انتهت الأزمة الدستورية في السودان بالتوقيع بالأحرف الأولى على إعلان دستوري بين المجلس العسكري الانتقالي و ممثلي قوى المعارضة الرئيسية أول أمس، و تمهد هذه الوثيقة الطريق نحو تشكيل حكومة انتقالية تسير البلاد خلال مرحلة انتقالية تدوم ثلاث -3- سنوات ، و قبل هذا سيتم تشكيل مجلس سيادي يضم 6 شخصيات مدنية و5 شخصيات عسكرية تسند له مهمة تعيين رئيس وزراء وتشكيل حكومة مدنية على مبدأ تقاسم السلطة في البلاد ،و بهذا يمكن للسودان الخروج من الأزمة القائمة رغم أن بعض الآراء تشير إلى أن المشاكل التي يعاني منها هذا البلد هي أكبر من هذا الحل الذي تم التوصل إليه ، وإن كان لنا أن نجري مقارنة بسيطة بين الوضع في السودان ،و ما تشهده بلادنا من انسداد سياسي نقف عند نقاط خلاف منها أن النزاع في السودان الذي بدأ بخروج السودانيين للمطالبة برحيل الرئيس السابق عمر البشير قد تطور بوصول الجيش إلى سدة الحكم وهو ما رفضه الشارع السوداني وواصل مسيراته و احتجاجاته لينتهي الأمر إلى التوقيع بالأحرف الأولى على الإعلان الدستوري بين السلطة العسكرية وممثلي قوى المعارضة ، وهو ما لا يوجد في الجزائر التي هي تحت سلطة رئيس دولة تم تعيينه بمقتضى الدستور و قد مددت فترة حكمه بفتوى من المجلس الدستوري في انتظار تنظيم انتخابات رئاسية التي سينبثق عنها رئيس شرعي للبلاد ، هذا من جهة ومن جهة أخرى فإن مسار الأحداث في الجزائر شمل استقالة رئيس الجمهورية السابق و إقالة الحكومة السابقة بما فيها رئيسها لتعين حكومة جديدة لتصريف الأعمال في المرحلة الانتقالية ، لكن الشارع الجزائري ممثلا في الحراك الشعبي قد رفض رفضا قاطعا الحكومة الجديدة و أجلت الانتخابات الرئاسية إلى أجل غير مسمى إن لم نقل ألغيت لتلوح في المشهد السياسي عدة احتمالات و هواجس و انسداد في غياب الحلول والمخارج ، وبين شارع يحتضن الحراك الشعبي ، وسلطة تتمسك بالبقاء طال أمد الأزمة التي دخلت الشهر السادس في غياب أي بوادر للانفراج والحل ضمن وضع يراوح مكانه في دائرة التمثيل و الانضمام إلى لجنة الحوار والوساطة أو عدمه و غيرها من القضايا و الجدل الذي أثير عقب بروز لجنة الحوار والوساطة وتقديمها مطالب للبدء جديا في الحوار و هي المطالب التي رفضت ، وتلجأ هذه اللجنة التي استقال إثنين من أعضائها إلى اقتراح تشكيل لجنة حكماء لإدارة الحوار. إنه لا يمكن تشبيه النتائج المحققة في حل الأزمة السودانية بما يحدث في الجزائر انطلاقا من أن المطلوب في معالجة الوضع عندنا هو البحث عن شخصيات توافقية و ذات مصداقية و تقديم ضمانات و تنازلات من الطرفين لإطلاق حوار حقيقي يتقدم إلى الأمام، و قطع خطوات مهمة على مسار الحل السياسي لعودة البلاد إلى الوضع الطبيعي في كل المجالات. ومن هنا فإنه بدلا من أية محاولة للمماطلة و إطالة عمر الانسداد السياسي و كثرة الجدل يبقى المطلوب اليوم هو سرعة إيجاد الحلول و الوصول إليها قبل الدخول الاجتماعي لتفادي المزيد من الخسائر في كل القطاعات.