كلما أراك ازداد شوقا وحبا لك يا حبيبتي السمراء ..رغم أني لم ألمسك، لقد أدمنت رؤيتك يا ذات الرداء الأسود، لست الوحيد الذي يهواك يا كعبة المسلمين التي تهوى أفئدتهم إليك، أتمنى زيارتك. كيف لا والله سبحانه وتعالى وجه لنا "دعوة مفتوحة " عن طريق سيدنا إبراهيم عندما أمره بأن يؤذن في الناس بالحج ، إنها دعوة كريمة أزلية صالحة في كل وقت. زيارة المسلم للكعبة والطواف بها بنيّة العمرة أو الحج ، تذهله هيبتها لرؤيتها أول مرة وخاصة شكلها الهندسي التكعيبي الذي بناه سيدنا إبراهيم عليه السلام رفقة ابنه اسماعيل ، لم يسبق لأي مهندس من العرب أو العجم أن بنى مثلها عبر كل الأزمنة ، لقد أعيد بناؤها قبل الإسلام أربع مرات وبعد الإسلام ثلاث مرات . تعرض الحجر الأسود الذي يزيّنها ويزيدها قداسة إلى السّرقة من طرف القرامطة مدة 22 سنة لكن أعادوه إلى موضعه، كما أثار فضول أحد البريطانيين لمعرفة حقيقة هذا الحجر ، فسرق جزءا منه أثناء تنكّره كحاج سنة 1848 م ، فكانت النتيجة أنه لا يشبه في خصائصه حجارة الأرض ولا النيازك فكان سببا في إسلامه فألّف كتابا في جزئين بعنوان (رحلة إلى مكة) . صدق صلى الله عليه وسلم عندما قال في شأن الحجر الأسود أنه من حجارة الجنّة وأن لونه كان أبيضا مشعا لكن الله طمس نوره لحكمة لا يعلمها إلا هو. حبيبتي السمراء كلّما رأيتك يحنّ فؤادي لتقبيلك والتبرُّك بك والنظر إليك والصّلاة قربك، وأن يكون خير جلوسي عندك، إنك كلّك بركة ،لقد عظّمك الله سبحانه وتعالى في نفس كل مسلم ،وجعل الطواف حولك وصلاة ركعتين كعتق رقبة، وكيف لا أزداد شوقا لك لأنّه" لا يرجع طرفي عنك حين أنظراليك حتى يعود طرفي مشتاقا لك". ليس فقط نحن المسلمون الذين نعظم الكعبة بل حتى قريش وأتباعهم يعظّمونها ، فقد قرّرت قريش بناءها مرة رابعة فجمعوا لها "الأموال الحلال الخالية من كل أنواع الحرام والربا". فأخرجوا من جهة الحجر 3 أمتار ورفعوا الباب من مستوى الطواف ليدخلوا من أرادوا وأوصدوا نهائيا الباب الخلفي ، وسقّفوها وجعلوا لها ميزابا ورفعوا بناء الكعبة نحو 4 أمتار، وقد شاركهم الرسول صلى الله عليه وسلم في بناء ها سنة 18 قبل الهجرة ، وهو الذي تشرف بوضع الحجر الأسود في مكانه لمّا اختلفت قبائل قريش حول من يتشرّف بوضعه في مكانه وكادت أن تندلع الحرب ، فاقترح عليهم الرسول صلى الله عليه وسلم وضع الحجر في ردائه وكل قبيلة ترفعه وتقرّبه من مكانه ويحمله الرسول بيديه الشريفتين ويضعه مكانه. كيف لا تهوى قلوبنا هذا المكان المقدس وهو أطهر مكان على وجه الأرض ،وقد وجه لنا ربنا الدعوة لزيارته معزّزين مكرّمين فبزيارته يعود المسلم كالصفحة البيضاء نقيا من الآثام مغفور الذنوب .