بقدر ما أوقعت جائحة كورونا باقتصاديات العالم بقدر ما صار التعامل معها يقتضي الحكمة و الحنكة باعتبار الوباء صار ضمن العناصر الملازمة لكل المخططات الاقتصادية التي ترسمها البلاد من أجل تحقيق الأهداف المسطّرة ،فالفيروس أثبت أنه غير قابل للسيطرة ، فهو ينتشر في كافة بقاع العالم ليترك آثار الصدمة على معظم الاقتصاديات، وكذلك ليس هناك إطار زمني واضح من المحتمل أن ينتهي خلاله هذا الوباء كغيره من الأزمات التي شهدها العالم و حتمي أنّ الجزائر لا تخرج عن هذه القاعدة رغم العواقب الوخيمة التي ألحقتها كورونا بالاقتصاد الجزائري و تصدي الحكومة لذلك من أجل خلق التوازن و الابتعاد عن الاقتراض و أشكال التبعية ، فالتنمية بحاجة إلى العودة إلى سكّتها ، و هي تنمية في حدّ ذاتها عرفت كانت إرهاقا حقيقيا بسبب الاتّكال على الريع النفطي و ما تذرّه أسعار البترول في السوق على الخزينة العمومية . فالجزائر اليوم أمام حتمية تحقيق الأمن الاقتصادي و التحوّل إلى التصدير في عديد القطاعات، بمعنى التنويع خارج المحروقات ( إذ يشكل النفط والغاز 95 بالمائة من صادرات الجزائر، و60 بالمائة من الإيرادات العامة ) بما لا يقل عن 8 مليارات دولار و أيضا تدوير عجلة النشاط من خلال بعث المؤسسات الاقتصادية بأنشطتها المختلفة ، من أجل رفع مؤشر النمو . بعد انكماش حاد بنسبة 4.9 بالمائة في 2020 تحت ضغط تداعيات جائحة كورونا و تقلبات أسعار البترول في الأسواق العالمية . و إصرار رئيس الجمهورية عبد المجيد تبون خلال اجتماعين اثنين لمجلس الوزراء على ضرورة رفع التجميد عن المشاريع العالقة و إعادة إطلاق الاستثمارات المتوقفة لعديد الأسباب إنّما يفتح المجال أمام الاقتصاد الجزائري للتنفّس مجدّدا ، باعتبار رفع التجميد التدريجي عن مشاريع البنية التحتية المنجزة بنسب تفوق 50 بالمائة يجب أن يراعي الإمكانيات المالية للدولة وجدوى المشاريع حسب ما أقرّه قانون المالية ل 2022 و الإصلاحات الهيكلية واسعة النطاق التي تقودها البلاد منذ سنوات كي يتأقلم الاقتصاد مع تحديات الاقتصاد العالمي و يحقق الأهداف خاصة تلك التي تقترحها المؤسسات المالية و الاقتصادية الدولية التي تتعامل معها الجزائر طبقا لما يحتّمه الوصول إلى دفع اقتصادي نوعي . كما لا يغيب عن الجزائر من خلال الإصلاح و إعادة إطلاق المشاريع ضرورة التحكم في نفقات التجهيز العمومية ومواجهة القيود على الموارد المالية والتي فرضت نفسها بداية من 2014. و من خلال رفع التجميد عن المشاريع و إعادة بعث بعض الاستثمارات تجد الجزائر نفسها أمام حتمية دعم الصناعات التحويلية و معروف أنّ الجزائر كانت لها مكانة مميّزة في الصناعة التحويلية و أيضا مناولة الصناعة البترولية التي يمكن أن تصنع فارقا مهمّا كإضافة للاقتصاد وتحقيق أهداف تنويع موارد الدخل الاقتصادي و إنعاش الخزينة بعد التصدير ، علما أنّ هذا النوع من الصناعات كان يشكّل فارقا في دعم الاقتصاد الجزائري سابقا .