لا زالت البنايات القديمة بوسط مدينة وهران تشكّل ملفا شائكا بسبب تدهورها الكبير وتحوّلها إلى منطقة عبور نحو السكن الاجتماعي ، ما جعل مئات البنايات المصنفة في الخانة الحمراء عرضة لخطر الانهيار و بانتظار الالتفاتة الجادة للسلطات المحلية اليها بغية انتشال قاطنيها من خطر الموت تحت الانقاض الذي يهدد حياتهم في أية لحظة. و نفس الأمر بالنسبة للعمارات الشاغرة التي تم ترحيل سكانها خلال الأربع سنوات الأخيرة و تم اقتحامها من قبل غرباء دون أن يلوا أية أهمية للجدران و السلالم المهترئة و الأسقف المتصدعة و التي لم تتمكن الجهات الوصية من ازالتها و لا بيعها عن طريق المزاد العلني باعتبار أن جزء معتبر منها يعود الى الخواص ، و هو ما انعكس سلبا على مظهر المدينة و كذا على سكانها الذين يترقبون حلول دورهم لتوديع حياة الغبن بهذه البنايات التي تحولت الى هاجس لهم حسبما أشار اليه العديد من سكانها بحي المدينة الجديدة و سانت أنطوان و شارع الإخوة براي بحي البدر، الى جانب سان بيار و ميرامار و شارع حمو مخطار ، و سانت أوجان و قمبيطة و الحمري و غيرها من المناطق التابعة لبلدية وهران المهددة بالانهيار المفاجئ ، علما بأن عددها بلغ أزيد من 1000 بناية مدرجة في الخانة الحمراء حسب تصريحات مديرية السكن التي أكدت بأن 20 بالمائة منها استفادوا قاطنوها من سكنات لائقة على مستوى القطب العمراني الجديد ببلقايد و بقديل ووادي تليلات . حتى السكنات المرحل أصحابها لم تهدم بعد واقتحمت من جديد و ما تجدر الاشارة اليهم هو أن رغم عمليات الاحصاء التي سبق و أن قامت بها القطاعات الحضرية التابعة لبلدية وهران منذ سنوات بغية ضبط عدد البنايات المهددة بالخطر الا أنها لم تكن دقيقة لا سيما و أن هناك العديد من البنايات التي هي تحت تهديد حقيقي خاصة على مستوى حي الدرب و سيدي الهواري و بسانت أوجان و سان بيار و التي يخاف أي شخص الدخول اليها منذ أول وهلة تطأ قدمه بها لم تمسهم هذه العملية ، و رغم الشكاوى العديدة التي رفعوها في الكثير من الأحيان الى مصالح بلدية وهران و الدائرة بغية التدخل و انقاضهم من هذه المعاناة الا أن شيئا لم يتغير و هو ما يجعل مخططات حماية سكان البنايات القديمة من الخطر تواجه فشلا لعدم ارتكازها على المعلومات الحقيقية حتى تكون التدخلات مدروسة . يأتي هذا دون أن ننسى الجانب الآخر الهام و المتعلق بلجوء بعض من قاطني هذه السكنات الى تشييد بيوت فوق أسطح العمارات الهشة بغية حل مشكل الضيق أملا منهم في الحصول على سكنات اجتماعية لاحقا غير مبالين بما قد يلحقه هذا التصرف من ضرر عليهم و على باقي الجيران ، ناهيك عن تفشي ظاهرة الاستحواذ على البنايات الشاغرة المحفوفة بالخطر من قبل غرباء على مستوى منطقة سيدي الهواري و بسانت أنطوان خاصة أمام صمت مصالح البلدية التي لم تحرك ساكنا لإخراجهم منها و اكتفت بعد الترحيل بغلق أبواب العمارات بالاسمنت و هدم المطبخ و الحمام بالشقق دون حراستها الى غاية هدمها او استغلال أوعيتها العقارية ، علما بأن العديد من سكان العمارات المحاذية لها طالبوا في العديد من المرات من بلدية وهران بالتدخل ووضع حد لهذه الظاهرة خاصة و أن هناك بعض الاشخاص قاموا باقتحام عمارات مثلما هو الشأن بالنسبة لسانت أنطوان و قاموا بإعادة تهيئة المدخل و السلالم و الشقق بداخلها و اتخذوا منها مساكن لهم بدل اللجوء الى البناء بالفوضوي ، دون أن ننسى الاشارة أيضا الى أصحاب المحلات التجارية التي تتواجد أسفل البنايات و الذين لا زالوا يمارسون نشاطهم بها رغم أنها تهدد حياتهم مؤكدين بأنهم تحصلوا على وعود لتعويضهم بأخرى منذ أزيد من ثلاثة سنوات و لكن الوضع لا زال على حاله و هو ما جعلهم يعملون على استغلال بعض الشقق الاخرى كمخازن لسلعهم . و في ذات الصدد أوضحت بلدية وهران بأن تدخلهم يقتصر على غلق أبواب البنايات المصنفة في الخانة الحمراء الشاغرة و كذا اخلائها من الغرباء في حال تم اخطارهم بذلك من قبل السكان بتلك الاحياء العتيقة ، أما بالنسبة لولاية وهران فقد سبق لمسؤولها التنفيذي الأول مولود شريفي و أن أكد خلال العديد من المرات صعوبة ازالة البنايات الشاغرة على مستوى الاحياء القديمة لا سيما بحي سيدي الهواري و هذا لكونها مرتبطة ببعض الاعمدة الحديدية ببنايات أخرى هشة و بالتالي في حال القيام بأية عملية للهدم ستتضرر باقي العمارات الاخرى التي لا تزال مشغولة من قبل السكان ، اضافة الى كون عدة عمارات بالحي ذات ملكية خاصة و قد وجهت مصالحهم ارساليات الى ملاكها من أجل ترميمها أو التصرف فيها بغية وضع حد لظاهرة الاستحواذ عليها الا أنها عادة ما تقوم باعادة تأجيرها الى أشخاص آخرين رغم انها مصنفة في الخانة الحمراء و قد رحل سكانها سابقا ، يأتي هذا في الوقت الذي صرح فيه والي وهران عبد القادر جلاوي على اثر حادثة الانهيار التي مست بناية القديمة ذات ملك خاص حي «جول فيريي» ان مصالحهم ستتكفل بملف قاطني البنايات الهشة المصنفة في الخانة الحمراء و التي وضعوها ضمن أولى اهتماماتهم مؤكدا بأنهم سيعملون على عقد اجتماع استعجالي من أجل تشخيص الوضع بغية التدخل ووضع حد لمثل هذه الحوادث الخطيرة .