مبادرة طيبة استحسنها سكان ولاية البيض و بالاخص مثقفيها و بالتحديد منهم الاسرة التربوية , نلك التي اقدمت عليها متوسطة سليمان بن حمزة بالبيض نهاية الاسبوع بتكريم الاستاذ الحاج مصطفى شعشوع في مبادرة بقدرت ما حملت العرفان للرجل على ما قدمه لقطاع التربية و التعليم حملت مدى نبل عمال القطاع و ان رفاقهم مهما انقطعوا عنهم و لسنوات عدة الا انهم يبقون دائما في قلوبهم و عقولهم لا لشيء الا لانهم تركوا حقيقة البصمات التي يذكرون بها و الحاج مصطفى شعشوع واحد من الذين حقيقة يستحقون التذكر و العرفان و التكريم ليس فقط بولاية البيض بل بكامل الوطن نضرا للمجهودات الكبيرة التي بذلها خدمة لنشر العلم و المعرفة و التربية السليمة بكل الولايات التي اشتغل بها تلمسان , سيدي بلعباس سعيدة عين تموشنت الاغواط تيسمسلت سواء كمدرس , مفتش اومدير للتربية . ولد "محمد الحاج مصطفى شعشوع " في (الاول فبراير من سنة 1933 بمدينة البيض .ويتحدث الرجل عن وبدايته فيقول نشأت في بيت والدي كما ينشأ أبناء بيوت العلم، فبدأت التعلم وحفظ القرآن الكريم في الثالثة من عمري على التقليد المتبع في بيتنا، الشائع في بلدنا. وكان الذي يعلمنا الكتابة، ويلقننا حفظ القرآن جماعة من أقاربنا من حفاظ القرآن، ويشرف علينا إشرافاً كلياً عالم البيت، والدي عبد القادر العمراني - رحمه الله -. وكان حامل لواء الفنون العربية ؛ من نحوها، وصرفها، واشتقاقها، ولغتها. اضافة االى المشايخ الحاج عبد القادر بن الطيب , سي احمد القوراري . وكنت ادرس رفقة الكثير من الصحاب الذين صنعوا بعد ذلك تاريخ المنطقة الناصع بالجهاد و الاستشهاد على غرار الشهيد الحاج عامر محبوبي , الطالب محمد بودلال, الحاج جيلالي باجي .و كما كانت العادة في ذلك الوقت فان تركيزنا كان كله منصب على حفظ القران و المتون الفقهية و اللغوية مباشرة بعد صلاة الفجر الى غاية منتصف النهار وبعد الظهر الى غاية غروب الشمس و رغم كل ذلك لم نكن نشعر باي تعب او ملل لان الانقياد و طاعة اوامر الوالدين و الفقيه كانت لا تناقش و لا ترفض . . ويقول (( فلما بلغت ست سنين انتقلت الى الدراسة بالمدرسة المختلطة بوسط مدينة البيض وكانت المناسبة للتعرف على لغة جديدة هي الفرنسية تعلما و فهما و كانت المناسبة ايضا فرصة للتعرف على رجلين يعدان من اهم رواد الحركة الوطنية السيايسة ليس بالبيض فقط بل بكامل الجزائر يتعلق الامر بالاستاذ بوعلام باقي الذي شغل العديد من المناصب بعد الاستقلال اهمها وزير للشؤون الدينية ووزير للعدل و كذا الشيخ بوعمران رئيس المجلس الاسلامي الاعلى و احد منتسبي جمعية العلماء المسلمين وروادها .فالاستاذ باقي بوعلام درسنا اللغة العربية وكان يغرس فينا مباديءحبها وانها من اصالتنا وبقدر ما كان يقسو علينا من اجلها ادركت فيما بعد الهدف الذي كان يسعى من اجله وخاصة ترديده انها هي لغة الجزائر اي ان هناك فرقا بين فرنسا و الجزائر على الاقل فيما يخص اللغة الامر الذي ادركته جيدا و ان لم اتعد سن السابعة .لدرجة انه كان يضيف لنا ساعات اضافية لتدريس فنون اللغة العربية رغم معاضة مدير المدرسة الفرنسي انذاك و واصل الاستاذ بوعلامباي دوره التنويرية معنا الى غاية انتخابه نائبا عن حزب الشعب عن التيار الوطني بالبرلمان سنة 1947 حيث تركنا وقد بث فينا جذوة الوطنية وحب الجزائر .اما الشيخ بوعمران فكان هو الاخر محبا لنا قاسيا علينا في طلب العلم تجلى ذلك في كون الرجل كان يلعب معنا الرياضة وقت الاستراحة و يحثنا عليها علينا مختلفا عن القسم ادركت فيما بعد انه كان يريدنا ان نتعلم ونتمرن تحضيرا لمهام شاقة تنتظرنا لم نكن ندركها انذاك بحكم السن .وقد كانت مناسبة قيامه بفتح اول مكتب للكشافة الاسلامية بالبيض سنة 1947 بعيدا عن كشافة الفرنسيين فرصة له لغرس حب الوطن و الجزائر والوطنية السليمة التي بدات تتجذر بداخلي و ادركها من خلال مرافقة الشيخ . ويقول وبرغم سخم الدراسة و الكشافة الا اني لم انقطع عن الكتاب او الطالب كما يعرف محليا فواصلت حفظ القران الى ان ختمته وان في سن 12 سنة 1948 لانتقل بعدها بعد النجاح في شهادة التعليم المتوسط للدراسة بالمعهد الاسلامي الفرنسي بمدينة تلمسان لاتعرف فيها على علم اخر من اعلام الجزائر سي قدور بن نعيم يالذيكانمدرسا لنا لتتبلور وقتها لدي الوطنية الحقيقة و حب الجزائر بعد القاء مع العديد من الرفا و الابطال الذين صنعوا مجد الجزائر منهم الشهيد العقيدلطفي الذي كان زميلا لي في الدراسة و اذكر للتاريخ انه كان شهما قويا و صارما رغم حداثة سنه ,وبعدمسيرة 7 سنواتفي الجد و الكد و التعب تحصلت على شهادة البكالويا سنة 1954 وتزامنت مع بداية الثورة فانتقلت الى دار المعلمين ببوزريعة فكانت المناسبة الحقيقية للمشاركة في ثورة التحريري من خلال الاضراب الذيشنه الطلبة سنة 1956 و المشاكل التي واجهتنا انذاك لانتقلالى البيض رفقة العديد من المنشورات و المجلات التيتحرض على الثورة التي اكطتشفها الفرنسيون ببيت والدي ليلقى علي القبض رفقة افراد الاسرة و الشهيد قدور كركب و بعد احتجاز و بمساعدة احد الحراس انذاك حجيج عبد القادر الذيقام بحرق المنشوران و المجلات تم اطلاق سراحي .ثم يقول بعد الاستقلال انطلقت مسيرة جهادية اخرى في حياتي وهي رسالة نشر العلم و المعرفة وتلقين العلوم الابناء شعب منهك دمرته سنوات الاحتلال و من بعدها سنوات الثورة , كانهدفي محاربة الجهل فاتخذته عدوا اصررت ان اقاومه بكل الوسائل .وبعد ان انهيت تحصيلي العلمي بكلية الاداب بجامعة تونس عدت للتدريس بولاية سعيدة سنة 1964 ثم بولاية سيدي بلعباس الى غاية سنة 1969 حيث تحصلت على شهادة مفتش لاباشر عملي مشرفا على التعليم بولاية البيض , سعيدة و النعامة و كم كانت المهمة شاقة في ظل وقتها شساعة المنطقة وكبرها اضافة الى صعوبات النقل و الاهم غياب الاطارات القادرة بالاخص المعلمين على حمل لواء العلم .و يضيف الحاج مصطفى شعشوع اهم شيء جعلني اقبل على المهنة و اتفان فيها قابلية الانقياد التي لاحظتها وقتها على المعلمين و الاقبال على التعلم بعض الاحيان كنت احتجزهم خلال الندوات الى غاية ساعات متاخرة من الليل دون ان احس منهم بالملل او التذمر .و لزالت صور المعلمين معزولين بالقرى و المداشر راسخة في ذهني الا ان اهم ما بقي راسخا في ذهني صورة ذلك المعلم بقرية درمل بالعين الصفراء الذي وجدته يدرس ' ينام و يطبخ بالقسم لان الغرفة التي اعطيت له لينام فيها كانت ترشح من المطر و وجدت فراشه مطوا بجانب المصطبة .خاصية اخرى لذلك الجيل معلم انتقلت اليه بقرية عين العراك وقتها وصلت حوالي السابعة صباحا فوجدته قد جمع التلاميذ و اعد حضرة كالكتاب و يحفظ فيهم الفران و بعد الثامنة انتقل الى المناضد و انطلق في دروسه العادية , خاف مني و اندهش و عندما سالته عن السبب قال لي ان القرية لا يوجد بها من يحفظ الفران فتطوعت من تلقاء نفسي لذلك بعد صلاة الفجر ادرسهم القران الى الثامنة صباحا . اخر كان يدفع المال مقابل التعلم خاصة الحساب و القواعد . الحقيقة كان جيلا فريدا اثر في كثيرا و دفعني الى ان لا اشعر باي تعب او ملل رغم انني كنت اغيب اكثر من اسبوع في الجولة الواحدة الا انني كنت اعتبرهم ابنائي وكان للتعليم معنى اخر لم يعد مجودا الان كان المستوى التعليمي للمعلمين محدودا الا ان الارادة كانت كبيرة و الرغبة اكبر منها . بعد هذه السنوات و نضرا لعطاء الرجل اختارته وزارة التعليم و التربية وقتها مديرا للتربية ليشتغل بولاية معسكر ,مستغانم , اغواط , تيسمسلت ,عين تموشنت ليتقاعد سنة 1992 بعد اكثر من 30 سنة من العطاء و التفاني في خدمة العلم و التعلم بالجزائر . يقول ان الالتفاتة التكريمية التي حضي بها من ابناء بلدته بوران محمد , بوعلام باقي, الحاج معمري , بن عامر بوخالفة , و التي وجد فيها اشخاص يحبهم لم يرى اغلبهم منذ عشرات السنوات اثرت فيه و اكدت له من جديد ان سنوات العطاء التي قدمها لم تذهب هباءا منثورا و هناك من يدرك حقيقة حجم العمل و التضحية التي قدمها .