نواصل في هذا العدد الحديث عن قبائل الصحراء والجنوب الجزائريين، وكذلك علاقتها بمقاومة أولاد سيدي الشيخ حيث نسلط الضوء من خلال مقال صادر بجريدة ليكودوران ليوم 9 جوان 1870 تحت عنوان أولاد سيدي الشيخ وواحة فڤيڤ، وبعد أن تكلمنا في عدد سابق عن أولاد سيدي الشيخ هذه القبيلة القوية التي كانت تحكم منطقة الجنوب الغربي للجزائر ويمتد نفوذها حتى المغرب، نقف اليوم عند المنطقة الشرقية من الصحراء الجزائرية التي كانت تخضع لزعماء الطريقة التيجانية، هذه الطريقة الدينية ذات الصيت والإمتداد الواسعين الذي يصل حتى بلدان إفريقيا السوداء. وكانت هذه الطريقة تحت زعامة ورئاسة المرابط السي محمد بلعيد شيخ زاوية تماسين الذي كان يحتكر السلطة الروحية ويعاونه مؤقتا شيوخ ورثوا الزعامة عنه في هذه المنطقة وهم أولاد بن ڤنة بالنسبة لمنطقة الزيبان، وأولاد بن سعيد بالنسبة لوادي ريغ ووادي سوف وبفضل هذا التقسيم للسلطة لم تشكل الأوضاع في الصحراء الشرقية أية مشاكل تذكر على خلاف ما حدث في الجزء الغربي من الصحراء الجزائرية وعليه فإن الأوضاع في الجزء الغربي من الصحراء الجزائرية لا تسمح لفرنسا بأن توقف حربها على أولاد سيدي الشيخ، لأنه لا يمكن أن يحصل على عفوها الحاج قدور الصحراوي وأن يظل يحكم أغاليك، الحبوب رجل من الأحرار وهذا لسبب بسيط هو أن الحاج قدور الصحراوي قد حارب الكولونيل بوبريت وساهم في المجزرة التي ذبح فيها أفراد فرقته العسكرية ويخلص المقال إلى القول بأنه لا يجب إتهام السي قدور بن حمزة وعميه السي الزوبير، والسي لعلا بارتكاب هذه المجزرة، لأنهم كانوا شرفاء ونزهاء في محاربتهم لفرنسا. ويواصل الدكتور فارنيه تحليله بأنه يجب العمل بالتنسيق مع حكومة فاس لحل إشكالية الحدود الفاصلة بين الجزائر والمغرب، حيث أنه لا يمكن أن تظل فرنسا مقيدة باتفاغبة 1845، التي توجد بموجبها منطقة وسيطة من القبائل والعشاشر والواحات المستقلة خاصة مع القبائل المعروفة بأنها مغربية، وهي قبائل عمور الشرقية، وحميان الشعاتبة وأولاد سيدي الشيخ القرابة مع أن أراضيهم وقصورهم تنتمي إلى الجزائر، لأنه قد رفع خطأ مادي كبير في رسم وتحديد الحدود، ويجب تصحيح هذا الخطأ، وإن لم يحدث هذا يقول صاحب المقال سوف نضطر إلى أن نقوم كما حدث في أعوام 1859، و1867 و 1870 إلى عبور الحدود لمطاردة ومحاربة القبائل والعشائر المتمردة على سلطة فرنسا، ويجب أن تطالب فرنسا بالحدود الطبيعة في كل من الملوبة وڤير لأنه يصعب رسم حدود على أراضي صحراوية، وعليه فإن الحدود الطبيعية هي الحل. وقد أبدى -كاتب المقال- مخاوفه بأن يتكرر ما حدث في 1844 من حرب بين الجزائر والمغرب بسبب لجوء الأمير عبد القادر إلى المغرب الذي تبنى قضيته وخاض حربا على فرنسا معه، ويتكرر هذا اليوم مع أولاد سيدي الشيخ أو آخرين يلجأون إلى هناك، وإذا كان قادة الأركان في الجيش يهتمون قليلا بهذا فلأنهم يفضلون خوض الحروب لتحقيق تقدم في رتبهم العسكرية لكن الإستيطان في الجزائر يتطلب الكثير من الأمن، والسلاح وهو ما يطلبه المعمرون المتاخمون للحدود مع المغرب ويوضح في الأخير بأن في حال تسوية مشكل الحدود سوف تزدهر التجارة بمنطقة وهران، لأنه لحد الآن ظلت السلع الأنجليزية القادمة من المغرب تصل إلى الجزائر في ظروف أمنية قليلة، وتباع في الجزائر بأسعار باهظة وفي حال استقرار الأوضاع والحدود سوف تستطيع السلع الفرنسية أن تصل إلى المغرب والصحراء المغربية، وكذلك صحراء توات وعليه سوف تصل إلى الجزائر المنتوجات المغربية وسلع إفريقيا الوسطى. وفي آخر مقاله يقول الدكتور قارينه بأنه بدلا من أن تواصل فرنسا حربا في الفراغ، ودون أية فرصة في تحقيق نتيجة، يجب عليها أن تمد يدها إلى أولاد سيدي الشيخ المنشقين والمتمردين الذين يقودون إنتفاضة، وأن تفرض على المغرب أن يوقع اتفاقية رسم للحدود التي تضمن الأمن والسلام بمنطقة وهران. 30 ماي 1900 واصل الجيش الفرنسي حملته العسكرية على الجنوب الغربي، وبعد أن استولى على منطقة توات التي كانت في السابق تابعة للمغرب إعتبرت جريدة لوفيغارو بأن فرنسا قد استردت أرضا كانت جزءا من الجزائر، وفي هذه الأثناء استسلم للكولوتيل مينسنريل بمنطقة تانسروف، جماعة القنافسة وأولاد سعيد، وجماعة تيميمون.