تقع الكراكدة في مرتفعات سلسلة جبال الأطلس الصحراوي على ارتفاع 850م عن سطح البحر، تتميز بمناخ صيفي حار وشتوي بارد متوسط الأمطار. تتعرض في فصل الربيع إلى هبوب رياح قوية تزخر بمياه سطحية جارية وباطنية بكميات هائلة منها الصالحة للشرب، وتعتبر بوابة الصحراء الجزائرية، ترتبط بالأصالة والقدم كما يرتبط التاريخ بالزمن، ذكرها الرحالة ابن بطوطة وكانت إحدى محطاته التاريخية والذي وصفها بأم القصور المتواجدة آثارها حاليا وعددها سبعة (07) تعاقبت أجيال على تعميرها، كما توجد بها مقبرة ما قبل التاريخ، ومن بين معمريها بنو عامر، والسلطان لكحل، وقوم بني جدار ومع مرور الزمن قوم البخيتات ومن ثم أولاد ضيف الله منهم أولاد بويحي حاليا. * أولاد بويحي شجاعة وإقدام سميت مؤخرا بمدينة أولاد ضيف الله الذي حطّ هو الآخر رحاله بها قادما من الساقية الحمراء داعيا إلى دين الله مخلّفا من بعد مغادرته الكراكدة أولاده لخضر ويحي وبومدرة متوجها إلى أحد زملائه في الدعوة والإصلاح المسمى سيدي سليمان بوسماحة بمدينة بني ونيف أين لقي ربه رفقته وأقيمت الزاوية هناك. سكان الكراكدة اليوم هم أولاد بويحي التي كانت إبان الثورة التحريرية ممرا للثوار ومحظورة من طرف الإحتلال الفرنسي الذي حاصر سكانها وجمعهم في معسكرات في دوار بمنطقة الجبيل وقصف الدوار بالطائرات وأحرق جميع خيم البدو وعفشه وأخذ قطعان الأغنام وقتل الأبقار والإبل وفر أهالي الدوار بأنفسهم إلى الجبل حيث جيش التحرير ليعيشوا في حمايته، وآخر بمريرس بالقرب من البيض أين امتنعوا عن التصويت لصالح الجزائر الفرنسية كما كان يدعوهم إليه الجنرال ديغول، حيث استشهد على إثر الإمتناع عن الإقتراع، عدد من المواطنين من بينهم الشهيد معطاوي عبد القادر، ثم استمر ترحيلهم من منطقة إلى أخرى، بالقرب من أربوات ثم بسيدي الحاج الدين ثم ببريزينة داخل الأسلاك الشائكة والملغمة حيث سموهم آنذاك دوار الحجر، وهذا للفصل بينهم وبين أبنائهم المجاهدين والذي كان عددهم أكثر من 150 جندي وأعضاء في المنظمة المدنية لجبهة التحرير الوطنية وعدد من المسبلين، كل من هؤلاء قدم للثورة التحريرية بطولات وتضحيات تبقى خالدة في ذاكرة الدهر صفحة تميزهم بتمسكهم الشديد بدينهم وهويتهم وثقافتهم ودفاعهم عن وطنهم بإخلاص مخلفين في ثورة التحرير أكثر من 56 شهيدا وأكثر من 10 معطوبين في سبيل الإستقلال والحرية وبعدها بدأت حياة أخرى خالية من الإستبداد والحضر ينعمون بالحرية والإطمئنان حيث سارع كل منهم إلى البحث عن مصدر عيش يقتات منه وبوسائل تقليدية بسيطة جدا خصّت الفلاحة وتربية المواشي دون أي سند آخر، ليصبح من بينهم الموال والفلاح...إلخ. * قصور وموروث فني متنوع صنفت الكراكدة فرعا تابعا لبلدية بريزينة حتى التقسيم الإداري الأخير سنة 1984 وانفصلت عنها بلدية لوحدها بكثافة سكانية قدرها 1883 نسمة. يمثل التراث الأثري أهمية علمية تاريخية كبيرة وآثارا موروثة منذ الأزمنة البعيدة عن الأسلاف مرورا بالحضارات المختلفة حتى الفترة الحالية، كما يمثل هذا التراث كنزا فنيا، ومن بين هذه الآثار نذكر: آثار قصور قديمة جدا على قمم الجبال وقصر قديم حوله خندق وآخر قصر لا تزال بعض العائلات تقيم به وكذلك رسومات على الحجارة بالمكتوبة وكاف الراوي والشريعة ومجسم لمقبرة ما قبل التاريخ وأرجام مباني قديمة بالموارد بالكراردة أراضي خصبة صالحة للفلاحة وتتوفر على مياه باطنية هائلة، جميع هذه المناطق كانت تستغل لحرث الحبوب الجافة من قبل الفلاحين ومستغليها الرحل، حيث بلغ إنتاج محصولها إلى 10 قنطار في الهكتار الواحد من الحبوب (شعير، القمح، الفرينة، الخرطال) لكن يجب انتهاج أسلوب أمثل للنهوض بهذا القطاع وإدماجه كليا في حركة التنمية الشاملة مع إدخال الطرق والتقنيات الحديثة والملائمة للفلاحة وتوفير العتاد الذي يتلاءم وخصوصيات المنطقة. كذلك تحفيز الشباب وإدماجهم في خدمة الأرض، أما عن الثرورة الحيوانية فإن بلدية الكراكدة تتوفر على ثرورة معتبرة من المواشي والحفاظ عليها وتنميتها لا بد من توفير عدة متطلبات أهمها: توفير الري الرعوي وخاصة بالمناطق الصالحة للري المناطق شبه صحراوية، مع تقديم الدعم المالي والتقني للموالين واشراكهم في توفير مادة العلف، لمواشيهم بمساعدتهم على استغلال الأرض وزراعة العلف وتسجيل برامج تهدف إلى إعادة الغطاء النباتي وتوفير مركز بيطري قريب من الموالين من أجل الصحة الحيوانية والعمل على تدعيم وتطوير تربية الإبل وحمايتها من خطر الإنقراض. خاصة وأن المنطقة معروفة بمياهها الجوفية، والماء عنصر أساسي تتوقف عليه مختلف الأنشطة الإقتصادية والإجتماعية فإن بلدية الكراكدة تحتوي على احتياط كبير من المياه الجوفية والسطحية غير أن استغلال هذه الثروة ظل ولسنوات عديدة محدودا، وهذا راجع لعدم تسجيل برامج في ميدان الري، علما وأن إقليم بلدية الكراكدة يعبره نهر جار من الشمال الشرقي إلى الجنوب على امتداد 30 كلم جارية به مياه بوفرة كبيرة جدا على مدار السنة، على حوافه هو الآخر أراض شاسعة خصبة للفلاحة. كما تتوفر الكراكدة على عين تسمى العين الطيبة والتي تتواجد على حافة جبل الملح مياهها عذبة وطيبة المذاق نافعة، أما عن الصناعات التقليدية فهي حرف يرثها بعض سكان الكراكدة أبا عن جد تستدعي التكفل بها عن طريق إنشاء تعاوينات حرفية في صناعة مصنوعات مختلفة بالحلفاء وصناعة الرحى بحجارة خضراء متوفرة بجبل الملح نسبة كثيرة جدا النسيج وصناعة الزرابي والأفرشة المختلفة. * مواد أولية متوفرة تزخر منطقة الكراكدة على مميزات كثيرة عدا القصور والموروث التاريخي فهي بحق مركز للمواد الأولية المختلفة ومصدر للعديد من الأحجار والأتربة وبجبل الملح هناك ينابيع مائية وكذلك أملاح معدنية. جبل يحتوي على مادة الملح بنسبة 90٪ من كتلته الأصلية، كما يقع منفردا لوحده بأرض مسطحة سهل للإستعمال من كل الجهات، يتوفر على مياه جارية منبعها من داخله لا تتوقف على مدار السنة، كما توجد به مواد أخرى كأحجار الكريسطال وأخرى خام تتطلب البحث والتحاليل وكذلك مادة الغاسول الموجودة في وسط كهوف الجبل الوسطاني كان يستعملها أسلافنا مادة لغسيل الملابس وخاصة الملابس الصوفية والأفرشة حتى ماضينا القريب وهي تشبه صابون الطرف تماما وأما عن الجير والكلس يوجدان بواد ثنيات الزان حيث الكهوف الكثيرة المتصلة ببعضها البعض تحتوي على مادة الجير والكلس الذي يعتبر مادة أولية متوفرة بكثرة وبقربها مياه بركة حاسي الكلب على بعد 1 كلم والحجارة الصلبة الموجودة بشتى الأماكن من إقليم بلدية الكراكدة توجد أضلاع من الحجارة الصالحة لاستعمالها في المحجرات منها ضلعة المغسل (حمر خده) وواد المغسل وفي واد التواليل وثنيات الزان، كما تتوفر منطقة الكراكدة على جبال تتواجد بها الأحجار المصفحة الصالحة للإستعمالات المختلفة كالمسالك الحضرية وتغليف البنايات. الكراكدة بلدية واعدة ولجمال طبعيتها وكرم سكانها أثر في نفوس الزائرين.