قال رئيس الفوج المعد لمشروع قانون المحروقات، السيد توفيق حكار، أن الانطلاق في العمل بنصوص هذا القانون "ضرورة حتمية وليس خيارا" لتجنب العجز الهيكلي في واردات البلاد المتوقع بحلول سنة 2030. وأوضح السيد حكار في حوار خص به يومية "الخبر"، نشر اليوم الأحد، أن تأجيل العمل بمضمون هذا القانون ستكون له نتائج وخيمة على الاقتصاد الوطني، منتقدا الضجة التي أثيرت حول القانون قبل الاطلاع على مضمونه. ولدى تقديمه لتفاصيل اعداد تعديلات هذا القانون أوضح السيد حكار قائلا انه :" لا سيادة وطنية دون أمن طاقوي.. وأي تضييع للوقت هو تضييع لفرصة كبيرة على الجزائر لضمان أمنها الطاقوي"، خاصة بعد تأكيد الدراسات المنجزة على "تسجيل عجز هيكلي كبير في آفاق العام 2030 سيجعل من المجمع البترولي سوناطراك غير قادر على تصدير المحروقات". ووفقا للدراسات الدقيقة المنجزة، تحتاج سوناطراك مع شركائها إلى 10 سنوات أخرى لإنتاج أول قطرة جديدة من البترول والغاز، يؤكد السيد حكار، الذي أوضح أن هذا الوضع يستدعي الانطلاق في ابرام عقود جديدة مع الشركاء الاجانب لتجنب الوقوع في ازمة حادة ينتج عنها تراجع مداخيل الجزائر ابتداء من 2030. وبعد تأكيده على إعداد مشروع هذا القانون من طرف كفاءات جزائرية، اوضح نفس المسؤول أنه سيساهم مستقبلا في "تحسين مناخ الأعمال في قطاع الطاقة ومعالجة مسألة التأخر في إصدار التراخيص من طرف الوزارة الوصية بالإضافة الى مسألة عدم مواكبة النظام البنكي الجزائري للتعاملات الخارجية لسوناطراك خاصة فيما يتعلق بتحويل الاموال الى الخارج". هذا الوضع دفع بالعديد من الشركات الاجنبية المستثمرة في الجزائر الى تغيير وجهتها للاستثمار في دول اخرى،حسب السيد حكار . ووفقا لنتائج تشخيص مكاتب الدراسات الدولية التي استعانت بها سوناطراك لدراسة الوضع الطاقوي في الجزائر وتأثير مناخ الاعمال على جذب الاستثمارات الاجنبية، فإن الجزائر منحت 13 عقد استغلال من بين 67 رقعة معروضة للاستكشاف والتطوير منها 4 عقود لمجمع سوناطراك خلال الفترة الممتدة بين 2008 و2014، فيما تم منح 9 رقعات للشركات الاجنبية غادر منها 5 شركاء أجانب. ووفقا لنفس المسؤول فإن مشروع هذا القانون يضمن الحفاظ على السيادة الوطنية من خلال الآليات التي يتضمنها فيما يخص انجاز العقود، بحيث تمنح العقود من خلال وكالة "ألنفط" عن طريق دعوة للمنافسة لسوناطراك هذه الاخيرة التي يمكن ان تتفاوض مع الشريك الأجنبي الراغب في الاستثمار بقطعة أو مشروع ما على عقد متوازن يوجه الى وكالة ألنفط للنظر فيه او تعديله ثم يوجه الى وزير القطاع للموافقة عليه وعرضه على مجلس الوزراء للمصادقة . وفي هذا الإطار فإن الشريك الأجنبي يتحمل المخاطر في مجال الاستكشاف وتكاليف الاستثمار، بما يحافظ على مصالح مجمع سوناطراك. ويتم ابرام هذه العقود إما في اطار عقود الامتياز لمدة 30 سنة والتي تمنح لسوناطراك لوحدها، أو في اطار عقود الشراكة التي تأخذ ثلاث صيغ : إما تقاسم الانتاج أو الخدمات ذات المخاطر أو صيغة المشاركة، يتابع السيد حكار. وفي حال عدم احترام الالتزامات وتجاوز الضوابط القانونية أو التعدي على البيئة يتم تطبيق عقوبات تتراوح بين غرامات مالية وسحب الرخصة والعقد . للإشارة فإن مشروع قانون المحروقات الجديد لا يسري على العقود والحقول المستغلة حاليا كما لم يتضمن أية اعفاءات جبائية جديدة، وإنما تضمن تخفيضا في نسبة العبء الجبائي قصد تشجيع الأجانب على الاستثمار، وتم اضافة ضريبة جديدة على النتيجة بنسبة 30 بالمائة وفقا لما هو معمول به في النظم الجبائية العالمية. وحول حق الشفعة أفاد السيد حكار أن تقليص المدة من 90 يوما الى 60 يوما جاءت لتتماشى مع التعاملات الدولية ، وتحفيز الادارة على اتخاذ القرارات مما يقضي على البيروقراطية في الاجراءات. وعن ادراج استغلال الغاز الصخري ضمن مشروع هذا القانون، قال رئيس الفوج ان استغلال الغاز الصخري وطاقات أخرى مستخرجة من الصخور على غرار "تايت غاز" وغاز صخور الرخام وغيرها، "تبقى مسألة استشرافية لا يعني أن الاستكشاف سيتم في الوقت الراهن وإنما من شأنه ضمان الاستقرار في الإطار القانوني في حال اللجوء إلى استغلالها مستقبلا". وفي إطار مشروع هذا القانون تم الرفع من قيمة وكالة "ألنفط"، لتصبح وكالة ضبط، لديها سلطة الرقابة وصلاحية الغاء وإعطاء الأوامر دون أن تكون طرفا متعاقدا، إلى جانب دورها في تثمين المجال المنجمي الجزائري وتقييم الاحتياطات واطلاق المناقصات وضبط خارطة كل العمليات والانشطة البترولية . وحسب نفس المسؤول فإن على المتعاملين الراغبين في الاستثمار في القطاع فيتعين عليهم استعمال اموالهم دون اللجوء الى البنوك لطلب القروض، إلى جانب ذلك ينص مشروع القانون على منح الاولوية للشركات الوطنية في مجال المناولة وتوظيف اطارات جزائرية في الحقول. من جانبها كشفت وزارة الطاقة في وثيقة خاصة عن الدوافع الموضوعية لإعداد القانون الجديد للمحروقات، المرتبطة أساسا بتحسين شروط الاستثمار سيما في مجال التنقيب وإعادة الاعتبار للمجال المنجمي. وتؤكد هذه الوثيقة التي اعتبرت أن مشروع هذا القانون يكتسي "طابعا استعجاليا" ، بالنظر الى تراجع عمليات الحفر في عمليات التنقيب، بحيث لا تتعدى الاكتشافات في مجال الشراكة اكتشافين اثنين كل سنة منذ 2010. يذكر ان صياغة مشروع هذا القانون تمت بدءا من سنة 2017 ، أين تكفل بها فوج عمل تحت اشراف اللجنة الوزارية التي يترأسها وزير الطاقة بمشاركة رئيسي الوكالة الوطنية "ألنفط" وسلطة ضبط المحروقات إضافة الى المدراء العامين بالوزارة والرئيس المدير العام لمجمع سوناطراك.