* email * facebook * twitter * linkedin أكد مدير المحروقات بوزارة الطاقة، مصطفى حنيفي، أنه لا مفر من تطبيق مشروع قانون المحروقات الجديد، وإلا ستلجأ الجزائر إلى "استيراد الغاز في آفاق 2030"، كاشفا عن نفاد 60 بالمائة من احتياطات الغاز والبترول المغطاة بعقود. وقال حنيفي إن سوناطراك لا تستطيع مواصلة النشاط وحدها، في ظل عزوف الشركات الأجنبية عن إبرام عقود جديدة للاستكشاف والاستغلال، بسبب القانون الساري المفعول الذي يعيبه بالخصوص "التعقيدات الكبيرة في النظام الجبائي". وتحدث أمس ضيف منتدى يومية "المجاهد" عما أسماه "وضعية صعبة" يمر بها قطاع المحروقات، بل رسم "سيناريو كارثي" على المدى المتوسط، في حال لم تتم المصادقة على النسخة الجديدة من قانون المحروقات، والتي شدد على أنها "نتاج عمل جزائري 100 بالمائة" دام ثلاث سنوات، وكأنه أراد بذلك الرد بطريقة غير مباشرة على مئات المحتجين، الذين كانوا متواجدين على بعد أمتار من مقر الجريدة، لمطالبة البرلمانيين بعدم المصادقة على هذا القانون، معتبرينه محاولة "بيع" لثروات البلاد للأجانب، لا سيما بعد أن صرح وزير الطاقة محمد عرقاب مؤخرا، بأن إعداده تم بالتشاور مع الشركات البترولية الأجنبية. وقدم المسؤول بالوزارة شروحا تقنية عن أهم ما تضمنه القانون الجديد، ردا على الانتقادات التي وجهت لنص القانون الذي، للإشارة، لم تتطلع عليه الصحافة لحد الآن، مكتفية بما تضمنته بيانات الوزارة الأولى بشأنه، وهو ما جعل السيد حنيفي يعترف بوجود "مشكل اتصال حقيقي"، واعدا بنشر نص مشروع القانون على الموقع الالكتروني للوزارة لاحقا. 150 اكتشافا جديدا لم تطوره سوناطراك وفيما امتنع عن الإجابة عن الشق السياسي الذي يخص قانون المحروقات، ولا سيما الجدل الكبير بشأنه مثلما حدث مع قانون 2005، وكذا أحقية الحكومة الحالية في تقديمه والمصادقة عليه، قدم "لوحة قاتمة" عن واقع المحروقات ببلادنا، وتحدث بلغة فيها الكثير من "التخويف"، حول مصير الأمن الطاقوي للبلاد ومصير تنميتها الاقتصادية والاجتماعية، منتقدا بشدة مضمون قانون المحروقات الراهن، بالرغم من التعديلات الكثيرة التي عرفها منذ 2013، في محاولة لجلب المستثمرين الأجانب، وهو ما لم يتم، مشيرا إلى أنه "حتى الصينيين لم يرغبوا في المجيء للاستثمار". واليوم يقدم القانون الجديد - مثلما قدم في 2005- بصفته "المخلص" الذي سيعيد لقطاع المحروقات سابق عهده، لا سيما ذلك الذي عاشته الجزائر بعد قانون 1986 والذي مكن – كما ذكر المسؤول- من "توقيع أكثر من 80 عقدا مع الأجانب" كما مكن من "تطوير عدة حقول هامة ومنها حاسي بركين الذي ينتج حاليا 250 ألف برميل يوميا، ما مكننا من ضمان الأمن الطاقوي للبلاد وتشكيل احتياطات هامة"، في حين لم يتم توقيع "سوى 12 عقدا في أربع مناقصات" بعد قانون 2005، ولم تثمر مناقصة شملت 31 حوضا سوى 4 عقود، وذلك بعد التعديلات التي مست القانون الحالي في 2013. كما كشف المسؤول عن وجود 150 اكتشافا لم تستطع سوناطراك تطويرها، بسبب القانون الساري المفعول، برغم التعديلات التي مسته. كلها عوامل – كما أضاف- دفعت بالإطارات الجزائرية المكلفة بدراسة الأمر، إلى اتخاذ قرار إعداد قانون جديد بدل إعادة تعديل الحالي. وأهم جزء مسه التغيير العميق هو "النظام الجبائي" الذي يعتبر "تعقيده الكبير"، بل - كما قال – "الأكثر تعقيدا في العالم". ولذلك تم الاطلاع على تجارب بلدان أخرى في هذا المجال، وفق الشروح المقدمة من طرف السيد حنيفي والسيد توفيق حكار نائب رئيس بسوناطراك، حيث تمت الإشارة إلى أن المنافسة المتزايدة والمتنامية في المحروقات، خصوصا بعد اكتشاف عدد من البلدان لحقول غازية هامة، تفرض البحث عن مخارج "واقعية" تمكن البلاد من جلب مستثمرين جدد قبل استنزاف الاحتياطات المتبقية. الشراكة خيار استراتيجي التشخيص الذي تم إعداده، يوضح أن "الأجانب غير مهتمين بالاستثمار بحقولنا في ظل هذا القانون، لا سيما في شقه الجبائي المعقد، خاصة بعد تراجع أسعار النفط في ظل فرض ضريبة تصل إلى 85 بالمائة من الأرباح على الشركات الأجنبية وكذا سوناطراك... والأخيرة لا تستطيع وحدها مواصلة العمل على مساحة 1.5 مليون متر مربع... كما أن القانون الحالي لا يسمح حتى لسوناطراك بتطوير حقولها"، حسب الشروح التي قدمها السيد حنيفي، الذي شدد على أن "الشراكة خيار استراتيجي" لأن "سوناطراك لا تملك لا الوسائل المادية ولا البشرية للعمل وحدها... فهي تحتاج لمن يقاسمها الأخطار ولمن يساعدها على تطوير خبراتها والتكنولوجيات التي تشتغل بها...بما يمكنها من النشاط هنا والاستثمار في الخارج". وحذر المتحدث من أن الاستهلاك المتزايد للمحروقات على المستوى الوطني، والذي ينمو سنويا بحوالي 5 بالمائة، وكذا الانخفاض المتواصل في إنتاج الحقول الكبرى التي قال إنها حاليا تنتج بفضل عمليات "البوستينغ" التي توجد في مرحلتها "الثالثة"، وهو ما يعتبر "إعطاء منشطات" لهذه الحقول للحفاظ على مستواها الإنتاجي، سيؤدي إلى استنزاف مواردنا من المحروقات، ما يعني أن اكتشاف حقول جديدة يعد أمرا حيويا بالنسبة للقطاع وللبلاد، حتى لا نصل إلى مرحلة "استيراد الغاز". وبخصوص أهم ما حمله مشروع القانون الجديد،أوضح السيد حكار أن أهم جزء تم العمل عليه بعمق هو "الجانب الجبائي"، الذي تم تبسيطه لجعله محفزا أكثر، لكنه شدد على أنه يطبق على الجميع بمن فيهم سوناطراك بنفس الطريقة، وأنه لم يتم تفضيل الشركات الأجنبية على سوناطراك في هذا المجال. وبالنسبة لضريبة الإنتاج، قال انه تم الإبقاء عليها بالنسبة للعقود السابقة إلى حين نهايتها، فيما لن تطبق على العقود التي ستوقع وفقا للقانون الجديد في حال المصادقة عليه، إلا في حالة ارتفاع كبير في أسعار النفط أو اكتشاف حقل كبير. وتم التأكيد على أن قاعدة 51/49 تبقى سارية المفعول بالنسبة لنشاطات الاستكشاف والاستغلال، كما تبقى سوناطراك محتكرة لنشاط النقل. وبخصوص العقود أوضح السيد حكار أنه تم تحديد ثلاثة أنواع وهي "عقود تقاسم الإنتاج" و«عقود تقاسم المخاطر" و«عقود المشاركة"، فيما خصصت "عقود الامتياز" لسوناطراك وحدها. وتم الإبقاء على وكالتي الضبط، لكن مع تعديلات في بعض من مهامهما، ولاسيما "ألنفط" التي أقصيت من توقيع العقود، التي ستتم وفقا للقانون الجديد بين سوناطراك وشريكها فقط. كما تم تقليص صلاحيات وزير الطاقة للعمل على التقليل من الآجال ومن البيروقراطية. وتضمن القانون لأول مرة جزءا خاصا بالأمن والسلامة والبيئة في نشاطات المحروقات، والذي يمس الأفراد والهياكل الغازية والبترولية، عملا على حماية أفضل لها.كما تمت الاحتفاظ ب«حق الشفعة". إما الغاز الصخري أو استيراد الغاز بالمقابل، لم يتم تخصيص جزء في القانون خاص بالمحروقات غير التقليدية، وبرر المسؤولان ذلك بكون الأخيرة ستصبح بمرور الوقت وتطور التكنولوجيا "محروقات تقليدية" وبهذا فإنها ستخضع لنفس التدابير. ورغم أنهما لم يتحدثا عن الشروع في استغلالها ولاسيما الغاز الصخري، لم يستبعدا ذلك، بالنظر إلى القدرات الهامة للجزائر في هذا المجال والتي تقدر بحوالي 20 مليار متر مكعب بالنسبة للغاز. وقال السيد حنيفي في هذا الصدد أنه في حال وجدنا أنفسنا في وضع نختار فيه بين "الغاز الصخري واستيراد الغاز"، فان الاتجاه سيكون واضحا، معقبا على ذلك بالتساؤل" كيف سنقتني الغاز؟" وبخصوص قضية "توتال وأناداركو"، أوضح مدير المحروقات بوزارة الطاقة، أنها في طور الدراسة، وأنه يتم حاليا جمع الوثائق المتعلقة بصفقة أنادراكو وأوكسيدونتال أولا، والتي ستستغرق على الأقل ثلاثة أشهر، ليتم بعدها دراسة الوثائق المتعلقة بصفقة اقتناء توتال لأصول أناداركو بإفريقيا ومنها أصولها بحقل بركين. وسيتم اثر استكمال دراسة الوثائق اتخاذ القرار من طرف وزير الطاقة بشأن استعمال حق الشفعة.