وجه رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون، مساء الثلاثاء، رسالة تعزية إلى عائلة الشيخ عياض البوعبدلي، شيخ الزاوية البوعبدلية، الذي وافته المنية عن عمر ناهز 99 سنة وذلك بعد صراع مع المرض، حسب بيان لرئاسة الجمهورية. جاء في رسالة التعزية: «ارتقى إلى سموات الرحمات والقبول بروحه الطاهرة شيخنا الفاضل عياض البوعبدلي، وريث زاوية الشيخ سيدي أبي عبد الله البوعبدلي وحافظ مسيرتها القيم على شؤونها». وأضاف رئيس الجمهورية: «التحق إلى جوار ربه، تسجيه بالحمد والمغفرة ألسن تلهج بذكره الطيب ومقامه المحمود، وهو الذي سار على نهج رعاية الزاوية العامرة، بأفواج حفظة القرآن الكريم وبقوافل المريدين الذاكرين الحامدين، في حلقات الوعظ والتدريس، التي تزدان بها رحاب زاوية الشيخ أبي عبد الله البوعبدلي على مدار أيام السنة، مشعة بأنوار الذكر الحكيم والسيرة النبوية، عاملة على توسعة سبل الخير، حافظة لهوية الأمة وصادحة على الدوام بالأذكار والتسابيح والمدائح العطرة». وكتب رئيس الجمهورية معزيا: «لقد كان لهذا المصاب الأليم، الأثر البالغ في نفوسنا، وإنا معكم من أولئك الصابرين «الذين إذا أصابتهم مصيبة قالوا إنّا لله وإنّا إليه راجعون». وختم الرئيس تبون رسالته: «وإنه لا يسعنا، ونحن نودع معكم الفقيد طيب الله ثراه، إلا أن نشاطركم بخشوع هذه اللحظات الأليمة وعزاؤنا أن كان شيخنا الفاضل واحدا من أولئك الرجال الكبار، والشيوخ الأجلاء، وطنيا خالصا، أدى ما عليه مجاهدا وإماما مؤتمنا وناصحا صدوقا، جزاه الله تعالى على ما قدم، وأجزل عليه من الثواب العظيم، بما ادخر من الأعمال الصالحات، وتغمده بواسع الرحمة والغفران وألهم أهله وذويه، وكافة شيوخ وأئمة الزاوية البوعبدلية ومريديها، الصبر والسلوان. إنا لله وإنا إليه راجعون». ووري الثرى، أمس، جثمان شيخ الزاوية البوعبدلية المجاهد عياض بوعبدلي بالمقبرة العائلية بالزاوية ببطيوة (ولاية وهران). شيعت جنازة الفقيد، الذي كان جثمانه ملفوفا بالعلم الوطني، في جو مهيب بحضور وزير المجاهدين وذوي الحقوق العيد ربيقة، والمستشار برئاسة الجمهورية عبد الحفيظ علاهم، ممثلا لرئيس الجمهورية عبد المجيد تبون ورئيس المجلس الإسلامي الأعلى بوعبد الله غلام الله، وكذا أسرة الفقيد وجمع غفير من المواطنين. وألقى وزير المجاهدين وذوي الحقوق كلمة تأبينية، تطرق فيها إلى مناقب وخصال الفقيد ومسيرته العلمية والجهادية ونضاله في سبيل الوطن. وقال في هذا الصدد: «يعز علينا أن نقف اليوم مؤبّنين شيخنا العلامة الفقيه المجاهد عياض بوعبدلي. ذلك الفاضل صاحب السيرة العطرة والقدوة الطيبة والسلوك المترفع الذي أفنى حياته في تنشئة الأجيال على أقوم ما تكون التنشئة الصالحة، تربية وطنية ودينية وتعليمية». وأضاف الوزير: «هذا الرجل الكريم الذي فتح عينيه بهذه الربوع على ويلات ظلم وبطش الاستعمار الغاشم وترعرع وسط عائلة غنية بمبادئها الدينية والوطنية السامية ونال العلم في حواضر عريقة كمدرسة مازونة وتلمسان والثعالبية». وأشار ربيقة إلى أن الفقيد انخرط في الحركة الإصلاحية ضمن جمعية العلماء المسلمين الجزائريين التي ظل فيها عضوا نشطا إلى أن التحق في ريعان شبابه بصفوف الثورة التحريرية المجيدة، فكان حافظ الأسرار والصحفي المتمكن الذي ساهم في تسفيه الدعاية التضليلية للقوات الاستعمارية وسلطات الاحتلال ومواجهتها. وأردف قائلا: «إن ثناء الناس سواء من أولئك الذين عرفوك عن قرب أو تعلموا منك أو تكونوا في مدرسك أو نهلوا الحكمة والفقه من زاويتك العامرة أو سمعوا عن جميل أعمالك، دليل على علو منزلتك وسمو درجتك وسعة فضلك على البلاد والعباد في التحرير الوطني والدفاع المستميت بالحكمة والعقل الراجح عن الذاكرة والهوية الوطنية والتصدي للمحاولات اليائسة للمساس بها». الفقيد من مواليد 1922 ببطيوة، ولاية وهران، ترعرع وسط عائلة ثورية متشبعة بمبادئ الدين الإسلامي والقيم الوطنية. ويعتبر شيخ زاوية سيدي بوعبدلي ولد سيدي بوعبدلي، وهو أصغر إخوانه، أول من حضر عملية افتتاح مدرسة تعليم القرآن الكريم واللغة العربية ببطيوة رفقة الشيخ عبد الحميد بن باديس. ومع اندلاع الثورة المظفرة، نقل المجاهد المرحوم الذي كان عضوا في المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطني من 1956 إلى غاية 1962، مع مجموعة من الشباب إلى المغرب وبالضبط بطنجة، أين خضع للتدريب في اختصاص صحافة الثورة وظل مجاهدا حتى الاستقلال. وبعد الاستقلال، يضيف المصدر، واصل الفقيد نضاله في خدمة الوطن، كشبيه شرطي ثم رئيس بلدية بطيوة سنة 1971 لمدة 4 سنوات ليعين فيما بعد كمدير لمعمل الحديد والصلب لوهران، قبل أن يتقاعد ويخلف أخاه الحاج المهدي في رئاسة الزاوية البوعبدلية بعد وفاته، حيث بقي مخلصا لرسالة الشهداء إلى أن وافته المنية.