ووري الثرى أمس شيخ الزاوية البوعبدلية المجاهد والعالم المقتدر، الشيخ عياض عن عمر ناهز ال99 سنة، في أجواء ملؤها الحزن والأسى على فقدان هذا العلامة والرجل المصلح الذي كرس حياته في الدعوة وفعل الخير والدفاع عن الوطن أيام الاستدمار البغيض لبلادنا. وبحضور السيد عبدالحفيظ علاهم مستشار رئيس الجمهورية السيد عبدالمجيد تبون، والسيد العيد ربيقة وزير المجاهدين وذوي الحقوق والسيد بوعبد الله غلام الله، رئيس المجلس الإسلامي الأعلى، وسعيد سعيود والي والولاية، ونواب الشعب في مجلس الأمة والبرلمان، وأتباع الطريقة البوعبدلية وأقرباء ورفقاء الفقيد، شيع الشيخ عياض البوعبدلي إلى مثواه الأخير في المقبرة العائلية للزاوية البوعبدلية بمدينة بطيوة (وهران)، حيث أجمع الحاضرون، الذين أبوا إلا أن يلقوا النظرة الأخيرة على جثمان الفقيد، على أن الفقيد كان شيخا نورانيا وعالما من علماء وهران والجزائر البررة، حيث ناضل طيلة حياته بفكره وقلمه لاسيما وأنه كان من بين مؤسسي جريدة "المقاومة الجزائرية"، التي تحولت فيما بعد إلى جريدة "المجاهد الحالية، وكان ل "سي أحمد" وهو اسمه الثوري، دور كبير في عملية التحسيس والتعبئة الشعبية للجهاد ضد المستدمر الفرنسي، لاسيما وأن الزاوية البوعبدلية كانت بمثابة المقر الديبلوماسي الروحي المدعم للثورة التحريرية المباركة، ولكن سرعان ما انكشف أمرها في 1956 من قبل قوات الاحتلال الفرنسي، ليصبح الشيخ عياض على رأس قائمة المطلوبين بسبب الدور الكبير الذي لعبه في التجنيد والتحسيس والتعبئة. وأكد الكثير من أتباع الشيخ عياض البوعبدلي في تصريح ل«الجمهورية" على هامش مراسم تشييع الفقيد، أن المرحوم عرف عنه تسامحه وعلمه الغزير، كما عرف عنه تواضعه وسمو أخلاقه، حيث كثيرا ما خصص مجالسه زاويته المباركة لعقد الصلح بين المتخاصمين، ومساعدة الفقراء والمساكين، وتعليم الصغار والكبار أصول وتعاليم الدين، مضيفين أنه بفقدانه تكون وهران خاصة والجزائر عامة، قد خسرت رجلا مخلصا لوطنه وعالما ربانيا جليلا، وإنسانا متسامحا ومتواضعا، عمل على زرع أصول شريعتنا الغراء في نفوس النشء وتربية جيل من الشباب متشبع بالوطنية ومتمسك برسالة أجداده وأسلافه العظام.