كرس الدستور الجديد أبجديات حديثة في التأسيس للعبة السياسية التي أقرها قانون الإنتخابات المفرج عنه مؤخرا، والذي يمثل حجر الزاوية في حماية رغبة المواطن من كل أشكال التلاعبات. وتتمثل هذه الحماية فيما أقره هذا القانون الذي أكد بشأنه وزير الإتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة عمار بلحيمر أن «طريقة الإقتراع الجديدة التي كرستها مراجعة قانون الانتخابات تشكل قفزة وتغييرا جذريا، ولا يمكن أن يكون فيها خيار الناخب موجها ولا مزورا». وأضاف البروفيسور بلحيمر أن تعديلات قانون الانتخابات تتمثل على الأخص في « تجسيد وترسيخ الديمقراطية والتداول على السلطة، وأخلقة الحياة السياسة، وضمان مشاركة المواطنين والمجتمع المدني، والمرأة والشباب في الحياة السياسية وضمان اختيار حر بعيد عن كل تأثير مادي» الذي طالما أفسد العرس الإنتخابي ودفع بنخبة المجتمع إلى الإبتعاد عن الحياة السياسية، والمواطنين للعزوف عن المشاركة في تقرير مصير بلادهم والتعبير عن ذلك بأصواتهم. وذلك أن قانون الإنتخابات الجديد يتميز مقارنة بالقوانين السابقة بتحديد عدد العهدات النيابية بعهدتين فقط، مما يقطع الطريق على الكثير من الإنتهازيين الذين عششوا في مختلف المجالس المنتخبة. كما يؤكد على تشجيع الشباب دون سن 35 سنة للمشاركة في الحياة السياسية، وعدم إقصائهم حيث يلعب المجتمع المدني دورا هاما في هذا المجال بتشجيع الراغبين في الترشح، خاصة أن القانون الجديد أعاد الإعتبار لما يسمى بالجدارة السياسية، أي أن الحصول على المقعد النيابي يكون عن استحقاق وليس بالتحايل على باقي المرشحين، مع توسيع المشاركة السياسة للمرأة برفع تمثيلها إلى النصف، وإبعاد المال عن أي تأثير على الخيار الحر للناخبين. وعرج الناطق الرسمي بإسم الحكومة على أن «طريقة الإقتراع الجديدة مكرسة... بحيث أن الإقتراع النسبي على قائمة مفتوحة وبتصويت تفضيلي دون مزج»، وهو بالفعل ما تم مراجعته في القانون الجديد الذي سيكون الإقتراع فيه على القائمة المغلقة بدلا من القائمة المفتوحة التي كان يعتمد عليها القانون السابق، والتي كثيرا ما فتحت المجال على مصراعيه أمام المال الفاسد، خاصة فيما يتعلق بمتصدري القوائم التي كثيرا ما أججت الصراع بين المترشحين، عندما يتم الإعلان عن القوائم الإسمية للمترشحين، في حركة تشبه نوعا ما النصب والإحتيال على بعض المواطنين الذين يمتلكون شعبية ويوظفون في القوائم لصالح متصدريها. كما أن القانون الجديد أعطى للناخب السلطة الكاملة في اختيار من يمثله في مختلف المجالس النيابية، وذلك بعد إلغاء التراتبية في القوائم الإسمية، من خلال عدم احترام الترتيب المعتمد من قبل الأحزاب في وضع القوائم لأن الفيصل في هذه المرة سيكون أصوات الناخبين، وذلك لأن المادة 167 من هذا القانون تخول للناخب اختيار قائمة واحدة، ويصوت لصالح مترشح أو أكثر من ذات القائمة على حسب المقاعد المخصصة للدائرة الإنتخابية. في جانب آخر يمكننا اعتبار أن ما قامت به السلطة الوطنية المستقلة للإنتخابات من حركة جزئية في سلك منسقي المندوبيات الولائية التي مست 15 منسقا ولائيا هي بداية تكريس لمبادئ الديمقراطية والتداول على المسؤولية، إذ أنه ومن هذا المنطلق بوسع المواطن أن يأخذها من جانب بداية القطيعة مع العهد البائد، وفرصة لتكريس دولة الحق والقانون الذي بدأ بالفعل في التجسد، من أجل حماية أصوات الناخبين ، كما يقره وزير الإتصال الناطق الرسمي باسم الحكومة البروفيسور عمار بلحيمر الذي يؤكد على أن « الأمر يتعلق بقفزة وتغيير جذري بالطرق السلمية والمؤسساتية بحيث لا يمكن أن يوجه المال ولا تشعبات النظام خيار الناخب أو يزوره».