاد الافريقي للعبة, أحمد سيف, كان قد أبدى في العديد من المرات رغبته في بعث هذه الرياضة بالجزائر منذ أربع سنوات. و الآن أضحت هذه الفكرة ممكنة بقدوم الألعاب الافريقية للشباب عندنا (19-28 جويلية)''. وبحكم ضيق الوقت مع اقتراب الألعاب الافريقية, ''وجدنا أنفسنا نجري في كل الاتجاهات من أجل اعداد فريق تنافسي يكون جاهزا في زمن قياسي لخوض المنافسة القارية في فئتي أقل من 18 عاما عند الذكور و الاناث'', كما حرص على توضيحه القائم الأول على الاتحادية الجزائرية للرياضة للجميع, مشيرا بالمناسبة إلى الصعوبات التي وجدها هذا الاختصاص في بدايته باعتبار أنه غير معروف بالجزائر, الأمر الذي تطلب تظافر جهود الجميع من أجل التعريف به ولو بشكل ''محتشم'' حيث أضحى يستقطب اهتمام وفضول بعض الجماهير التي تستفسر عنه وتحاول فهم أبجدياته. وسعيا منها لتسهيل مهمة القائمين على هذه الرياضة في الجزائر, قررت وزارة الشباب والرياضة, حسب ما أكده الهادي مصاب, ''تقديم كل الدعم وتوفير كل المتطلبات اللازمة مع إعطاء الاتحادية الحرية الكاملة في نشر اللعبة باعتبار أن هذا التخصص يتطلب عتادا خاصا لا وجود له في الجزائر'', مضيفا في الصدد نفسه: ''رغم ذلك فإن الصعوبات والعراقيل حاضرة خاصة فيما يخص التطبيق على أرض الواقع لأنها رياضة جديدة في الجزائر وسنعمل جاهدين للرفع من وتيرة التنسيق''. ونظرا لغياب بطولة محلية لهذا التخصص يسهل تكوين فريق وطني, فإن القائمين على هذه اللعبة وجدوا انفسهم أمام حتمية الاعتماد على أسماء من الثانوية الرياضة لدرارية (الجزائر) مع تحديد الملاعب الجوارية بسيدي امحمد و درارية لخوض التدريبات. وحسب نفس المصدر فإن الاتحادية سطرت برنامج عمل يختصر أولا في تكوين فريق وطني قبل أن يتم نشر اللعبة عبر عشر ولايات في البداية رغم أنه كان يحبذ لو سارت الأمور في اتجاه معاكس لتسهيل مهمة اكتشاف المواهب الشابة. الخبرة المصرية لتعبيد الطريق لرياضة الهوكي في الجزائر وباعتبار أن الجزائر لا تملك خبرة في لعبة الهوكي على العشب, فإن الاتحاد الافريقي للاختصاص كلف تقنيين مصريين للقدوم إلى الجزائر من أجل تكوين منتخب تنافسي و نشر اللعبة عبر مختلف أنحاء الوطن. ويتعلق الأمر بأشرف يوسف مدرب عام لمنتخب الشباب في مصر الحائز على بطولة افريقيا والمشارك في بطولة العالم في الهند عام 2016 وحسام محمد فوده المدير الفني لمنتخب مصر للهوكي الحائز على المركز الأول في بطولة الدوري العالمي بكينيا سنة 2014 و خبير بالاتحاد الافريقي للعبة. وقال أشرف يوسف في هذا الصدد: ''قدومنا كان بعد اتصالات بين الاتحاد الافريقي للهوكي والمسؤولين في الجزائر من أجل إدراج الهوكي تحسبا للألعاب الافريقية للشباب. انها فرصة للجزائر خاصة وأن بلدكم متواجد في كل الرياضات التنافسية على الواجهة الافريقية أو العالمية ولهذا كان من الضروري إدخال هذه اللعبة''. وتأسف أشرف عن تأخر قدومه إلى جانب مواطنه إلى الجزائر "لأن نشر هذه الرياضة يتطلب عملا كبيرا وليس من السهل تكوين منتخب وطني تنافسي في وقت وجيز في ظل غياب منافسة محلية تسمح باستقطاب أسماء من خلال التربصات المغلقة". وأضاف الخبير قائلا: ''باشرنا مهامنا في وقت متأخر وكما تعلمون فإن اللعبة صعبة نوعا ما من الناحية الفنية ولكننا نقوم بمجهودات كبيرة من أجل تكوين منتخب قادر على تشريف الألوان الوطنية في الألعاب الافريقية القادمة والوصول إلى مستوى مشرف في البطولة الافريقية رغم صعوبة المهمة''. ويبقى أكبر عائق هو ضيق الوقت في ظل غياب منافسة محلية والتي غالبا ما تشكل خزانا للمواهب الشابة, وهذا ما أعرب عنه فوده مضيفا في ذات السياق: ''رياضة الهوكي يلزمها وقت كبير لنشرها في كل ولايات الجزائر ولكن هدفنا على المدى القصير هو تشكيل منتخب جزائري. تواجدنا هنا يتلخص في هدفين, الأول هو تكوين منتخب تنافسي والثاني نشر اللعبة في الجزائر. كنا نحبذ لو كانت البداية بنشر اللعبة قبل انتقاء اللاعبين لتكوين المنتخب ولكن لضيق الوقت علينا تكوين منتخب بعدها سنعمل على نشر اللعبة''. ولضمان نتائج مشرفة في الألعاب الافريقية القادمة للشباب, قرر المسؤولون على رياضة الهوكي فتح أبواب المشاركة للجزائريين المقيمين بالمهجر والذين يكتسبون خبرة تسمح لهم بتقمص ألوان المنتخب وهذا ما أكده أشرف: ''حاليا, نحن ندرب مجموعة من اللاعبين وبعدها سنقوم باقتناء أفضلهم. طالبنا بلاعبين بمواصفات معينة. قدموا لنا قائمة تضم 30 لاعبا ونحن قمنا باختيار 20 منهم, دون نسيان فئة الإناث بوجود 20 لاعبة''. ومن المعلوم أن تكوين منتخب وطني في بضعة أشهر سيقلص حتما من حظوظ الجزائر في تحقيق نتيجة ايجابية خلال الألعاب الافريقية للشباب ولكن التقنيين المصريين يطمحون في الوصول إلى المربع الذهبي وتشريف الراية الجزائرية في أول مشاركة رسمية. وفي هذا السياق قال أشرف: ''علينا الاعتراف بأن الجزائر غير مرشحة للتتويج باللقب بتواجد جنوب افريقيا و مصر لدى الذكور وغانا لدى الاناث لأنها فرق غالبا ما ضمت نفس الأسماء في السنوات الأربع الأخيرة على الأقل ولكننا نهدف لقلب المعطيات وقطع تأشيرة الدور نصف النهائي رغم صعوبة المنافسة لأن المنتخبات التي ستنشط النهائي ستضمن تأشيرة المشاركة في الألعاب الاولمبية للشباب بالأرجنتين. سنحاول تحقيق مركز يشرف الجزائر. نعول على العطلة المدرسية لفصل الربيع للقيام بتربص تحضيري قبل أن ندخل في تجمع آخر شهر ماي عقب نهاية الموسم الدراسي. كما قررنا أيضا بالتشاور مع المسؤولين على هذه الرياضة في الجزائر تنظيم تربص خارج أرض الوطن أياما قليلة فقط قبل انطلاق الموعد الافريقي''. قواعد لعبة تشبه كرة القدم بأصول غامضة وتجرى هذه اللعبة الجماعية بين فريقين يضم كل واحد منهما 11 لاعبا, يحملون عصا معقوفة و يركضون وراء كرة صغيرة بيضاء اللون حجمها لا يختلف كثيرا عن حجم كرة التنس. ولا تختلف قوانين الهوكي على العشب كثيرا عن القواعد المعمول بها في كرة القدم, حيث أن صاحب أكبر عدد من الأهداف سيفوز باللقاء. كما تضم حارس مرمى, خط دفاع, وسط الميدان وهجوم بالإضافة إلى سبعة عناصر أخرى احتياطية على ملعب طوله 100 متر وعرضه 60 مترا. وفيما يخص التوقيت فإن المباراة تجرى بأربعة أشواط يستمر كل شوط 15 دقيقة. وغالبا ما اكتنف الغموض أصل هذا اللعبة التي اختلفت الآراء حولها حيث لا توجد معطيات رسمية تؤكد مهد هذه الرياضة رغم وجود بعض المصادر التي تعتزم أن أصولها من مصر استنادا إلى بعض الرسومات المنقوشة منذ 2000 سنة لأشخاص يحملون العصي وقاذفة, بينما يرى البعض الآخر أنها لعبة ايرلندية بحتة يرجع تاريخها إلى أكثر من 1272 سنة قبل الميلاد, وهنالك رسومات أخرى وجدت في اليونان, الصين وأمريكا اللاتينية تشير إلى ممارسة هذه اللعبة من قبل السكان القدامى لهذه البلدان. وإذا كان الهوكي على العشب يلعب ب 11 لاعبا فإن البطولة الافريقية للشباب ستقام بخمسة لاعبين لكل فريق (حارس مرمى وأربعة لاعبين) بالإضافة إلى أربعة احتياطيين وهذا ما يسمى بالهوكي ''فايف'' (5 بالإنغليزية) وهو يختلف عن الهوكي العادي كونه يجرى على ميدان صغير. وعموما ستكون المنافسة الافريقية القادمة فرصة للشباب الراغب في ممارسة هذا التخصص لتعلمه أكثر و نشره سيما وأنها ستعرف مشاركة دول لها باع طويل ومستوى عالمي في هذه اللعبة على غرار مصر, جنوب افريقيا وغانا, ولما لا تكون الانطلاقة الحقيقية للهوكي على العشب في الجزائر.