- الضغوطات المالية لم تؤثر على التحويلات الإجتماعية التي ارتفعت بأكثر من 4 بالمائة عما كانت عليه في السنة الماضية. تشير الأرقام التي تضمنها قانون المالية لسنة 2021، إلى ارتفاع الميزانية الموجهة للدعم، وهذا رغم الأزمات المفتوحة على كل الجبهات، التي أفرزتها جائحة كورونا، وهو ما يؤكد حرص الدولة على تكريس الطابع الاجتماعي خلال هذه المرحلة العصيبة، حيث بلغ الغلاف المالي المرصود للدعم 1.927 مليار دج أي ما يعادل 15 مليار دولار، يأتي هذا في وقت حساس للغاية بسبب تراجع عائدات البترول وانهيار قيمة الدينار من جهة، وارتفاع نفقات الدولة خلال هذه الأزمة الصحية من أجل مواجهتها والتخفيف من آثارها من جهة أخرى... لكن هذه الضغوطات المالية لم تؤثر على التحويلات الإجتماعية أو ما يعرف بالدعم، التي ارتفعت بأكثر من 4 بالمائة عما كانت عليه في قانون المالية التكميلي لسنة 2020، هذا عن الدعم المباشر، أما التحويلات غير المباشرة، فإنها تقدر بحوالي 2000 مليار دج. إن تسليط الضوء على دعم أسعار المواد الاستهلاكية لاسيما المواد الغذائية، باعتبارها أهم ما يشغل بال المواطن البسيط حتى لا نقول المستضعفين بالدرجة الأولى، وجعلها في متناوله ولا تتعدى قدرته الشرائية، يكشف المبالغ المهمة المرصودة لدعم أسعار المواد الأساسية ذات الاستهلاك الواسع، إذ تشير الأرقام عن تخصيص أكثر من 31 مليار دج لدعم الحليب، و 1.5 مليار دج لدعم أسعار السكر والزيت، أما الحبوب فقد تم دعمها بأزيد من 164 مليار دج، في حين فإن المياه استفادت من دعم معتبر خلال هذه السنة، قدر ب 210 مليار دج...أما القطاعات الأخرى التي استفادت بدورها من الدعم، نجد قطاع الصحة المتضرر بشكل غير مسبوق بجائحة كورونا، بأزيد من 340 مليار دج، وكذا السكن الاجتماعي الذي رصدت له الدولة أكثر من 468 مليار دج. إذا كانت هذه العينة من الأرقام أو بالأحرى من الأموال الموجهة للدعم، إلا أن الواقع يشهد منحى تصاعديا لأسعار المواد الغذائية والاستهلاكية المدعمة على حد سواء، التي ألهبت جيوب الطبقة الضعيفة، الأكثر تضررا من هذه الظاهرة، أما الميسورين فلن يتأثروا بهذا الارتفاع المحسوس في الأسعار، الذي تشهده مختلف الأسواق الوطنية، بسبب انهيار قيمة الدينار من جهة، وأيضا بسبب المضاربة والندرة المترتبة عن الاجراءات الوقائية التي فرضتها أزمة كورونا...وأيضا لارتفاع هذه الأسعار في البورصة العالمية للمواد الغذائة، حيث يكشف مؤشر منظمة الأغذية والزراعة " الفاو " ارتفاع أسعار مواد غذائية خلال شهر يناير المنصرم، إذ سجلت أسعار السكر مثلا ارتفاعا بنسبة 8.1 بالمائة، وهي أعلى زيادة له منذ 2017، وارتفع سعر الحليب بنسبة 1.6 بالمائة، والزيت ب 5.8 بالمائة. إن دعم أسعار المواد الغذائية في الجزائر، لم يحدث خللا في التوازن الإجتماعي فحسب، بل أفرز ظاهرة تهريب هذه المواد الإستهلاكية المدعمة عبر حدود الوطن، وبين هذا وذاك فإن الخاسر الأكبر في هذه الحالة هو الاقتصاد الوطني، وعليه يرى الخبراء ان التصدي لهذه الظاهرة مرهون بتحرير أسعار المواد المدعمة، التي ستضع حدا لهذا الدعم العابر للحدود.