- الدعوة إلى إنجاز أبراج للمراقبة وتهيئة المسالك المؤدية إلى المحمية. تزخر مدينة وهران بالعديد من الأماكن و المواقع الطبيعية السياحية التي تسرّ الناظرين، ما جعلها قبلة للزائرين والسياح من مختلف أنحاء الوطن، و حتى من الخارج، قصد قضاء أوقات لا تنسى وسط الطبيعة الخلابة في مدينة الأسدين، ومن بين هذه المواقع السياحية الإستراتيجية، نجد المنطقة الرطبة " المقطع ، الواقعة في بلدية مرسى الحجاج، بدائرة بطيوة، أقصى شرق ولاية وهران، والتي قمنا بزيارتها، وسألنا سكان المنطقة القدامى عنها، حيث أكدوا لنا أن منطقة المقطع الرطبة هي من أبرز و أكبر المحميات الطبيعية في الجزائر، وتوجد بها أنواع عديدة من الحيوانات البرية والطيور المهاجرة، التي جعلت من منطقة المقطع الرطبة محطة راحة و عبور لها، منها على سبيل المثال لا الحصر، البط أخضر العين، النحام الوردي، الطائر المائي أبو طيط، الدجاج المائي، وغيرها. ويعبر منطقة "المقطع" نهر "الهبرة " من الجنوب، معسكر سد ( فرقوق )، و إلى الشمال وهران، و يصب في النهاية في البحر الأبيض المتوسط، و تتوسطها هضبة تسمى بهضبة" الزبارة "، تزيد مساحتها هذه الأخيرة عن 40 هكتارا، وهي غنية بالفطريات الصالحة للاستهلاك البشري، بشتى أنواعها، و كذا نباتات أخرى، كنبات " الكلخة" على سبيل المثال لا الحصر، هذا وقد أكد لنا بعض الشباب الباحثين و الناشطين الجمعويين في المجال البيئي، أن المنطقة كانت تستخدم قديما كحقل للرمي، وصُنفت منطقة عسكرية في القرن الماضي، تحدها من الجهة الغربية هضاب "حميان" ، و شعاب " النصارى "، و من الجهة الشمالية البحر الأبيض المتوسط، كما أضافوا لنا في معرض حديثهم أن بقايا المتفجرات لا تزال شاهدة على تلك الحقبة الزمنية، الأمر الذي يجعل من منطقة " المقطع"، موقعا، ومحمية طبيعية سياحية و تاريخية بامتياز، ومنطقة المقطع الرطبة، تتوزع على 3 ولايات، هي وهران ومعسكر، ومستغانم، بمساحة إجمالية تقدر ب 45 الف و 500 هكتار، و هي مصنفة ضمن اتفاقية "رامسار " الدولية سنة 2001، نظرا لاحتوائها على العديد من الخصائص الطبيعية الفريدة، كالسهوب والمستنقعات والمسطحات المائية، ولها أهمية ايكولوجية بالغة، كونها تعتبر منطقة عبور العديد من أنواع الطيور المهاجرة النادرة، وتميزها كذلك بظروف مناخية معتدلة و ملائمة لعيش الحيوانات والطيور.. استياء كبير من ظاهرة الرعي العشوائي لكن ورغم كل ما سلف ذكره، والأهمية الكبيرة التي تحظى بها هذه المنطقة، إلا أن سكان قرية "المقطع" عبروا لنا عن أسفهم الشديد نظرا للتدهور الكبير الذي تشهده هذه المحمية، بسبب الإهمال الفادح الذي طالها وكذا استفحال ظاهرة "الرعي العشوائي" التي قضت على الأخضر واليابس فيها من جهة أخرى، زيادة على قيام بعض الرعاة بتحويل مسار الوادي الذي يعتبر المصدر الأكبر للمياه في المحمية، وصرفه للبحر مباشرة، الأمر الذي أدى إلى تجفيف البحيرة بشكل جزئي، أما الإشكال الأكبر، هو الصيد الجائر والعشوائي الذي يستهدف الطيور المهاجرة، وكذا الحيوانات البرية كالأرانب والذئاب، وحتى الخنازير البرية، و هذا على مدار السنة، دون أدنى احترام مواسم التكاثر للحيوانات، الأمر الذي أضحى يهدد بشكل مباشر وجودها، و يتسبب لا محالة في انقراضها على المدى القصير إن لم تتدخل السلطات في الوقت المناسب . ضرورة إنجاز أحزمة خضراء لتعزيز التنوع البيولوجي ورغم الشكاوي والمراسلات التي قام بها النشطاء الجمعويين والسكان، قصد أخذ هذه الانشغالات بعين الاعتبار والتدخل لتسويتها، إلا أن الوضع بقي على حاله، خصوصا أنه تم مؤخرا تقديم اقتراح تجسيد بعض العمليات بمنطقة " المقطع الرطبة"، لإنقاذ ما يمكن إنقاذه، والمتمثلة في إنجاز أبراج لمراقبة الطيور المهاجرة، وتهيئة الممرات والمسالك المؤدية للمحمية، زيادة عن إنجاز أحزمة خضراء في محيط المنطقة تندرج في سياق تعزيز و تثمين التنوع البيولوجي والمحافظة على البيئة، لكنها ظلت مجرد وعود وحبر على ورق، دون تجسيدها على أرض الواقع، الأمر الذي استاء منه السكان، وطالبوا الجهات المعنية بالتدخل و تنفيذ التزاماتها ميدانيا، وهذا بهدف المحافظة على هذه المحمية الطبيعية المهددة بالاندثار و الزوال.