إن الكعبة، أوالبيت الحرام، هو أول مسجد أسس للناس ويشير الله تعالى إلى ذلك في سورة آل عمران بقوله:{إن أول بيت وضع للناس للذي ببكة مباركا وهدى للعالمين فيه آيات بينات مقام إبراهيم ومن دخله كان آمنا ولله على الناس حج البيت من استطاع إليه سبيلا ومن كفر فإن الله غني عن العالمين} (96-97). والكعبة عبارة عن بيت صغير مربع البنيان تقريبا يقع في وسط الحرم الشريف، وله أربعة أركان.. ركن الحجر الأسود أو الأسعد و يقع ما بين الشرق والجنوب، ومنه يبتدئ الطواف بمثابة تحية للمسجد. و لحجر الأسود حجر صقيل، بيضي الشكل، غير منتظم ولونه أسود، يميل إلى الاحمرار، وفيه نقط حمراء و تعاريج صفراء. ويقال إنه نوع من النيازك. و روى البخاري ومسلم أن الرسول صلى الله عليه وسلم وقف عند الحجر الأسود فقال:”إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع” وقبله. ولما حج سيدنا أبو بكر الصديق وقف عند الحجر و قال إني لأعلم أنك حجر لا تضر ولا تنفع ولولا أني رأيت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقبلك ما قبلتك. وكذلك فعل سيدنا عمر بن الخطاب عند حجه بالناس رضوان الله عليهما وعلى أصحابه أجمعين”. والركن الشامي ما بين الشرق والشمال، والركن الغربي ما بين الشمال والغرب، والركن اليماني ما بين المغرب والجنوب. وقد ظلت الكعبة على البناء الذي وضعه سيدنا إبراهيم عليه السلام حتى آل أمر البيت إل قصي بن كلاب، فبناها من جديد وأذن لطوائف قريش أن يبنوا بيوتا حول الكعبة من جهاتها الأربع فقال لهم: “إنكم إن سكنتم الحرم حول البيت هابتكم العرب، ولم تستحل قتالكم، ولا يستطيع أحد إخراجكم”. ولما تصدعت جدران الكعبة بسبب السيل العرم عولت قريش على هدمها وإعادة بنائها، واشتغل جميع القرشيين في نقل الحجارة واستخدموا في بناء الكعبة مداميك من خشب السّاج والحجارة، وغطوا سقفها بخشب الدوم و جهيد النخل و جعلوا ارتفاعها ثمانية عشر ذراعا بعد أن كان تسعة أذرع وأقاموا في داخلها ست دعائم في صفين. فلما انتهوا إلى وضع الحجر الأسود حدث بين القبائل خلاف في أيها تختص بشرف وضعه فرأوا أن يحكموا سيدنا محمدا بن عبد الله عليه السلام و عمره خمس و ثلاثون سنة أي قبل بعثته المباركة بخمس سنوات، لما عرفوه من وفور عقله و سداد رأيه و أمانته. فطلب رداء و وضع عليه الحجر وأمر القبائل فأمسكت بأطرافه و رفعوه حتى إذا وصل إلى مكانه من البناء في الركن الشرقي أخذه هو عليه الصلاة والسلام فوضعه حيث هو، بيده الشريفة. وكانت النفقة قد بهضتهم فقصروا بناءها على ما هي عليه الآن، فكان رسول الله صلى الله عليه و سلم يقول لزوجته عائشة رضي الله عنها:”لولا أن قومك حديثو عهد بالإسلام لهدمت الكعبة فألزقتها بالأرض، ولجعلت لها بابا شرقيا وبابا غربيا و زدت فيها ستة أذرع من الحجر فإن قريشا استصغرتها حينما بنت الكعبة “.