اجعل قلبك عند ربك حتى لا يضيع منك !!!! ولا تأمن عليه الدنيا ،فإنها ماكرة، واحذر أن يُسرق منك قلبك وأنت غافل، يُروى أن تاجرا ألهته الدنيا، وسار به الزمن ،يجمع المال، يشتري المساكن، ويسعى لتوسيع تجارته كل يوم حتى قارب الستين من عمره ، وقد غفل حتى عن الاعتناء الأمثل بوا لديه الكبيرين، رغم أنه ينفق عليهما إلا أنه نسي أن الرعاية ليست طعاما وشرابا فقط، وفي صباح أحد الأيام استيقظ على خبر موت أبيه بعد مرض شديد ألم به، فتأثر لذلك ،ونظر من حوله وأخذ يلوم نفسه ،ولكن سرعان ما سارت به الحياة ودارت عليه عجلتها ،ولم تمر إلا أيام قلائل ثم فجع في والدته التي ماتت فجأة، وعلى غير انتظار، ونزل عليه موت أمه كالصاعقة . لأنها منبع الحنان، ثم انتبه لنفسه ، وأحس المسكين أنه فقد قلبه، ونسي أن الدنيا هي من أخذت منه قلبه ،وليس الموت الذي حل بوالديه فخرج يبكي مغموما مهموما وهو ينادي : أين قلبي ...،أين قلبي ؟!.. من وجد منكم قلبي ؟!...... وهو على تلك الحال من الاضطراب ،!!!! دخل في أحد الأزقة ،فرأى صبيا يبكي وأمه تضربه عند الباب ، ثم تركته خارج البيت ،وأغلقت عليه الباب !!.. فالتفت الصبي يمينا وشمالا مذعورا، لا يدري أين يذهب ، ولا من يقصد !!.. ثم رجع إلى باب المنزل ، فوضع رأسه على عتبته ،ونام والرجل التاجر يراقبه، وكأن الأمر ألهاه قليلا عما يحس به من لوعة فراق أمه وأبيه من قبل. وبعد فترة قصيرة استيقظ الصبي مذعورا وأخذ يبكي بكاءا شديدا ويقول :. يا أماه :من يفتح لي الباب ، اذا أنت اغلقت علي بابك ؟!.. ومن يقربني من صدره ،اذا أنت طردتني ؟!!. ومن الذي يأويني بعد أن غضبت علي؟!! كل ذلك والتاجر يرقبه ويعجب لحاله، وسمعت الأم صوت وليدها فنظرت من الشباك ،ورأت ولدها ممرغا بالتراب ، والدموع تنهمر من عينيه، فرحمته ،وفتحت له الباب ،وضمته الى صدرها ،وقبلته ، وقالت : يا قرة عيني ، وعزيز نفسي ، أنت الذي حملتني على فعل هذا ،لو كنت أطعتني ، ما رأيت مني ذلك !! وهنا صاح الرجل :وجدت قلبي ،وجدت قلبي ، إن قلبي عند ربي!!! لقد وجدت قلبي !!! وأنت هل عرفت كيف أضاع قلبه ؟ لقد أضاع قلبه يوم أن ألهته الدنيا فغفل حتى عن والديه، ولم يستمتع بقربهما ، فرحمة بهما و رحمة به أيضا أخذهما الله منه ليستيقظ ، ثم ليستفيق، والآن هل عرفت كيف وجد قلبه ؟ وجد قلبه يوم وفاة والديه فعلم قوله تعالى : (إِنَّ إِلَى رَبِّك الرُجْعَى ) لقد أضاع قلبه في شعب الدنيا ، وملهياتها وملذاتها ثم أدركته العناية الربانية فوجد قلبه في التذلل لله على عتبة باب ربه، والخضوع لمولاه ،.ورجاء عفوه ومغفرته، والفرار منه إليه ، فإن كل شيء نخافه نفر منه ، الا الله اذا خفنا منه فررنا إليه!!! فقل عند كل نعمة الحمد لله !!! وعند كل مصيبة عفوك يا الله!!! والآن ابحث أنت عن قلبك عند عتبة ربك، فانه أرحم بك من الوالدة بولدها!! ، فان وجدت ربك فما فقدت شيئا ؟!...... وإن فقدت ربك فما وجدت شيئا؟!! قال الله تعالى :{ففروا إلى الله إني لكم منه نذير مبين }. كن أوّابا لربك اصعد بقلبك إلى السماء وقل [إني ذاهب إلى ربي.....] واترك ركام الدنيا تفز...