طال صمتك أيتها البهية من يرمم الجرح ويغمرني بالمحال من يخيطني شعاعا بالسماء ويعمد قصائدي بالأعشاب البرية من يبارك كلامي المتلبس بالدهشة ويرفع لغتي سراجا في البيوت الخلفية من يدفئ قاماتي هذا الخريف لا جذوة في رمادنا الجمر بارد ولا من يحكّ الحجر بالحجر كي تتفتح أزهار النار هنا البربرية تطرق باب الريح تغرس عطرها في قلب الرمل تهدي عبق حنائها نشيدا للغائبين تصلي كما يصلي النور على كفي حمامة ذاب فيها الصمت منذ بدء الحكاية هنا البربرية ناصبة الخيام تطالب بحقها في الرمل وبرشفة ماء هل يمكن للماء أن يعرّش كزيتون الأجداد يمسح عنه ارتعاشة السراب ويدفن في عمق الرحيل أنين المطر هنا الوجوه مغلقة اللغة ناشفة والكلام مسدود هنا يُجرح الدم ويُجرح الماء ويحدث أن تُجرح كأس على وشك تقبيل لون الحناء انتصبي هتافا لا يلين هنا انكمشت الحناجر على ما تيسر من الجمر المكين هزي شجرة الحياة باليد التي لم تمت بعد لعل ريقا منها يمر بدمنا لم نعد ننجب لا الأنجم الراقصة ولا غناء العصافير لا صنعة هنا ولا حرفة إلا لحفاري القبور والنائحات في السرّ لم يعد أحد يحمل الحياة بين كفيه لا الشمس تبرجت لنورها ولا الليل أغمض العين على حلم يُشتهى لا دهشة ترتمي في الأحضان لا سكينة تغفو على الصدور ولا نبض يتجلى في مستهل العتبات يا جدتي العتيقة لأننا لا نحب أنفسنا كما يجب فإن الحياة تعرض عنا وتمضي بعيدا عن رياحنا لأننا لسنا أوفياء لتربتنا بالقدر الذي ندّعي سافرت بلقاحها إلى حيث «الغناء كثير والكلام قليل» لأننا لم نتعلم كيف نرعى عشبنا تدفق القحط في مرابعنا ذاب الملح المبارك وأزهرت الصواعق لأننا افترينا كثيرا عليك يا الله وعلى أنفسنا كنسنا رمق الحياة من عتبات الدار كما تكنس التربة وبقايا الغبار