تجاوزات على الهداف    نسعى إلى حماية المال العام    منصوري تستقبل شينغينجي    الجزائر تؤكد التزامها بدعم دول إفريقيا    معالجة أزيد من 31 مليون طن من البضائع    قطاع النسيج يتعزّز    الجزائر تتعرّض لمؤامرة كبرى    استشهاد 600 طفل في غزّة خلال شهر    غزة : ارتفاع حصيلة الضحايا إلى 51305 شهيدا و117096 جريحا    المؤرّخ الفرنسي لافاي يستعرض أبحاثه    بطولة الرابطة الأولى: رئيس الاتحادية يدعو الأندية إلى ضمان السير الحسن للمقابلات في إطار التنافس النزيه    مولوجي تبرز جهود حماية ذوي الاحتياجات السمعية    قسنطينة: إعادة تشغيل المصعد الهوائي للمدينة    أكدنا تطلع الطرفين لتجسيد خارطة الطريق المتفق عليها    تراجع أسعار النفط بأكثر من 2 بالمئة    الاعلان عن نتائج الدورة الثالثة أفريل 2025 للالتحاق بمهنة مترجم    وفاة 39 شخصا وإصابة 1526 آخرين بجروح    مجمّع "ليون" الماليزي يريد الاستثمار في بالجزائر    حياة النشطاء مهدّدة والاحتلال المغربي يصعّد من القمع    التدخّل الدولي الإنساني العاجل في غزة ضرورة قانونية وأخلاقية    توقيف أشخاص حرّضوا على المضاربة في منتوج البطاطس    تواصل جلسات إثراء القانون الأساسي والنظام التعويضي لأسلاك التربية    الجزائر بحاجة إلى جبهة إعلامية موحّدة    الإعلان عن تشكيل جمعية للجزائريين المقيمين بهولندا    تفكيك شبكتين وضبط 4 قناطير من الكيف مصدرها المغرب    تقييم العمليات الخاصة بإعادة تأهيل السد الأخضر    مسابقة وطنية لأفضل فيديو توعوي لمكافحة المخدرات    وفد روسي بالوكالة الجزائرية لترقية الاستثمار للتعرف على المنظومة الاستثمارية الوطنية    تمنراست : بتكليف من رئيس الجمهورية وزير الثقافة والفنون يقدم واجب العزاء إلى أسرة الراحلة بادي لالة    "الخضر" يواجهون رواندا بقسنطينة وهذه خطة بيتكوفيتش    الذكاء الاصطناعي.. هل يزيد البشر غباءً؟    التدخلات الجراحية ليست ضرورة لعلاج انسداد شريان الرقبة    انتخاب كمال سعيدي عضوا في المكتب التنفيذي    المنتخب الوطني يقص شريط المنافسة أمام غانا    العدوان الصهيوني على غزة: التدخل الدولي الإنساني العاجل في القطاع ضرورة قانونية وأخلاقية    تقاطع المسارات الفكرية بجامعة "جيلالي اليابس"    الحقل التكويني رهين بقدرة التفكير الجماعي واتخاذ القرارات الجريئة    هدّاف بالفطرة..أمين شياخة يخطف الأنظار ويريح بيتكوفيتش    البطولة السعودية : محرز يتوج بجائزة أفضل هدف في الأسبوع    كرة القدم :"الخضر" يواجهون منتخب رواندا وديا يوم 5 يونيو المقبل بقسنطينة    دراسة آليات بيع الأضاحي المستوردة    رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية    تنظيم مسابقة وطنية للطلبة لأفضل فيديو توعوي لمكافحة المخدرات    كرة القدم: وليد صادي يجتمع بحكام النخبة في لقاء للتوعية حول الجولات المتبقية من البطولة    تمنراست: الكتابة والنشر ضمن أولويات برنامج المحافظة السامية للأمازيغية    حوادث الطرقات: وفاة 39 شخصا وإصابة 1526 آخرين بجروح في ظرف أسبوع    فرصة للشركات الجزائرية للتغلغل أكثر في السوق الإفريقية    تحدي "البراسيتامول" خطر قاتل    صناعة صيدلانية: رقمنة القطاع ستضمن وفرة الأدوية و ضبط تسويقها    قسنطينة : اختتام الطبعة 14 للمهرجان الثقافي الوطني للشعر النسوي    موضوع ندوة علميّة : إبراز جهود جمعيّة العلماء المسلمين في النّهوض بالمرأة والأمّة    هذه مقاصد سورة النازعات ..    سايحي: "تطوير مصالح الاستعجالات " أولوية قصوى"    تسهيل وتبسيط الإجراءات أمام الحجّاج الميامين    هذه وصايا النبي الكريم للمرأة المسلمة..    ما هو العذاب الهون؟    كفارة الغيبة    بالصبر يُزهر النصر    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



العيش معا في سلام
إشراقات زينب
نشر في الجمهورية يوم 28 - 05 - 2018

"يا أيها الناس إنَّا خلقناكم من ذكر وأنثى وجعلناكم شعوبا وقبائل لتعارفوا إن أكرمكم عند الله أتقاكم" القرآن الكريم/ سورة الحجرات/ الآية 13 .
بتاريخ 16 ماي 2018 احتفلت الجزائر مع كل دول العالم بيوم العيش معا في سلام، وذلك عن فكرة للجمعية العالمية الصوفية العلاوية AISA، وبمبادرة منها رفعتها الدولة الجزائرية أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في دورتها 72 ، والتي وافقت عليها بالإجماع مقرة بذاك هذا التاريخ كاحتفالية عالمية للعيش معا في سلام؛ بفكرة أن الإنسان هو القيمة العليا والقيمة الأساسية بغض النظر عن اللون والجنس والديانة، وذلك لخلق الجسور الإيجابية للتواصل والتحاور بين الأديان، والتعاون وفتح مجالات التبادل الثقافي والفكري والإبداعي، ونبذ العنف والتطرف والعمل سويا على ابتكار الوسائل والآليات التي يمكنها الوقوف في وجه كل الفوارق التي تحط من قيمة الإنسان وتمس بكرامته وإنسانيته. طبعا لمفهوم "العيش سويا أو العيش معا في سلام" منظورات متعددة، تتقاطع في ما بينها سياسيا وثقافيا وفكريا وفلسفيا واقتصاديا، لكن النقطة المحورية والمرتبطة بالإنسان كإنسان كونه كائن اجتماعي تبين وتؤكد؛ أن مآل الشعوب هو أن تلتقي وتتقارب في ما بينها بمختلف الطرق والوسائل وأولها طريق الحوار؛ المبدأ الأساسي الذي تنص عليه مجمل المواثيق الدولية وكل النصوص الدينية ونصوص حقوق الإنسان، دون ذلك فلا خيار آخر للشعوب إلا التناحر والتنافر والحروب والصراعات والتقاتل المؤدي إلى المحو والفناء، وليست الأدلة الملموسة والحية بغائبة أو بعيدة. التاريخ لم يتوقف ولن يتوقف ولم ينته والرأسمالية المتوحشة بكل بشاعتها ليست نهاية في حد ذاتها ولا حتمية كما افترض " فرانسيس فوكوياما Francis Fukuyama في كتابه نهاية التاريخ La fin de l'histoire " والعالم أيضا ليس مصيره الحروب بالضرورة على أساس أيديولوجي وإثني وديني أو عرقي كما حدد ذلك "صامويل هنتنجتون Samuel Phillips Huntington في كتابه صدام الحضارات le choc des civilisations". تجارب العشرين سنة الأخيرة، بينت أن أمرا مثل هذا لا يزيد إلا الأحقاد والضغائن والبغضاء داخل البلد الواحد أو بين بلدان مختلفة، والمؤدية في النهاية إلى المحو والفناء- وهنا تحضرني حكمة مارتن لوثر كنغ " علينا أن نتعلم العيش معا كإخوة، أو الفناء معا كأغبياء " - بينما يفترض أن يؤدي التطور الذهني والعلمي والتقني بالإنسان إلى المزيد من التقارب بين الشعوب وتبادل القيم الثقافية والحضارية لأنها الأبقى والأثمن والأغنى. لكن السؤال الكبير في نظري ليس الفكرة أو الشعار وليس حتى القبول أو الرفض وليس حتى الاحتفال في حد ذاته؛ بل الاستمرارية والعمل اليومي للحفاظ على هذا المبدأ السامي وزرعه في النفوس وغرسه القلوب وترسيخه في الأذهان، ورعايته كما ترعى الحرية مثل النبتة الحية، لأن المسألة ليست مسألة مكسب وفقط، بل كيف نحافظ على هذا المكسب ونضمن استمراريته وتوريثه للأجيال وعدم التفريط فيه. إن العيش معا وفِي سلام لا يرتبط فقط بالعلاقات بين الدول وبين المجموعات الكبيرة والواسعة انطلاقا من توافقيتها أو صراعاتها، لكنه أولا وقبل كل شيء يمس الفرد مباشرة مع نفسه ومع ذاته ومع المجموعة الصغيرة المتمثّلة في الأسرة، التي بدورها مع المجموعات الأخرى تكون المجتمع بكل تشكيلاته في البلد الواحد، وفِي حالتنا نحن كيف نخلق الجسور بيننا من خلال محو الفوارق الجهوية، وتثمين ثقافاتنا بمعناها الواسع المتعدد والمتنوع وكيف نوصل عمقها وقوتها لكل المناطق، وكيف نجعل من طفل في الوسط أو في الشرق أو في الغرب أو في الشمال أن يكون قريبا من الأطفال في الجنوب، والتعرف والتقرب من أوضاعهم والتشبع بموروثهم الثقافي الشعبي الكبير، وكيف نوصل طفل الجنوب إلى كل المناطق من خلال التبادل الثقافي أو المسابقات أو الزيارات والتبادل بين المدارس، والعمل على جعل المدرسة مجالا واسعا ومنبرا حيّا وحيويا لخدمة الثقافة الإنسانية، ومكانا نيرا للتشبع بالقيم النبيلة والمبادئ السامية بعيدا عن الاستغلال السياسي والديني والهوياتي الضيق. مدرسة منفتحة على تاريخها المتعدد بكل سلبياته وإيجابياته بكل انتصاراته وإخفاقاته، منفتحة على ثقافاتها المتنوعة والغنية بما يمكنها من أن تكون منفتحة على العالم، منفتحة على لغاتها المتعددة دون عقد وحسابات ضيقة، أليس من حق تلاميذها وطلبتنا أن يتلمسوا آداب بلادهم وأسماء أدبائهم جزائريا ومغاربيا وإفريقيا وعالميا، حتى يتمكنوا من تقبل الآخر وفرض أنفسهم دون عقد أو مركب نقص أو أفكار مسبقة. العيش معا في سلام، يبدأ مع الذات والتصالح معها أولا، حتى تتمكن من تصافح الآخر القريب أو البعيد بحب. من لا يحب نفسه لا يمكنه أن يحب الآخرين ومن لا يثق في نفسه لا يمكنه أن يثق في الآخرين. فلنتح لأطفالنا فرصة التشبع بكلمات مثل حب محبة عطف حنان ود تقاسم سلام سخاء تسامح جمال ألوان، حتى يتمكن بنفسه من التخلص من الأنانية التي يسكنها فيه المجتمع والتي هي مصدر كل الأمراض الاجتماعية الأخرى. كل كلمة يمكنها أن تستعمل سلبا أو إيجابا حسب سياقاتها، السر يكمن في اختيار الجملة المناسبة وتركيبتها وماذا يراد بها. الحياة قصيرة وقصيرة جدا تهدى مرة واحدة ولا تتكرر فلنعش إذن في محبة وسلام

انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.