تمر اليوم الذكرى ال 49 لإستعادة السيادة الاقتصادية للجزائر التي أبدت بعد عدة عقود من التبعية التامة للمحروقات، عزمها على رفع تحدي الانتقال الطاقوي الذي يعتبر ركيزة مهمّة من ركائز التنمية لبناء الجزائر الجديدة، من خلال تأكيد رئيس الجمهورية، عبد المجيد تبون، على ضرورة تحرير الجزائر من التبعية للمحروقات. تحتفل، الجزائر، اليوم، بالذكرى المزدوجة لتأسيس الاتحاد العام للعمال الجزائريين وتأميم المحروقات المصادف ل 24 فيفري من كل سنة وهو التاريخ الذي شكل منعرجا حاسما في استعادة السيادة الاقتصادية، وتحتضن العاصمة وولاية حاسي مسعود هذه السنة الاحتفالات الرسمية من خلال زيارتين لمصفاة العاصمة وأخرى لحاسي مسعود وهي الولاية التي تعرف أكبر قطب غازي وبترولي بامتياز محققة بذلك استثمارات كبرى في هذا المجال. ويزخر الجنوبالجزائري بأغلب ولاياته بطاقات وثروات باطنية كبيرة بترولية وغازية يحسب لها ألف حساب خاصة بعد الاستكشافات الجديدة والمتعدّدة التي قامت بها الجزائر منذ الاستقلال، والاستثمارات الضخمة التي صبتها الدولة في هذه المناطق، وما لها من تأثير مباشر مع المواطن وخدمة احتياجاته اليومية. سياق خاص وتحولات اقتصادية مهمة وتأتي هذه الذكرى في سياق خاص، يتميز بتحولات سياسية واقتصادية هامة، من خلال "عقد جديد" يعتمد بشكل خاص على الانتقال الطاقوي الذي سيشكل من الآن فصاعدا ركيزة للتنمية، بالنظر إلى الإمكانيات التي يتمتع بها البلد، لاسيما من موارد الطاقة المتجددة. لذلك، فإنه من المقرر أن يسمح هذا الانتقال للجزائر بالتحرر تدريجيا من التبعية للموارد التقليدية وإحداث حركية لبروز نموذج طاقة مستدامة. بخصوص النجاعة الطاقوية، سيركز مسعى الحكومة على تعميم عمليات العزل الحراري في المنشآت الجديدة، ووضع برنامج وطني لتحويل المركبات إلى الغاز النفطي المسال (سيرغاز) وتطوير الغاز الطبيعي المضغوط بالنسبة لمركبات النقل الجماعي وتزويد شبكة الإنارة العمومية والإدارات العامة بأجهزة ذات الاستهلاك المنخفض وكذا وضع إطار تنظيمي يحظر استيراد وإنتاج المعدات المستهلكة للطاقة. وبالموازاة مع تطوير الطاقات المتجددة، تعتزم الحكومة تكثيف جهودها في مجال البحث والاستكشاف، سيما في عرض البحر وشمال البلد، بغية إبراز احتياطات جديدة من المحروقات واستغلال أمثل لحقول المحروقات، من خلال استخدام مناهج الاسترجاع المدعم، مع المحافظة على الحقول وكذا تعزيز القدرات الإنتاجية. فيما يخص الإطار التشريعي، سنت الجزائر قانونا جديدا يسير نشاطات المحروقات، يتضمن مراجعة الإطار الجبائي والقانوني والمؤسساتي الخاص بالقطاع. كرونولوجيا التأميم وسمح تأميم المحروقات الذي تقرر منذ 49 سنة للجزائر بتعزيز تحكمها في مواردها الطبيعية وببسط السيادة الوطنية على ثروتها النفطية مع فتح الآفاق لورشات كبرى أخرى للتنمية الاقتصادية و الاجتماعية للبلاد. ووضع هذا القرار التاريخي -الذي أعلنه الرئيس الراحل هواري بومدين في 24 فيفري 1971 بمقر الإتحاد العام للعمال الجزائريين ويتضمن هذا القرار حيازة الجزائر-بعد مسار طويل من المفاوضات بدأ في 1967- 51 بالمائة على الأقل من الشركات الفرنسية الحاصلة على الامتياز و الناشطة في جنوب البلاد مع شركات أخرى متعددة الجنسيات. وأتبع قرار التأميم بالتوقيع في 11 أفريل 1971 على أمر يتضمن إصدار القانون الأساسي حول المحروقات الذي يحدد الإطار الذي ستمارس فيه الشركات الأجنبية نشاطاتها المتعلقة بالاستكشاف والتنقيب عن المحروقات. وبموجب هذا القرار الإستراتيجي تمكنت الجزائر من حيازة 51 بالمائة على الأقل من الشركات الفرنسية الحاصلة على الامتياز على غرار "سي أف بي أ« و "بتروبار" و«كوباركس" وغيرها. كما تم تأميم كل المصالح المنجمية التي تحوي حقول الغاز الطبيعي وكذا كل المصالح التي تحوزها شركات نقل المحروقات يوم 24 فيفري 1971، وتسوية النزاع الناجم عن هذا القرار نهائيا بالتوقيع- في 30 يونيو 1971 بين سوناطراك و "سي أف بي أ« و 13 ديسمبر من نفس السنة بين سوناطراك و "أو.أل.أف-أو.أر.أ.بي"- على اتفاقيات حول الشروط الجديدة المحددة لهذه الأنشطة في الجزائر. وبالإضافة إلى بعده السياسي أدى بسط السيادة الوطنية على قطاع المحروقات إلى بروز الشركة الوطنية لنقل وتسويق المحروقات (سوناطراك) بقوة في المشهد الإقليمي وحتى الدولي رغم حداثة نشأتها. ورغم أنها واجهت تحديات تقنية لتعويض الشركات المتعددة الجنسيات التي كانت تحتكر استغلال الثروات الوطنية تمكّنت سوناطراك من رفع الرهان في غضون سنوات قليلة قبل أن تصل نهاية سنوات 1970 إلى مستوى معتبر من الإدماج في عدة فروع تتعلق بالصناعة النفطية والغازية الدولية انطلاقا من الاستكشاف إلى الإنتاج والتسويق. ومن جهة أخرى حصلت الجزائر دائما-عن طريق سوناطراك- على الأغلبية في جميع الاستثمارات الأجنبية في الحقول النفطية والغازية في البلاد وهي وضعية تعززت بعد إصدار عدة قوانين في أربعة عشريات. وسمح هذا بتعزيز سيادة الدولة الجزائرية على ثرواتها النفطية والغازية والمنجمية.