لاتزال المؤسسة الإستشفائية المتخصصة في الأمراض العقلية بسيدي الشحمي وهران تعاني من مشكلة الضغط وكذا قلة الطاقم البشري العامل بها، حيث صار هذا المشكل يؤرق كثيرا مديرية المؤسسة الإستشفائية، لاسيما في ظل توافد عدد كبير من المرضى على هذه المصحة الجهوية التي شيدت منذ الإستعمار حيث يقدر عدد المرضى العقيلين المتواجدين بها حوالي 320 مريض وكذا 16 مدمنا وهذا من مختلف ولايات الجهة الغربية من الوطن. في حين لا يتجاوز عدد الأطباء والممرضين بهذا المستشفى ال 149 عامل (9 أطباء و140 ممرض)، وبالرغم من نقص الطاقم البشري العامل في هذه المؤسسة الصحية إلا أن المديرية الوصية تحاول قدر الإمكان التكيّف مع هذا الواقع المفروض عليها حيث أنها ولحد اليوم لاتزال تطالب بتدعيم الطاقم الطبي لسد هذا العجز إلا أن طلباتهم لم تلق أذانا صاغية ومازاد الطين بلة هو معاناة المؤسسة الاستشفائية المتخصصة للأمراض العقلية من نقص الدواء، حيث أضحت تواجه ندرة حادة في هذا الجانب الأمر الذي بات يصعب من عملية التكفل الحسن بالمرضى العقليين الذين هم في حاجة إلى رعاية طبية شاملة، مستمرة بل ومتكاملة ومن بين الأدوية التي يحتاجها الأطباء والممرضون في علاجهم للمرضى نذكر مثلا نوزينو ولارجاكتيل وريسبردال وكذا صوليون وأنافرانيل ولاروكسيل. صعوبات يومية ومن ضمن المشاكل التي لايزال مستشفى الأمراض العقلية لسيدي الشحمي يعاني منها كذلك نقص الميزانية الإجمالية المخصصة لهذه المؤسسة التي تغطي كامل الجهة الغربية من الوطن، حيث تقدر هذه الميزانية ب 30 مليار سنتيم سنويا، غير أنها لم تعد تكفي لسد أجور العمال والموظفين وكذا نفقات الغذاء والتكفل بالمرضى، حيث تقدر تكلفة المريض الواحد يوميا حوالي 6 آلاف دج وهو مايعد باهظا ويحتاج إلى مبالغ إضافية تضم إلى ميزانية المستشفى، هذا دون أن ننسى مشكل عدم توفر النقل، حيث أضحى الطاقم البشري يجد صعوبة في التنقل من المؤسسة الإستشفائية إلى سيدي معروف وكذا سيدي الشحمي، حيث أضحوا يقطعون هذه المسافة على أرجلهم وأحيانا يركبون مع بعض المحسنين الذين يأتون بسياراتهم لزيارة المرضى بالمستشفى. صعوبات يومية هذا الأمر أضحى يؤرق كثيرا عمال هذه المؤسسة الإستشفائية الذين صاروا يشتكون من هذه المصاعب التي باتت تواجههم يوميا، وفي سياق متصل علمنا من مصدر مسؤول أن مشكل الإكتظاظ الذي لايزال المستشفى يعاني منه قد يتم حله في حالة ما إذا تم اخراج 160 مريض تم علاجهم والتكفل بهم نهائيا، حيث أنهم لايزالون لحد اليوم مقيمين بداخل المؤسسة شاغلين العديد من الأسرة بدون فائدة، حيث منهم من تفوق مدة تواجده وإقامته بأزيد من 20 سنة، وعليه فإن قضية القضاء على الضغط ستكون ممكنة إذا تم اخراج هؤلاء المرضى وتسليمهم إلى أوليائهم... وفي سياق متصل، وبغية التكفل الجيد بهؤلاء المرضى، فقد تم فتح في الآونة الأخيرة الملعب الجواري لكرة اليد وهذا بغية الترفيه عن المرضى الذين هم بحاجة إلى هذه التمارين الرياضية التي تساعدهم في العلاج واجتياز المرض الذي أصابهم، حيث تقام مرة على مرة مباريات فيما بينهم في أجواء يسودها المرح والبهجة والسرور، كما تم فتح مصلحة لما يعرف ب "أرجوتيرابي"، حيث يقوم المرضى بصنع وانجاز العديد من الأعمال اليدوية والحرفية كالنجارة والطرز والخياطة والتي تهدف أساسا إلى المساعدة في العلاج، حيث أن مثل هذه الصناعات الحرفية واليدوية تمكن المريض من استرجاع هدوئه وراحته النفسية التي يفتقدها بسبب الإضطرابات التي كان يعاني منها في الماضي علما أن مدة العلاج في أكثر الأحوال لاتزيد عن 60 يوما مصحة بحاجة إلى رعاية ومن ثمة فإن هذا المستشفى صار هو الآخر بحاجة إلى رعاية من لدن الوصاية، وهذا حتى يتغلب على المثبّطات والمشاكل التي تواجهه، وقد علمنا من -مصادرنا- أنهم لايزالون لحد اليوم ينتظرون فتح مناصب شغل جديدة للأطباء وكذا الممرضين وهذا للتغلب على هذا العدد المتزايد للمرضى، ولكم أن تتصوروا تلك المعاناة التي يواجهها الأطباء في فصل الصيف، حيث يخرج الأغلبية في عطلة لمدة شهر ولا يبقى منهم سوى ثلاثة أطباء، غير أنه ينتظر في الأيام القليلة القادمة إنجاز مصلحتين جديدتين تضاف إلى المصالح السبع الأخرى، ومن شأن هاتين المصلحتين التخفيف كذلك من العجز المسجل في الأسرة وكذا مواجهة الضغط الذي لايزال يشكل نقطة سوداء يعاني منها المستشفى لحد اليوم، ومن بين النقاط السوداء التي لاتزال مطروحة لحد اليوم، نذكر مشكلة عدم قيام الأولياء بزيارة مرضاهم، حيث يتركونهم بالمؤسسة ولا يقومون بإخراجهم واستيلامهم من جديد، مع العلم أن مديرية المستشفى تتكفل حتي بإجراءات دفن هؤلاء المختلين عقليا، وهذا دون أن يكلف أولياؤهم عناء إلقاء نظرة أخيرة على فلذات أكبادهم، كما أنه حتى الهبات والعمل الخيري الذي يقوم به بعض المحسنين ليس كافيا بل وأنه قليل جدّا، بالمقارنة مع الحاجيات والمطالب المتزايدة للمرضى المتخلفين عقليا، تجدر الإشارة إلى أن الزيارة التي قادتنا إلى هذه المؤسسة الإستشفائية التي تزيد مساحتها عن 80 هكتارا، سمحت لنا كذلك بالتعرف عن قرب على عمل الصيدلية العامة لهذا المستشفي، حيث علمنا من بعض العاملين فيها أنها أضحت تعاني من نقص كبير في بعض الأدوية ذات الطلب الواسع والكبير والتي سبق وأن ذكرناها آنفا، حيث أن هذه الصيدلية تقوم كل الثلاثاء باخطار الوزارة الوصية بهذه الندرة لاسيما دواء نوزينو قطرات الذي يقدم في الوجبات الغذائية للمرضى، قبل القهوة، وقبل الفطور وقبل العشاء، ومن ثمة فقد جدد العاملون في هذه المصلحة نداءهم للوصاية كي توفر لهم الدواء وهذا لمواجهة أي طارىء يذكر.