لاتزال المضاربة تضرب بأطنابها على السوق الجزائرية وتطبق على أنفاس المستهلك، وتضرر منها الجميع على حد سواء، خاصة بعدما بلغت أسعار المواد واسعة الإستهلاك مداها، مما جعلها بالفعل صعبة المنال ولا يقتنيها إلا من يستطيع إليها سبيلا. وفي الوقت الذي يتراشق فيه الجميع التهم ويبعدون المسؤوليات عن أنفسهم، يواصل المواطن البسيط اللهث بقفته عله يظفر بما يمكنه أن يسد به رمق عائلته، وما يؤمن به قوت يومهم، غير مهتم إن كانت تحتوي على سعرات حرارية كافية، بقدر ما يبحث عما يملأ به بطونهم. هذه الوضعية المزرية والتدهور الرهيب في القدرة الشرائية للمواطن الجزائري، تطرق لها رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون خلال لقائه الأخير بولاة الجمهورية الأسبوع المنصرم، وكان شديد اللهجة مع وزير التجارة الذي أمره بضرورة وضع قوانين ردعية لتجريم المضاربة، ومعاقبة كل من يقفون وراءها. وفيما أوعز رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون سبب ما يحدث في السوق الجزائرية من مضاربة وغلاء مسّ كل شيئ، وخاصة المواد الإستهلاكية ذات الطلب الواسع إلى بعض الطفيليين والدخلاء على التجارة، فقد كان في ذات الوقت صارما في مطالبته وزارة التجارة بضرورة إيجاد حل لغلاء الأسعار، وبأنه عليها أن تتحمّل مسؤولياتها إزاء ما يحصل من مضاربة في الأسواق، مؤكدا أن «هناك من إفتعل أزمة السميد والآن يفتعلون أزمة الفرينة»، مضيفا بأن «المضاربة جريمة يعاقب عليها القانون». وكان وزير التجارة السيد كمال رزيق قد برمج خلال الأسبوع المنصرم لقاء مستعجلا مع مدراء مصالحه بالولايات، عن طريق تقنية التحاضر عن بعد، أين أسدى لهم بتعليمات نابعة من الأوامر التي صدرت عن رئيس الجمهورية السيد عبد المجيد تبون، مؤكدا على ضرورة ضبط السوق لبعض المنتجات الفلاحية خاصة تلك التي سجلت أسعارها مستويات قياسية، والتنسيق الجاد والفوري مع مختلف اللجان المختلطة، من أجل الإسراع في كسر سلسلة المضاربين، تشديد المراقبة وهذا الأمر لن يتأتى حسب أوامر رئيس الجمهورية وتعليمات وزير التجارة، إلا من خلال تتبع مسار المنتوج انطلاقا من الحقل محل زرعه وجنيه، إلى غاية دخوله السوق الجزائرية، سواء أسواق الجملة أوالتجزئة، ومرافقة ذلك بتنظيم خرجات ميدانية متواصلة، للكشف عن مراكز ومستودعات التخزين، والعمل على إخراج الكميات المخزنة على المستوى الوطني لإغراق السوق بالمواد الإستهلاكية محل المضاربة، وبالتالي قطع الطريق على من يحاولون التكسب على ظهر البسطاء. في جانب آخر أعلن السيد كمال رزيق وإمتثالا لأوامر رئيس الجمهورية، أن وزارته تعمل في الوقت الراهن على مراجعة بعض النصوص القانونية، وذلك بالتنسيق مع القطاعات الوزارية المعنية، لتجريم ظاهرتي المضاربة واحتكار السلع والمنتجات ذات الإستهلاك الواسع. وفي هذا الصدد يجدر بنا أن نذكّر بأن قانون العقوبات الجزائري رقم 90-15 المؤرخ في 14 جويلية 1990، يصنّف كل مرتكب لجريمة المضاربة غير المشروعة، ويعاقبه بالحبس من 6 أشهر إلى 5 سنوات وبغرامة من 5 آلاف إلى 100 ألف دج، سواء من أحدثها بطريقة مباشرة أو عن طريق وسيط ، سواء برفع أو تخفيض الأسعار السلع أو البضائع، لكن هذا القانون يحتاج إلى تحيين، في ظل المعطيات الجديدة لقانون السوق، الذي غلبت عليه الفوضى .