تحتفل الجزائر اليوم بالذكرى المزدوجة لتأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين، وتأميم المحروقات، وكلاهما من المناسبات الغالية على قلب كل جزائري، لإرتباط كل حدث منهما بتاريخ كفاح شعب ناضل من أجل استعادة حريته بالقوة من المستعمر الغاشم، الذي نهب خيراته وإستغل شبابه على مدى 132 سنة، وأيضا هي قرارات تاريخية عززت من سيادة بلادنا على ثرواتنا الوطنية. وكان تأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين في 24 فبراير 1956، أي في أقل من سنتين عن إندلاع ثورة الفاتح نوفمبر، أين أنتخب الشهيد عيسات إيدير كأول أمين عام لهذا التنظيم النقابي الأول من نوعه في الجزائر، وهذا بعد الجهود الحثيثة التي قام بها هذا الزعيم رفقة ثلة من الوطنيين المخلصين بهدف جمع شمل الطبقة الشغيلة في الجزائر ضمن تنظيم موحد، ليس فقط من أجل الدفاع عن الحقوق المادية والإجتماعية للعمال، وإنما من أجل تدعيم الثورة التحريرية التي كانت في أوجها، وإعطائها نفسا جديدا من خلال ما كان يقوم به الإطارات النقابية من نشر للوعي السياسي وبث الروح الوطنية بين العمال، وتشجيعهم على الإلتحاق بصفوف جيش التحرير الوطني والكفاح المسلح، حيث لعب الإتحاد العام للعمال الجزائريين دورا مهما في التعبئة الداخلية وفي إيصال صوت الجزائر في الخارج والتعريف بالقضية الوطنية، من خلال الإنخراط في التنظيمات النقابية الدولية ودعوتها إلى تأييد مطالب جبهة التحرير الوطني في الإستقلال، ولم تقتصر مشاركته على حرب التحرير الوطنية، بل تواصلت معركته في البناء والتشييد بعد الإستقلال، خاصة في الدفاع عن حقوق العمال والحفاظ على مناصب الشغل، ودفع الإتحاد ثمنا باهظا سواء في الثورة التحريرية أين إستشهد أمينه العام الشهيد عيسات إيدير في 26 جويلية 1959، وحتى في العشرية السوداء التي شهدتها الجزائر في تسعينيات القرن الماضي عندما تم إغتيال أمينه العام عبد الحق بن حمودة في 28 جانفي 1997 . أما بالنسبة لتأميم المحروقات التي أعلن عنه الرئيس الراحل هواري بومدين في 24 فبراير 1971 من حاسي مسعود، فقد كانت هي الأخرى محطة هامة في إستكمال الجزائر لإستقلالها، خاصة وأن هذه العملية جاءت في ظرف إستثنائي كان يعيشه المنتظم الدولي، وعلى الأخص الدول العربية التي كانت في عز الصراع مع الكيان الصهيوني، كما تتصادف مع الذكرى 15 لتأسيس الإتحاد العام للعمال الجزائريين، أين تقرر تأميم جميع الفوائد المنجمية المتعلقة بحقول الغاز الطبيعي وتلك المحصلة من قبل شركات نقل المحروقات في هذا اليوم، علما أنّ تأميم المحروقات جاء أيضا تتويجا لسلسلة من المفاوضات التي شرعت فيها الجزائر في 1967 من أجل بسط هيمنتها على ثرواتها الوطنية، ولإسترجاع فوائد الشركات الكبرى متعددة الجنسيات على غرار «بريتيش بتروليوم» و«شال» و«ايسو» و«موبيل»، التي تم تقنين نشاطها لاحقا في مجال البحث عن المحروقات واستغلالها في الجزائر، بموجب الأمر الصادر في 11 أفريل 1971، الذي خوّل لبلادنا الحصول على نسبة 51 بالمائة على الأقل من فوائد الشركات المكتتبة الفرنسية التي تعمل في الجنوب مثل «سي أف بي ا« و «بيتروبار» وتسويتها نهائيا بالتوقيع على إتفاقيتين مهمتين، كانت الأولى في 30 جوان 1971 بين سونطراك و «سي أف بي ا« والثانية في 13 ديسمبر1971 بين سونطراك و «أو أل أف-أو أر ا بي»، تم خلالهما الإتفاق حول الشروط الجديدة التي تسير نشاطاتها بالجزائر، لتصبح بلادنا بعد 51 سنة، واحدة من القوى الدولية الفاعلة في الصناعة العالمية وفي التجارة الدولية للمحروقات، يحسب لها ألف حساب في النوادي والمنتديات الدولية.