باشر الروائي والأديب الجزائري واسيني الأعرج في نشر مقتطفات من روايته الأخيرة " مملكة الفراشة " على صفحات التواصل الاجتماعي الفايسبوك، الرواية التي ستصدر الشهر القادم في مجلة دبي الثقافية، ستكون متوفرة في معظم المكتبات العربية في 5 جوان المقبل، حيث ستصدر عن دار الآداب ببيروت في سبتمبر، والفضاء الحر بالجزائر في شهر أكتوبر ،على أن تعرض الرواية بمعرض الكتاب في الجزائر في سبتمبر 2013، ومعرض بيروت للكتاب في ديسمبر 2013. "مملكة الفراشة" رواية تتحدث عن فتاة شابة تسلمت صيدلية والدها الذي فضل الاعتزال و البقاء في البيت لإنتاج الأدوية الضرورية لصيدليته بحكم أنه اشتغل في أكبر المخابر العلمية الصيدلية الباريسية ، لكن سرعان ما تضطر خريجة الجامعة لإغلاق الصيدلية بسبب الأوضاع الأمنية الصعبة ، لتبقى حبيسة المنزل بعد أن وجدت في الفايسبوك متنفسا لها ومصدرا للتواصل مع أصدقائها ، لكن يبدو أن هذا الأخيرة تورطت في علاقة مشبوهة مع مخرج مسرحي منفي هو بصدد إخراج مسرحية عن " لوركا " ، يأتي هذا في الوقت الذي يصور فيه الروائي واسيني حياة الأم " فريجة " التي تنغمس هي الأخرى في عالمها الخيالي ، حيث وجدت هذه الأخيرة ضالتها في قراءة كتب "فيرجينيا وولف"، وكيف وقعت هذه الأخيرة في حب الكاتب الكبير "بوريس فيان". حاول واسيني في روايته الجديدة أن يبرز تأثيرات الحروب الأهلية على نفسية و حياة المواطنين وتداعياتها الاجتماعية والنفسية عليهم ، موضحا كيف تدفع هذه الأخيرة بالأشخاص الى العزلة و بناء عالم خاص بهم ، وكيف يسيطر الخوف على أذهانهم و عقولهم حتى بعد انتهاء هذه الحروب ليبقى بذلك محفورا في مخيلتهم و يصبح جزء لا يتجزأ من حياتهم .. وهذا بالتحديد ما تعكسه بطلة الرواية ، التي ترى بأن الموت والقتل لم يتوقفا أبدا ولكنهما غيرا اسميهما وانتحلا شخصية أخرى أو بالأحرى وجها آخر ، وقصدت بذلك الانتقال من التقتيل الجماعي إلى الاغتيالات المدروسة لأشخاص محددين ، وهو ما دفع بواسيني لطرح تساؤلات فيما إذا كانت الحروب الأهلية قد انتهت أم أنها لازالت موجودة ؟؟ .. يقول واسيني الأعرج في مقطع من روايته الأخيرة : " أيتها الفراشة التي سرقت مني بعض نومي وغفوتي الأخيرة قبل أن يفاجئني مبهم الموت والانتفاء، لك هذه الانخطافات المسائية . لم يكن سان سونس يعرف أنه عندما أبدعت أصابعه هذه المتتاليات الجزائرية أنه سيسجننا مع بعض إلى الأبد مقدس برابط اسمه الموسيقى والنور، وسيشبك مصائرنا بالأناشيد الدافئة التي ستتبعنا يوما إلى قبرينا الباردين على ضفاف المتوسط، وستزرع بعض الدفء فينا عندما يتحلل الجسد وتنتفي العظام ولا تبقى إلا الروح التي تبحث عن شبيهها في عالم لا شيء فيه يستقر على شكل أو على مكان . اسمعيني أيتها الفراشة المنزلقة نحو زيت النار واللهب المقدس ، قبل أن تغلقي كل الأبواب للمرة الأخيرة و تنسحبي من عذاباتنا بحثا عن مرفأ آخر لا شيء فيه إلا الفداحة والأصداء القادمة من بعيد، نقتفي كل خطوات هذا الرجل المدنون الذي ظل يذهب ويجيء إلى أرضنا حتى سرقته بعد أن منحنا أجمل خساراته المدهشة ، ما يزال عطره يختلط بموجات حواف بحرنا الهارب. لا تذهبي الآن نحو قنديل الزيت، على الأقل، ما يزال هناك متسع للموت والضوء وبعض الهبل، أمنح العمر كله لآخر ثانية معك " .