عبارات كثيرة نلاحظها يوميا تصب كلها في خانة اللامبالاة والتقصير تنم عن جهل مفضوح بأدنى قيم التحضر و التحرر وتتجسد بصفة خاصة في علاقاتنا مع المؤسسات والأملاك العمومية والكثير منا يحمل نظرة خاطئة وتفكيرا عقيما تجاه هذه الممتلكات وعبارة "رزق البايلك " نسمعها في كل مرة حينما نريد التحدث فيها عن ضرورة المحافظة على هذه المكتسبات . يتعامل اغلبنا مع الممتلكات العمومية ومختلف التجهيزات التي وضعت في خدمة المواطن بطريقة عشوائية ( خاطئة )والإهمال ميزة أساسية بدعوى أنها ليست ملكا لشخص بعينه ونلاحظ سلوك العبث خاصة مع وسائل النقل العمومي والتجهيزات المختلفة في الطرقات والساحات العامة مع الأسلاك الكهربائية والهاتفية و السرقات المتتالية والتخريب المقصود حتى أغطية البالوعات الخاصة بقنوات صرف المياه لم تسلم من أيادي العابثين وكذلك صناديق رمي الفضلات (حاشكم ) نرها يتقاذفها الأطفال ولا نحرك ساكنا . لقد وقعت لي شخصيا حادثة غريبة مع أطفال يقومون يرمي مصابيح الإنارة العمومية بالحي الذي أقطنه بالحجارة وفي كل ليلة يطفئون مصباحا كهربائيا آخر إلى أن تحولت العمارة إلى ظلام دامس سبب العديد من المتاعب للقاطنين بها خاصة للمسنين عند الصعود والنزول ليلا .وحينما نهرت أحد الأطفال جاءني والده مسرعا وهو في قمة الغضب يشتمني وينعتني بأبشع الصفات وحينما أفهمته بأن، هذه المصابيح وان كانت حقيقة ملكا للبلدية فهي تنير عمارتنا تفيدنا وتبعد عنا السراق والمنحرفين وأن الظلام قد يؤذي أطفالنا بالدرجة الأولى لم يرد فهم ما أقول وكانت آخر عباراته " واش دخلك ياك ماشي رزقك " حينها أدركت بأنه من المستحيل أن يفهم أطفالنا معنى المحافظة على هذه الممتلكات في ظل تواجد آباء يفكرون بهذه العقلية السلبية و اخرى أحد الأصدقاء أخبرني بأن الأحياء السكنية الجديدة والجميلة تحولت بعد أسابيع من توزيعها على السكان إلى قفار . الأشجار التي تزين مداخل العمارات ماتت بسبب العطش والأرجوحة ( أو الزليجة ) . كما يسميها البعض التي أنجزتها البلدية كسرها الأطفال، وحتى المقاعد الإسمنتية الموضوعة خصيصا للجلوس اقتلعت و مصاعد العمارات توقفت عن التشغيل لأنها صارت لعبة الأطفال المفضلة والأمثلة كثيرة .... إن تغيير الدهنيات يتطلب بدون شك الكثير من الجهد والوقت والعمل التحسيسي في المنزل و المسجد في وسائل و على مؤسساتنا التعليمية ان تقدم على تدريس مادة الحس المدني الايجابي ( لا المخابراتي) لصغارنا وعلى مقاعد الدراسة يجب ترسيخ الأسلوب الحضاري في التعامل مع المنشآت العامة والأجمل أن نقدم نحن الكبار الصورة المثلى والقدوة الحسنة ليتعلم منا أطفالنا حب الوطن ووجوب المحافظة على ممتلكاته والتي هي في حقيقة الأمر ممتلكاتنا جميعا وعقلية " رزق البايلك " التي تعشعش في عقول الكثير من كبارنا يجب أن تزول نهائيا لنتطلع إلى المستقبل أفضل