هناك في الشرفة المطلّة على الأمس جلست تتبادل القهوة المرّة مع الذكريات... المطر خاشع يصلّي وأمواج حنين تتهادى مع النسيم وأنفاس تحتسي بعض وجع وبعض أنين... و بعض جنون ... وألف ابتسامة ... هناك ...عند حافة الشوق ... يمرّ قطار العمر من الزمان الى الزمان... بكل الأهازيج ... ينفث روائح الفجر ... والفجر يتثاءب ... يعانق الشمس ... تعبق الأنفاس بأريج الصباح : خبز ساخن يشتهينا قهوة تغمز لنا ضجيج براءة نشاز أصوات بكاء رضيع ينتظر رواء نداء أمّ تحذّر من برد الشتاء غمغمة جدّة تسبح بالدعاء تحذير جدّ من خطر حواء من المكان الى المكان بكل التعاريج تمضي الأشرعة ... صامتة ..صاخبة .. تتراءى من وراء الأفق البعيد كلّ الخيالات : بحر وشطآن و طرق ومحطات ونسائم عطر ليلكي وهمس حكايات وحكايات... شيئا فشيئا... تذوي أشياء ... تولد أشياء تنطفئ أضواء ... تشتعل أضواء... يحلّ ربيع .. يرحل شتاء و يبقى الهزيع الأخير وأنفاس متقطّعة تمازج بخار القهوة و مطر ناعم يكنس أزقة المدينة ...