كُتِبت منذ سنوات هذه الكلمات وأقرأها حين أشكوا الفتور: زاره ملك الموت على غفلة.. لم يحسب أنه سيراه يوما إلا بعد أن نزل به. وضُرِب الحجاب على عيون من حوله إلا عينه فرأى ما لا يراه الحاضرون: {فَكَشَفْنَا عَنكَ غِطَاءَكَ فَبَصَرُكَ الْيَوْمَ حَدِيدٌ} [ق من الآية: 222]. وعندها علا صراخه وسط الحجرة: لا يا ملك الموت.. ارجع إلى ربك.. فاسأله: ما بال المغفرة التي وعدنيها؟! والرحمة التي أطمعني فيها ؟! أتوسَّل إليك أيها الملَك... استأذن الله أن يمد في عمري ساعة.. أذل فيها بين يديه وأتوب.. وأبكي على ما سلف مني من الذنوب.. أكفِّر سيئاتي بحسناتي.. وأبدِّد غفلاتي بطاعاتي.. أُقبِّل يد والديَّ.. أردُّ المظالم إلى أهلها.. ومالي الذي ألهاني وأطغاني.. أنخلع منه كله طاعة لله ورسوله.. إن كان هذا سيصلح فداءً لي من الجحيم.. اشفع لي عند ربك أيها المعصوم.. اسأله أن يقبل عبده الجهول الظلوم.. أتوسل إليك.. لا تقبضني هذه المرة.. ولا على هذه الحال.. فإني أخشى ربا شديد المحال.. يا ملك الموت.. يا من لم يعص ربه مرة.. ارحم من عصى ربه كل مرة... أجبني.. أرِح قلبي.. الخوف فتك بي والرعب أهلكني.. ولم أعد أذكر من حسناتي أي شيء وأذكر من سيئاتي كل شيء؟!! يا ملك الموت.. إن لم تمهلني ساعة فدقيقة.. وإلا فلحظة.. أجِّلني لحظة.. أحتاج لحظة أخِّرني لأتقدَّم... أمهِلْني لأستدرك.. أنا ما سمِعتُ أحدا سأل مثل مسألتي هذه فأجيب.. ولا طلب الإمهال منك فأُمهِل.. لكني طامع في كرم ليس كأي كرم.. متوسلٌ إليك بعفو الله العفو الرحيم.. الذي ما ردَّ سائلًا ولا خذل راجيًا. ثم ماذا حدث؟! كانت المفاجأة!! وحدثت المعجزة.. وأجيب إلى طلبه.. ومُدَّ في عمره.. وصار الحلم حقيقة.. والمحال في الإمكان.. فكاد صاحبنا يموت فرحًا ويطير سرورًا وطربًا.. فماذا تُراه صنع في المهلة الجديدة والنعمة الفريدة؟ هذه القصة أوجزها العلاء بن زياد في سطر واحد فقال: ليُنزل أحدكم نفسه أنه قد حضره الموت وأنه استقال ربه فأقاله فليعمل بطاعة الله . اقرأها كلما زارك الفتور ونسيت ضمة القبور..