سجّل العديد من الشعراء الجزائريين و محبي القصيد مساندتهم للحراك السلمي الجزائري منذ بدايته بتاريخ 22 فيفري من خلال قصائدهم وأشعارهم للتعبير عن المساندة للمطالب الشعبية وللتعبير أيضا عن حبهم لبلادهم و مستقبلها و حاضرها ، حتى وعن رفضهم المطلق لبعض السياسات المنتهجة و أمور من هذا القبيل. سمية دويفي : " ..هكذا كان حراك هذا الشعب العظيم !" و من بين الشعراء الشباب الذين وضعت بصمتهم في ذلك الشاعرة المبدعة سمية دويفي التي أكدت للجمهورية بأن الشاعر و الفنان والأديب ابن هذا الشعب و جزء لا يتجزأ من كيانه النابض، لهذا فإن الإنسان الشاعر بوصفه أكثر حساسية اتجاه ما يحدث حوله من الإنسان العادي لطالما تفاعل بحساسية أكبر بالنتيجة، وهذا ما لمسناه مؤخرا في كتابات العديد من الشعراء و الكتاب الذين عبروا عن نظرتهم الخاصة للحراك و أخرجوه من الوعي العميق إلى السطح في ثوب قصائد و نصوص ساحرة. وتقول سمية دويفي : " بالنسبة لي .. كل ما يتراكم في داخلي حزنا كان أو فرحا يبلغ نصابه يوما ما ويخرج مني شعرا أو نثرا، هكذا كان حراك هذا الشعب العظيم، تراكمات طيلة 20 سنة انفجرت بشكل جميل في هذا الحراك السلمي الواعي للتعبير عن رفضهم الحضاري للواقع المعاش ورغبة الإنسان الجزائري في تغيير مصيره جامحة للدرجة التي دفعته دفعا إلى خيار السلمية الراجح، الفرح حق مشروع لكل مخلوق على هذه الأرض ، حق مشروع للفراشات ، للطيور ، لنسائم البحر و لشمس هذا الوطن، حق مشروع لكل إنسان يجري في جسده دم العربي بن مهيدي و أمثاله، هذا الشعب يمثلني، هذا الشعب مني وأنا منه، وكل ما يقوله فخامة الشعب أنا معه.. هكذا أرى الحراك شخصيا" . و قد كان للشاعرة سمية دويفي مساهمة حول الحراك في الشق النثري وهذا جزء منها : " كنت قد قررت الرحيل قبل هذا الحراك بوقت قصير تماما... قررت حقا الرحيل لأنني شعرت بالغربة عن كل شيء، كلما استيقظت صباحا أحسست بالغربة عن عيون العابرين في الشوارع، عن إيقاع بداية "قسما" في التلفاز صبيحة عيد.. كنت أهتز لقدومه في صغري و لم يعد يحرك في شيئا، كان هذا البرود الذي أصابني أكثر شيء أحرقني ، كنت أحس أن هذا الشعب الصامت الراكح ليس مني في شيء, وعدت إلى المنزل مكسورة كلما تسببت ثوريتي على العوج في مشكلة لي خارج المنزل, تراكمت الأحزان في داخلي وشعرت بأنني في غربة قسرية لم أخترها ولكنها اختارتني , تعاظم شكي في وهمية الوطنية ، وأردت لنفسي غربة صريحة لن يكون بإمكاني، التململ منها لأنني من ستختارها ... قبل سنتين لم يكن هذا الحزن قد بلغ نصابه في قلبي بعد، ولم يكن انكسار الصمت في حناجر أبناء وطني احتمالا واردا حتى، لكنني رغم هذا كنت أرى شيئا لم يكن بإمكاني تحسسه أو وصفه وتجسيمه، أذكر جيدا أنني أخبرت شلة الصديقات ذات جلسة في مكتبة الجامعة أنني لا أحس أننا نتقدم نحو الأسوأ، لم أجد شرح ما أحسست به،اكتفيت بالقول بأنني أحس بأننا نخطو عموما بخطى ثابتة نحو واقع أفضل من خلال ما ألمحه في هذه الأجيال الصاعدة، وهذا ليس شيئا كان بإمكاني تلمسه وقتها، ببساطة لأنه لم يكن قد تجسد بعد... غدا سألمس هذا القدر الذي تنبأت لنا به ذات حب، في كل وردة يقدمها الشعب للشرطة، في كل شعار يرفع, في كل بحة صوت متعبة, في كل علم يلتحف، و في كل تدافع غامر للحشود " . أسامة رزايقية : " لغتنا تنزف شعرا من أجل أن يحيا الوطن " وفي ذات الجانب كشف الشاعر الشاب أسامة رزايقية لجريدة الجمهورية بأن الشعر هو الصوت الجميل للشعب المعبر عن رأيه في حدود العقل والمنطق وخارج حدود الخيال،معتبرا إياه سلاحا مرافقا لأي تغيير وفتيلا ينزع لتندلع أي ثورة وتصحيح مسار، مضيفا أنه دخل الحراك السلمي على عدة جبهات كأستاذ يهمه تلميذه ومؤسسته التربوية وكطالب جامعي يسعى لفضاء بحث علمي وتعليم عال نزيه ومصور يبحث عن اللقطة الجامعة والمختزلة لجميع تطلعات المتحركين في الشارع وأخيرا كشاعر لغته جرحها الزمن تنزف شعرا فقط من أجل أن يحيا الوطن كما كشف الشاعر أسامة رزايقية أنه كتب نصوصا كثيرة قبل 22 فيفري ،حين كان الجميع في مرحلة الحشد والتوجس والترقب وأخرى بعد ذات التاريخ حين دخل الحراك معترك المطالبة بحقوق الشعب ورحيل من أهانه من الساحة السياسية للجزائر ،و من أجمل ما كتب عن الحراك قصيدة "وطنٌ على مرمى السيادة."...هذه أبياتها : وطنٌ على مرمى السيادة.. وعلى الحكومة مستحقّ والديون على المحكّ وقِّعوا صكّ الإرادة والربُّ ربٌّ فاشهدوا ثم اشهدوا ثم اشهدوا أن المسيرة في دساتيري عبادة والشعبُ شعبٌ والحنين هنا يفور على جباه النازحين بلا هوادة والحبُّ حبُّ والقليل من القصائد والكثير من السياسة والدموع على الوسادة لن تقلق امرأة تحبّ لوحدها رجلا يقلّم ظفرها ويخط لافتة ل"ريتا" البندقية أو لدرويش الشهادة أمٌ تكرّر أنها نزفَتْ ولا زالت تغنّي في السّرى أوبرا الولادة