- دعم الأسعار يكلف الخزينة العمومية أكثر من 17 مليار دولار، وخبراء الاقتصاد يؤكدون على ضرورة توجيهه بدل تعميمه. يطرح ملف رفع الدعم عن أسعار بعض المواد الاستهلاكية والخدماتية العديد من علامات الاستفهام ، أولا لدى الطبقة الهشة، التي تخشى على قدرتها الشرائية المتدنية ، المهددة بالانهيار في حال ارتفاع أسعار المواد الغذائية الأساسية ذات الاستهلاك الواسع المدعمة من قبل الدولة ، والمتمثلة في الحليب والسكر والزيت و«الفرينة" والدقيق والخبز ، كما يخشى المواطن البسيط بدوره من الزيادة في سعر فاتورة الكهرباء والغاز والماء والبنزين ، وكذا السكن والصحة والتعليم ، المدعمة هي الأخرى من قبل الدولة ، والتي يمكن أن تجعله على حافة الفقر في حال رفع الدعم عن كل هذه المواد ، التي يبقى المستفيد الأكبر منها هم الأغنياء والتجار وأصحاب المصانع وكذا المستثمرون الأجانب والسياح على حد سواء... من هنا يتبين خلل سياسة الدعم المنتهجة في بلادنا ، التي يفترض أن تكون موجهة وليست معممة ، حتى يستفيد منها من يستحقها ومن هم أولى بها ، باعتبار أن الهدف الأول والأخير من وراء اعتماد سياسة الدعم هذه ، هو مساعدة الطبقة الضعيفة أو الهشة لا غير. لا يمكن بأي حال من الأحوال الاستمرار في سياسة الدعم السائدة اليوم ، التي تكلف الخزينة العمومية ميزانيات معتبرة ، قدرها الوزير الأول ، وزير المالية أيمن بن عبد الرحمان بأكثر من 17 مليار دولار ، هي في غنى عنها ، وعليه لا بد من إعادة النظر فيها بما يعود بالنفع على الطبقة الضعيفة ويجعلها تعيش بكرامة من جهة ، ويراعي مصلحة الدولة أو بالأحرى الاقتصاد الوطني ، الذي هو أصلا بحاجة إلى مزيد من الدعم حتى ينتعش وينمو ويتطور ويزداد قوة وصلابة ، في ظل الأزمات والتحديات التي يشهدها العالم في زمن كورونا...إذن ، حان الوقت لإعادة الأمور إلى نصابها ، ومراجعة كل الحسابات لإعطاء كل ذي حق حقه مستقبلا...كما هو سار في كل دول العالم ، الحريصة كل الحرص على منح الإعانات لمن يستحقها فعلا ، وفق آليات يستحيل التلاعب أو التحايل عليها من قبل غير المؤهلين. قد يثير رفع الدعم عن الأسعار جدلا واسعا لدى عامة الجزائريين ، بفعل اللبس في فهم المغزى الحقيقي من وراء الإقدام على قرار مهم كهذا ، والذي يصر خبراء الاقتصاد على ضرورة تطبيقه على أرض الواقع ، وعليه لا يجب أن يقع المواطن البسيط في فخ الفهم الخاطئ لهذا الإجراء المهم ، الذي لا بد أن يطبق عاجلا أم آجلا ، بطرق صحيحة وجد مدروسة حتى لا يستفيد منه الانتهازيون...وينساق وراء الإشاعات المغرضة ، بل عليه أن يتيقن أن توجيه الدعم يعنيه بالدرجة الأولى ، لأن المحتاجين والمعوزين والمستضعفين وحتى البسطاء هم أولى بإعانات الدولة من غيرهم ، دون المساس طبعا بالطابع الإجتماعي للدولة ، الذي تسعى إلى تكريسه في كل الحالات.