تحتفل تونس خلال أيام بالذكرى الثانية لسقوط نظام زين العابدين بن علي الذي كان بداية مرحلة عرفت بالربيع العربي وأفرزت نتائج انتخابات المجلس التأسيسي في 23 أكتوبر 2011 تحالفا بين حزب النهضة الإسلامي وحزبي التكتل والمؤتمر من أجل الجمهورية لتشكيل حكومة شرعية تقود البلاد حتى صياغة دستور جديد وتنظيم انتخابات تشريعية ورئاسية في ظرف سنة. وعهد إلى المجلس التأسيسي بكتابة الدستور الجديد . إلا أن حكومة الترويكا التي خلفت الحكومة الانتقالية لرئيس الوزراء السابق الباجي قايد السبسي باتت تواجه تحديات كبرى ما دفع بعدد من المراقبين إلى وصفها بالفاشلة ، خاصة في تعاملها مع ملفات رئيسية كانت من مطالب المحتجين خلال الثورة التونسية التي أطاحت بالنظام السابق. تراجع التشغيل وارتفاع متواصل لنسب البطالة تفاقمت أرقام البطالة في تونس وانتشرت الظاهرة التي تؤرق المجتمع التونسي وتمس جانبا كبيرا من شرائحه إن لم تكن مجملها، الحق في العمل هو شعار رفعه الشباب الذين قاموا بالثورة ضد النظام التونسي السابق حين رددوا "التشغيل استحقاق يا عصابة السراق". إلا أن أرقام البطالة لا تزال تشهد منحى تصاعديا وسوق العمل في تونس لم تعرف بعد الانفراج الذي بشرت به حكومة النهضة الإسلامية التي وعدت خلال الحملة الانتخابية بتوفير 400 ألف فرصة عمل في حال وصول النهضة إلى الحكم. وتشير الأرقام الرسمية التي نشرها موقع وزارة التشغيل التونسية لطلبات الشغل في تونس إلى أن عدد الباحثين عن عمل في فبراير 2011 كان في حدود 187442 قبل أن يصل أواخر فبراير 2012 إلى 300637 من بينهم 203 ألف من حاملي الشهادات العليا و21 ألف من حاملي شهادات التكوين المهني. أرقام يضاف إليها هروب عدد هام من الاستثمارات الأجنبية وحتى الوطنية إلى دول أخرى كالمغرب وتركيا حيث الأوضاع الاجتماعية والسياسية أفضل. ما يعطل أكثر عجلة الاقتصاد التونسي، ونشرت وكالة النهوض بالاستثمار الخارجي في هذا الصدد أرقاما بينت أن الاستثمارات الأجنبية تراجعت في أواخر2011 بنسبة 26.3 بالمئة. الخطر السلفي منذ تولي الترويكا الحكم في تونس ما بعد الثورة كثفت جماعات مسلحة من عملياتها، فقد قتل في 10 ديسمبر الماضي في مدينة القصرين وعلى الحدود مع الجزائر المجاورة ضابط في الجيش التونسي بعد مواجهات مع مجموعة قالت وزارة الداخلية إنها تنتمي" للقاعدة في بلاد المغرب الإسلامي"، كما قتل عدد من أفراد الأمن في تبادل لإطلاق النار مع مجموعة مسلحة في فبراير/شباط 2012 في بئرعلي بن خليفة في ولاية صفاقس. وفي منطقة الروحية في ولاية سليانة قتل ضابط وجندي بعد مواجهة مع مسلحين تسللوا من الجزائر. وشهدت منطقة دوار هيشر منذ أسبوعين مواجهة مسلحة مع سلفي أسفرت عن مقتل زوجته وحجز كميات كبيرة من السلاح والذخائر. أسلحة يشتبه في أنها تعود إلى الترسانة العسكرية لنظام العقيد معمر القذافي انتشرت في دول الجوار كمصر ومالي والجزائروتونس، واستولت عليها مجموعات متشددة مرتبطة بالقاعدة وبمجموعات مسلحة أخرى في المنطقة. السلفيون في تونس لفتوا إليهم الانتباه على الساحة المحلية والدولية وفي مناسبات عدة، من خلال مهاجمتهم لملتقيات ثقافية كأحداث قصر العبدلية في ضاحية المرسى وكذلك حين هاجموا قناة نسمة التونسية على خلفية عرض فيلم بيرسيبوليس، وحين هاجموا عرض الممثل التونسي لطفي العبدلي في ضاحية قرمبالية وكذلك حين هاجموا قاعة أفريكارت بعد عرض فيلم المخرجة التونسية نادية الفاني. وكذلك عندما هاجموا في 12 سبتمبر الماضي سفارة الولاياتالمتحدةالأمريكية في تونس ما أسفر عن مقتل عدد من السلفيين ورجل أمن تونسي وما أعقب ذلك من ردود فعل دولية منددة...تعامل الحكومة الحالية ومن ورائها النهضة مع السلفيين اعتبره مراقبون متسامحا رغم اعتداءاتهم المتكررة والخطيرة، خاصة أن مؤسس الحركة راشد الغنوشي وجانب كبير من النهضة الحاكمة يعتبرونهم من ضحايا استبداد نظام بن علي ولا يجوز التعامل معهم بنفس أسلوبه. حتى أنالغنوشي قال "إن السلفيين لم يأتوا من المريخ بل يذكرونه بشبابه ويبشرون بثقافة جديدة". ميليشيات "رابطات حماية الثورة " تهاجم مجموعات مسلحة وعنيفة منذ عدة أشهر خصوم النهضة، خاصة اجتماعات حزب نداء تونس الذي شكله رئيس الوزراء التونسي السابق الباجي قائد السبسي، وهو حزب يحظى اليوم بشعبية كبيرة. هجمات هذه المجموعات التي حصلت على ترخيص قانوني في ظل حكومة الترويكا تصب غالبا في مصلحة الحزب الإسلامي الحاكم حتى أن البعض يسميها ميليشيات النهضة، وذراعها المسلح وحتى نواب المجلس التأسيسي من كتلة النهضة جاهروا بمساندتهم لهذه المجموعات التي رفضت النهضة حلها، حتى بعد ما قتلتمنسق عام نداء تونس لطفي