تمتاز السياسة الخارجية الجزائرية بالحكمة والوضوح والمواقف المبدئية والثابتة حيال القضايا الإقليمية والدولية معتمدة على تجربة طويلة من العمل الديبلوماسي الذي أسست له الحركة الوطنية بإنشاء حزب نجم شمال افريقيا في فرنسا سنة 1946بقيادة مصالي الحاج الذي شارك في مؤتمر مناهضة ا لاستعمار في بروكسل سنة 1927وكذلك البيان الذي قدمه فرحات عباس للحلفاء خلال الحرب العالمية الثانية كما صدر بيان أول نوفمبر1954متزامنا مع انطلاق الثورة شارحا لأهدافها ومطالبها المتمثلة في الحرية والاستقلال وإقامة الدولة الجزائرية وفي أفريل1955شارك وفد عن جبهة التحرير الوطني في المؤتمر الأول لحركة عدم الانحياز في باند وغ بإندونيسيا للتعريف بالقضية الجزائرية ومشاركة الجزائر وقد كان حضور احمد بن بلة في اجتماع الجامعة العربية مؤثرا للغاية عندما قال للحاضرين (( اسمحوا لي ان اخاطبكم بالفرنسية لأن الاستعمار حرمني من تعلم لغتي العربية )) وقد ازداد النشاط الديبلوماسي للثورة الجزائرية قوة ونشاطا مع مرور الوقت واشتداد الكفاح المسلح فطرحت القضية الجزائرية على الأممالمتحدة وتولى أحمد الشقيري الدفاع عنها بقوة وحماس وارسلت الوفود الى العديد من الدول كالصين والاتحاد السوفياتي لكسب المزيد من الدعم والتأييد وكشف السياسة الاستعمارية لفرنسا ومناوراتها الهادفة لمحاصرة الثورة والقضاء عليها فعملت الحكومة المؤقتة على المشاركة في المؤتمرات والندوات الافريقية المستقلة وارسلت الوفود للمشاركة فيها كما حدث في مؤتمر أكرا الثاني في ديسمبر 1958في العاصمة الغانية أكرا الذي شارك فيه وفد عن الحكومة المؤقتة والذي طالب فرنسا بمنح الجزائر حق تقرير المصير . وشاركت الجزائر في تأسيس منظمة الوحدة الافريقية باديس ابابا سنة 1963وكان مقرر ان تعقد المنظمة مؤتمرها في الجزائر سنة 1965 الذي الغي بعد الإطاحة بالرئيس احمد بن بلة في تلك السنة فالسياسة الخارجية للجزائر المستقلة عملت بقوة على تحرير القارة الافريقية من الاستعمار والقضاء على التمييز العنصري وقدمت دعما كبيرا لحركات التحرر في افريقيا وفتحت أبوابها للمناضلين مثل شي غيفارا ونيلسون مونديلا وموغابي وسامورا ميشل والدكتور أغوستونيتوا وبفضل مساهمة الجزائر تم القضاء على الاستعمار البرتغالي والاسباني من القارة الافريقية وإزالة نظام التمييز العنصري من دولة جنوب افريقيا وتقف الى جانب شعب الصحراء الغربية لنيل استقلاله والتخلص من الاحتلال المغربي لأرضه وساهمت الجزائر في تأسيس الاتحاد الافريقي الذي خلف منظمة الوحدة الافريقية ووقعت الأسبوع الماضي على اتفاقية منطقة التبادل الحر وتبذل مجهودات جبارة في حل النزاعات والصراعات بالقارة فنجحت في توقيف الحرب بين اثيوبيا وإيريتريا وفي مالي وأنجزت طريق الوحدة الافريقية ومحت ديون عدد من الدول الافريقية لمساعدتها على تجاوز ازماتها المالية و للجزائر دور كبير في محاربة الإرهاب والمحافظة على الامن والاستقرار في القارة التي تسعى دولها للتعاون والتضامن لمواجهة المشاكل التي تعترضها وتبدو مواقف الجزائر منسجمة مع مبادئ ثورتها المعتمدة على مناصرة حركة التحرر في افريقيا والعالم وتصفية الاستعمار وحل النزاعات والصراعات الدولية والإقليمية بالوسائل الديبلوماسية وانتهاج سياسة عدم الانحياز والمحافظة على الحدود الموروثة عن الاستعمار الغربي وعدم التدخل في الشؤون الداخلية للدول والقضاء على الفقر والاستغلال فدعت سنة 1973الى نظام اقتصادي عالمي جديد لإعادة النظر في العلاقات الاقتصادية بين دول الشمال الغنية ودول الجنوب الفقيرة التي تبيع لها المواد الأولية بأسعار منخفضة وتشتري المواد المصنعة بأثمان مرتفعة واذا كانت سياسة الجزائر الخارجية في القارة الافريقية متزنة ونشيطة في غالب الأحيان وفعالة فإنها بحاجة الى الاستمرارية وعدم تركت فراغات وثغرات والاهتمام بالجانب الاقتصادي الذي يبقى ضعيفا ومحدودا نظرا للصعوبات التي يمر بها الاقتصاد الوطني بعد افلاس مؤسسات القطاع العمومي التي كانت الجزائر تراهن عليها في سد حاجيات السوق الوطنية والتوجه للتصدير نحو الدول الافريقية الذي يجري الحديث عنه والدعوة له ج س