أي مصاب جلل أصاب وهران، فقلب بهاءها وأخل بموازين جمالها؟... وهران التي تغزّل بها فطاحل شعر الملحون، وتردد إسمها في كبرى قاعات الفنون كالأولمبيا بباريس عندما أخرج الشاب خالد أغنية «وهران وهران رحت خسارة» للراحل أحمد وهبي إلى العالمية، وتحمل كبريات الشوارع في المدن الأوروبية إسمها كالمقاطعة 18 بالعاصمة الفرنسية باريس ...أصبحت اليوم شاحبة، ديكورها مزابل «أكرمكم الله»، وأكوام تنافس الراجلين في الأرصفة وتمتد إلى طريق السيارات والطرامواي، خاصة في الأنهج الرئيسية، التي كانت في زمن ماض مفخرة لمن يذكر اسمها ولساكنتها، كشارع مستغانم سابقا محمد بوضياف حاليا ...الذي ضربت به الأوساخ كل معقول، حتى بات مرادفا للسبخة، وحدّث ولا حرج فالأمر ينسحب على شارع معسكر الذي يقطع حي المدينة الجديدة وما يتركه تجار هذه السوق من أكوام «كراتين» وبقايا الخضر والفواكه ومخلفات البيع وليت باقي شوارع أخرى لا يسعنا المقام هاهنا لذكرها بأحسن حال.... فماذا يحدث بمدينتي الجميلة التي كنت أستيقظ صباحا وأنا طفلة متوجهة نحو مدرستي، فأرى الشوارع مبللة بمياه معطرة بالمعقمات والروائح الجميلة...أدركت بعدما كبرت أنها نتيجة مرور شاحنات النظافة التي تغسل المدينة من أوساخها بعد رفع قماماتها ليلا... كيف إختفت محابس الزهور من الشرفات وخلفتها أكياس الخبز»اليابس»؟... أرفع رأسي لأنظر إلى عمارات ولدتُ وترعرعت بين أزقتها فأجدها بائسة... غزتها التشققات من كل حدب وصوب ولا من يغار عليها ليرمّمها... أغلب البنايات التي تحكي تاريخ المدينة سقطت أجزاء مهمة منها و يكاد ما تبقى منها أن ينهار....تحس في بعضها «جَلَدٌ»...واقفة ضد مسارات الزمن وما فعله بها الإنسان... كأنها عاتبة...في وجهها ندوب ...تناشد المسؤولين المتعاقبين عليها التكفل السريع بها... تحسها أم مكلومة في كبريائها لعقوق أبنائها ومع ذلك تأبى النسيان...ماذا يحدث بالله عليكم؟.. ألا يوجد بين كل هذا الخراب قلب رحيم بعروس المتوسط؟... يمتد لينظف وسخها وتدارك ما تبقى من جمالها ومعالمها، فيكون له الفضل عليها وعلينا ونكون له من الشاكرين...