تشكل الجزائر لإفريقيا فضاء و بعدا استراتيجيين يقوم عليهما راهن و أفق القارة برمّتها نظرا للدور الذي تلعبه والمأمول منها في قادم السنوات ، فالهشاشة الأمنية المفتعلة في القارة و التي نجم عنها تدهور رهيب في الاقتصاد بالإضافة إلى عدم الاستقرار السياسي يحتّم على الجزائر التمسّك بدورها الريادي في إدارة شؤون إفريقيا من خلال الوقوف المستمر إلى جانب القضايا المصيرية والدعم غير المشروط للأفارقة و نبد سياسات إغراق القارة في نزاعات المستفيد الأول منها الاستعمار بكل أوجهه. سياسيا يكفي الجزائر أنّها عضو بارز في منظمة الوحدة الإفريقية و أول المؤسسين للإتحاد الإفريقي لاحقا، فانتماء الجزائر إلى عدّة دوائر إفريقية يحتم تحليل العناصر الأساسية المكونة لبيئة السياسة الخارجية الجزائرية تجاه قارتها وطبيعة التفاعلات الجارية بين تلك العناصر، و منها الأكثر تأثيرا في صياغة وتنفيذ السلوك السياسي الخارجي نحو الدائرة الأفريقية، لتمييز عوامل الاستمرارية والتغيير في أداء سياستها الخارجية و رصد التحولات العميقة في بنية النظام الدولي ونسقه الإقليمي وتداعياتها التي تصاغ في نطاقها السياسة الخارجية الجزائرية اتجاه أفريقيا في المجال الأمني انخرطت الجزائر منذ أكثر من 15 سنة في مبادرة الساحل لمكافحة الإرهاب فأمن إفريقيا من أمن الجزائر ، لتظل هذه الأخيرة الدرع الواقي لدول الجوار و دول الساحل و البعد القاري أيضا و تحاول إعادة تفعيل دورها على الساحة الدبلوماسية الإقليمية ، وهي تلعب دور الوسيط في الأزمات التي تتخبّط فيها ليبيا و مالي. و تحكم سيطرتها على مساعي تخليص القارة من النزاعات المسلحة وإسكات صوت الأسلحة من أجل التصدي للتطرف العنيف ومكافحة الإرهاب وتجفيف مصادر تمويله من خلال تحريم دفع الفدية للإرهابيين . و معلوم أنّ كل الملفات الأمنية الإفريقية تمر عبر الجزائر بدءا بدول الميدان و هي ليبيا و مالي و النيجر و موريتانيا . و في مجال التعاون لا تبخل الجزائر في تقديم يد المساعدة لدول الجوار و حتى تلك البعيدة الواقعة في عمق الجغرافية الإفريقية و مسحت سابقا ديون 14 دولة بقيمة 902 مليون دولار. كما تبدل الجزائر جهدا كبيرا من أجل بلورة تجارة افريقية محضة سواء في إطار التكتلات أو التجمعات أو من خلال العلاقات الثنائية و هدفها جعل منطقة التبادل الحر الإفريقية حقيقة تنتفع بها الشعوب الإفريقية أولا بدل أن تذهب المادة الخام إلى قارات أخرى لتعود معلّبة بأثمان باهظة ، رغم أنّ قرارات دول إفريقية تتحكّم فيها سياسة خارجية و بالتالي تبقى الجزائر وفيّة لخطها ومرتبطة بعلاقاتها الاستراتيجبة مع بعدها الإفريقي و لا تبخل في توفير آليات إرجاع أفريقا للأفارقة ، في ظل استمرار دول ضاغطة على غرار فرنسا و صين و الولاياتالمتحدة و المملكة المتحدة لإحكام سيطرتها على الخام الإفريقي سواء كان بشريا أو ماديا . و بمجيء الرئيس عبد المجيد تبون أعلن الأخير عن إنشاء وكالة التعاون الدولي من أجل التضامن و التنمية و تحقيق فضاء التكتلات ليكون الأفارقة أوّل المستفيدين منها. كما شاركت الجزائر بقوة خلال 2001 في صياغة رؤية "النيباد" التي تُعنى بالشراكة الجديدة لتنمية أفريقيا.