تلك الأيام التي اكتشفت فيها أعمال التشكيلية الفلسطينية الأردنية «ماجدة الحوراني» ما زالت في ذاكرتي حين أبهرتني بأطيافها المعجونة بالحب والمرأة والثورة والوطن ... هي تلك السيدة الأصيلة المحافظة الحاملة في ذاتها تفاصيل كبيرة و قصة وطن ثقيل قالت أنها تحلم بابتكار لون خاص به ،تواصلت معها في حوار جريء و كان بوحها بحجم حمل أطياف ريشتها فلسطين ...وقضيتها و المسؤولية الكبيرة التي كما تقول :«حملناها معا طول فترة كما حياتنا وحتى ونحن أجنة في بطون أمهاتنا» و عن ريشتها:«وأنها ريشتي كأنها الولد الصالح والمطيع الذي لا ينفصل عن مشاعري ورغباتي وكل ما في جوارحي وهي الأكسجين الذي أتنفس به والفن التشكيلي الفلسطيني يحتاج لوجود متحف ويحتاج لاهتمام من قبل الدولة الفلسطينية، حين يعلن عنها.» حين حادثت ماجدة كواحدة من فلسطينيات الشتات و كالعشرات من الأصدقاء الفلسطينيين شعرت بعمق أن معاناة الفلسطيني لا تقتصر على السياسة، بل وتمتد لكافة مناحي وشؤون الحياة و خصوصا فيما يتعلق بالفنانين ومن المؤسف أن صُنّاع القرار في فلسطين نظرتهم متخلفة نحو الفن التشكيلي، ويبدو أنّ هذا قدر الفن التشكيلي الفلسطيني أن يكون بلا مؤسسة أو حاضنة مع اتفاق الجميع أن الفلسطيني أصبح أبا شرعيا للألم . و كتشكيلية أردنية من أصول فلسطينية تتقاتل في دواخلها الثوابت والمتغيرات والنكبة والمنفى والشتات؟ تروي لي ماجدة :« حين جاء المبدع الفرنسي جان جنيه ليتضامن مع شرعية النضال الفلسطيني كان يعي تماما أن الفلسطيني مستميت على هويته العالمية وان ثوابته تتجاوز المؤقت السياسي، ومن هنا فإن الحديث عن جدلية الهوية والشتات والمنفى هو حديث عن أمر واحد وهو شرعية فلسطين التاريخية التي تحيا وتنبض في قلب كل شرفاء العالم ، فالألم الفلسطيني الذي امتد على خارطة العالم العربي وهو ألم إنساني ، لا تستمد شرعيتها في لوحاتي سوى من القضايا التي أنتجت ذلك الألم « ، ومن هنا ما تزال اللوحة العربية عموما والفلسطينية خصوصا قزمة وصغيرة أمام كل هذه الجراح التي تنزف، وأمام كل هذا التذويب للهوية والذي لن يحقق أي نتائج، بل ويؤكد على حق الفلسطيني التاريخي في فلسطين ..يتبع