صندوق النقد الدولي ينصح بتقديم الدعم نقدا لمن يستحقه بنك الجزائر يوصي بالاستهداف الدقيق للفئات الهشة أكدت أرقام رسمية أن حجم المساعدة التي تقدمها الحكومة للطبقات الضعيفة في شكل دعم لأسعار العديد من المواد والخدمات الاساسية قدر سنة 2012 ب 2900 مليار دينار أي ما يعادل 29 مليار دولار، وهو ما يمثل نسبة 19 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، ويحتل الدعم الموجه للوقود النسبة الأعلى حيث استحوذ على ما يقدر ب 10 بالمائة من الناتج الداخلي الخام، وترى مؤسسات مالية على غرار بنك الجزائر وصندوق النقد الدولي أن هذا المبلغ كبير ويمثل إرهاقا حقيقيا للاقتصاد الوطني، وعليه تدعو الى تقليص تدريجي لهذا الدعم و بالمقابل توجيه دقيق له حتى يذهب فعلا للطبقات التي تستحقه ولا يستفيد منه الأغنياء قبل الطبقات الهشة. أشارت تقارير رسمية صادرة عن هيئات مالية وطنية و دولية أن الجزائر تقدم سنويا ملايير الدولارات في شكل دعم للفئات الهشة والضعيفة، لكن هذه الأموال الضخمة سيكون تأثيرها كبيرا على الاقتصاد الوطني وبخاصة وأنها لا تذهب مباشرة للفئات المقصودة بل تستفيد منها الفئات الميسورة والغنية في المقام الأول. وحسب أرقام رسمية نشرها موقع "كل شيء عن الجزائر" فإن حجم الدعم الذي قدمته الحكومة بشكل مباشر وغير مباشر لأسعار المواد الغذائية الأساسية وغيرها من الخدمات الأساسية بلغ سنة 2012 وهي أرقام مصادق عليها من قبل صندوق النقد الدولي 29 مليار دولار، أي ما يعادل 2900 مليار دينار، وهو ما يمثل نسبة 19 بالمائة من الناتج الوطني الخام لسنة 2012، وإذا أضيفت لها الأموال الخاصة بالتحويلات الاجتماعية التي توجه لقطاعات الصحة والتربية والضمان الاجتماعي وغيرها فإن هذا الرقم يصل إلى 50 بالمائة من الناتج الوطني الخام، وهو رقم كبير جدا تصرفه الدولة من أجل ضمان عيش كريم لجميع المواطنين والحفاظ على قدرتهم الشرائية. ومن أصل 19 بالمائة التي ذكرها التقرير فإن 10 بالمائة منها تذهب للدعم المقدم لأسعار الوقود و مشتقاته بينما تذهب النسبة المتبقية لدعم أسعار المواد الغذائية والخدمات الاساسية مثل الخبز والحليب والزيت والماء والقمح والكهرباء والمواد الطاقوية بشكل عام.وحسب ما نشر فإن النسبة الأكبر من أموال الدعم الموجهة لأسعار المواد الأساسية هذه تستفيد منها الطبقات الميسورة بالدرجة الأولى- اي تلك ذات الدخل العالي- أكثر مما تستفيد منها الطبقات الهشة ضعيفة الدخل، وانطلاقا من تقرير البنك الدولي الذي قسم فئات المجتمع إلى خمس من الأعلى دخلا الى الأقل دخلا بالترتيب، فإن الفئة الأولى وهي الأعلى دخلا تخصص نسبة 26 بالمائة من مداخليها لاستهلاك الحبوب ومشتقاتها، في حين لا تخصص آخر فئة – أي ضعيفة الدخل- سوى أقل من 15 بالمائة من مداخليها لاستهلاك الحبوب ومشتقاتها، ونفس المعاينة تنطبق أيضا على مواد أخرى أساسية مثل الحليب ومشتقاته، حيث نجد أن الفئة الميسورة الأولى تخصص نسبة 30 بالمائة لاستهلاك هذه المواد مقابل 12 بالمائة فقط بالنسبة للفئة الأخيرة وهي الفئة الضعيفة الأدنى دخلا، وعلى نفس المنوال يأتي استهلاك المواد الأخرى مثل الزيت والسكر ومشتقاته والمواد الدسمة. وبالنسبة للسكر فإن الصناعيين خاصة أصحاب مصانع المشروبات يستفيدون بطريقة ثانية و بشكل أكبر من الدعم الذي تقدمه الدولة لهذه المادة الأساسية كون أسعاره مضبوطة واستيراده معفى من الرسم على القيمة المضافة ومن الرسوم الجمركية الأخرى. وفي مجال استهلاك الوقود ومشتقاته تبدو الصورة أكثر وضوحا، حيث تصل مصاريف الطبقات الغنية على هذه المادة الى 40 بالمائة و إذا أضفنا لها الطبقة الثانية حسب ترتيب صندوق النقد الدولي ستصل النسبة الى 60 بالمائة، بينما لا تتعدى نسبة 8 بالمائة بالنسبة للفئات الضعيفة، وعادة ما يسجل تبذيرا كبيرا في استهلاك الوقود المدعم من طرف الدولة والمستورد جزء منه أصلا، ومن هذا المنطلق وحسب تقرير صندوق النقد الدولي فإن جزء كبيرا من الدعم الموجه للوقود يذهب مباشرة إلى الأغنياء أصحاب الدخل العالي، فمن أصل 1756,5 مليار دينار الموجهة لدعم هذه المادة نجد 1050 مليار دينار منها تصب مباشرة في صالح الفئتين الأولى والثانية الأعلى دخلا في البلاد. عبء على الاقتصاد و نصح بتقليصه تدريجيا ويخلص التقرير المعد في هذا الصدد إلى أن الدعم الذي تقدمه الدولة لأسعار المواد الاساسية كبير جدا وقد يضر بمصلحة الاقتصاد الوطني على اعتبار أنه لا يذهب مباشرة للفئات المقصودة به -أي الفئات الهشة ضعيفة الدخل- و بما أن الفئات ذات الدخل العالي هي المستفيد الأول منه فإن ذلك أدى إلى ظاهرة ارتفاع الاستهلاك، على اعتبار ان هذه الفئة قادرة على استهلاك مواد مدعمة بشكل لا حدود له، و في الأخير فإن الظاهرة تؤدي إلى ظاهرة أخرى مضرة هي التبذير الذي يعد من الجوانب السلبية على الاقتصاد الوطني، والسير على هذا المنوال قد يضع البلاد مستقبلا أمام تحديات كبيرة وخطيرة خاصة منها فقدان ضمان وديمومة المالية العمومية على المدى المتوسط، وتداعيات الانفاق العمومي على الاقتصاد الوطني. ومن هذا المنطلق ينصح صندوق النقد الدولي بمراجعة شاملة للنظام العام لدعم الأسعار، وتقليص تدريجي للدعم المباشر وغير المباشر غير العادل، وكذا مراجعة دعم أسعار الوقود لأن ذلك يساعد على تزايد الاستهلاك دون رقيب والتهريب عبر الحدود، ويقترح صندوق النقد الدولي نظام دعم مباشر، اي تسليم الاموال نقدا لمن يستحقها من الفئات الضعيفة، وبرأيه فإن ذلك سيوفر للدولة ما مقداره 13 مليار دولار دون المساس بالقدرة الشرائية للمواطن، أما بنك الجزائر فينصح باستهداف الفئات المعنية بالدعم بشكل دقيق حتى تذهب أموال الدعم لمن يستحقها.