هاهي تونس الخضراء تسترجع حريتها بعد سنوات من الظلام والعبودية المجحفة والأكيد أن نجاح ثورة الياسمين التونسية، ألهمت العديد من الفنانين والفنانات للتعبير عن رأيهم وبكل حرية عن ما يختلج صدرهم من أحاسيس جياشة مليئة بالفخر والإعتزاز لما قام به البطل الشهيد البوعزيزي، لهذا وبعد أزيد من عام على حصول هذه الثورة المباركة، نظم المعهد العربي بباريس معرضا للرسوم التشكيلية من 17 جانفي الى غاية 1 أفريل من السنة الجارية يحمل إسم »إنعتاق... تونس بعد عام« وقد إحتفى هذا المعرض الذي ينظمه معهد العالم العربي بباريس بالذكرى الأولى للثورة التونسية من خلال عرض أعمال فنانين ومبدعين وشهود عايشوا أحداث الثورة وتداعياتها، وسيتقاسم طيلة هذه الفترة الزمنية 20 فنانا أغلبهم من تونس مع الجمهور إنطباعاتهم ومواقفهم من أحداث ثورة 14 جانفي عبر تعبيرات فنية مختلفة فنية مختلفة على غرار التصوير الشمسي الذي يعد شكلا فنيا معبرا على شهادة حية الى جانب الفن التشكيلي والنحت وتقنية التسجيل بالفيديو والرسم الكاريكاتوري والكتابة الحائطية، ويتضمن هذا المعرض كذلك بعض الأعمال لفنانين أجانب تفاعلوا مع الثورة التونسية وخاضوا فيها شعاراتها المتعلقة بالمطالبة بحرية التعبير والمعتقد وحقوق المرأة وتكريس المسار الديمقراطي، هذا المعرض في الحقيقة هو فرصة لتخليد مآثر صناع هذه الثورة الشعبية التي كسرت قيود الديكتاتورية والطغيان ورفض كل أشكال الحوار والحرية والإنعتاق، وقد تنوعت لوحات الفنانين والفنانات المشاركين في هذا المعارض، حيث حاول كل واحد بطريقته الخاصة أن يوصل رسالته ورؤياه حول قدسية هذه الثورة التي تفجرت مع بداية 17 جانفي من سنة 2011، التي سمحت للشعب التونسي بالتعبير وبكل حرية عن رفضه لهذا النظام التونسي الجائر، ولا شك أن هذا المعرض كان فرصة للعديد من الزوار كي يكتشفوا ويطّلعوا على ما جادت به أنامل الفنانين الذين أبدعوا وتفننوا في رسم لوحات مجدت هذه الثورة التي أنهت أزيد من 20 سنة من الحكم الشمولي البائد الجائر، وقد أكد الكثير من الزوار الذين تفقدوا هذا المعرض الجميل، بأن مثل هذه الأعمال ستظل بمثابة رد للجميل للشهيد البوعزيزي الذي كان بحق رمزا تونسيا شامخا كسر جدار الخوف الذي ظل يلاحق الشعب التونسي لعدة سنوات وتمنى العديد أن تستمر مثل هذه المعارض الفنية، لأنها تمثل رمزا للتواصل بين الحقلين الثقافي والسياسي، وأن الفنان سيظل هو الآخر شخص ثوري ومؤرخ بطريقته الخاصة، وقد أعجب كذلك الزوار الأجانب بهذه التظاهرة الثقافية الإبداعية لأنها صورت وبصدق مشاعر الرسامين خصوصا التونسيين الذين عانوا هم الآخرين من قهر النظام السابق الذي أغلق الحياة السياسية والإقتصادية والثقافية وشلّها حتى صارت لا تسبح إلا به ولا تنطق أو تتكلم إلاّ عنه، هكذا كان هذا المعرض الذي لا يزال متواصلا الى اليوم حلقة تواصل دائمة بين التونسيين في الوطن والمهجر الذين جسدوا مدى توحدهم في سبيل المحافظة على هذه الثورة المباركة التي فجرها »العزيز« البوعزيزي.