وأنا أفكر في كتابة عمود «رأي ح(ا)ر» هذه المرة، لم أجد أحسن مما وقع في النسخة الحالية لكأس إفريقيا للأمم في أسوأ دورة لها منذ بدء هذا النوع من المنافسات... فعلى الرغم من أنني طلقت متابعة مباريات «الجلد المنفوخ» منذ زمن بسبب التلاعبات التي أصبحت تحدث هنا وهناك والمؤامرات والدسائس والكواليس التي أصبحنا نشاهدها حتى على المستوى الدولي، والفتن بين الأمم وحتى بين مدن البلد الواحد، ما أفقد المنافسات نكهتها وأفسد المناخ الرياضي، إلا أن كأس أمم إفريقيا لهذه الدورة الغريبة تجعلك تتابعها بكل حسرة على ما يحدث في القارة السمراء من تراجع لا مثيل له في كل شيء، من الصحة إلى التعليم فحقوق الإنسان وحتى كرة القدم التي كانت إلى وقت قريب خزان أوروبا تنهل منه كما تشاء من عمالقة الكرة، تشتريهم بأثمان بخسة وتصنع منهم نجوما تقارع بهم الأمم في مختلف المنافسات وتحصد من ورائهم الألقاب والكؤوس وطبعا «الفلوس»، لكن كأس إفريقيا لهذا العام أخلطت كل شيء، فالبلد المضيف فعل كل شيء ولم يترك أي شيء لإقصاء خصومه ممن يشكلون خطرا عليه، بدايتها ببطل كأس العرب وآخر نسخة من كأس إفريقيا... «محاربو الصحراء» الذين فهموا اللعبة من البداية فلعبوا بطريقة غريبة جدا كأنهم يتهجون ويتعرفون على الكرة لأول مرة في التاريخ...ثم ما حصل مع باقي المنتخبات، فلم يكفها توظيف كورونا لتفريغ الأندية من أحسن لاعبيها بدعوى إصابتهم بالفيروس، ولا حوادث المرور الغريبة والتسممات التي وقعت للمنتخبات المشاركة، وملاعب «البطاطا» التي كانت من نصيب أعتى المنتخبات وأمور من غير الممكن أن تحدث كلها من قبيل الصدفة، فقط لتصل إلى النهائي وتضمن لقب هذه النسخة من الكأس... لكن هيهات فقد بقي «الفراعنة» يحاربون ويستلهمون قوتهم من دعم الدول المقصاة وعلى رأسها الجزائر... لتلقن «الأسود غير المروضة» درسا في الدين والتاريخ... فاسحة المجال أمام زملاء صلاح للوصول بكل راحة إلى النهائي، ومحتمل جدا أن تكون الكأس من نصيبهم، بعدما أبعدت كل المنتخبات القوية.. لقد فعلت الكاميرون بتاريخها الكروي ما لم يفعله الجاهل بنفسه.. فكانت بحق ضحية أنانيتها وعدم ترك المنافسة على طبيعتها والنجاح للأحسن.. فاستحقت استهزاء الأمم منها، وانطبق عليها المثل العربي الشهير بامتياز...»يداك أوكتا وفوك نفخ»..