عهدي بثكنة بن داود بمعسكر يعود إلى منتصف الثمانينيات عندما تحوّلت أطلالها الموروثة عن العهد الإستعماري إلى مقرات لديوان توزيع المواد الغذائية «أوناكو سابقا» ولكن قد يكون المكان أنحس من أن يستغل في تسويق الغذاء للجزائريين الذين كانوا يساقون إليه معتقلين أو مختطفين، لتمارس عليهم أبشع أنواع التعذيب أو يغتالون ويعدمون بدون محاكمة ويدفنون تحت جنح الظلام في أماكن مجهولة، ولذا تحوّلت الثكنة بعد الإستقلال إلى أطلال وفضاء لتراكم الأوساخ والقاذورات بل وإلى مجالس لتعاطي الخمور، في وقت قريب، وكلها أمور مدعاة لجلب النحس لهذا الموقع الذي يحمل إسم عربي منحته السلطات الإستعمارية رتبة كولونيل وأصبح المثل السيء «العربي، عربي ولو كان الكولونيل بن داود». الثكنة اختيرت في 1986 لتكون أرضية لبرامج من السكن الترقوي لمرقين خواص، ولأن المشروع تزامن مع الأزمة الإقتصادية وندرة مواد البناء وخاصة مادة الإسمنت، فإن المؤسسات المستفيدة من هذه المشاريع، وجد أصحابها أن إعادة بيع الإسمنت في السوق الموازية أكثر ريعا وربحا من إنجاز السكنات الترقوية التي لولاها لماحصّلوا على حصصهم من الإسمنت، وهكذا أعادوا الأرضية كما استلموها لكن مع بعض الحفر العميقة التي كشفت عن دهاليز تحت أرضية أدعوا أنها أعاقت تجسيد المشروع. وخلال سنة 1993 وضعت ثكنة بن داود تحت تصرف صندوق التوفير والاحتياط المحلي، الذي اشتراها من البلدية بحوالي مليار سنتيم، في قلب مدينة معسكر، وكان من المفروض أن يستغلها المالك الجديد لإنجاز 10 أبراج سكنية يتراوح ارتفاعها بين 17 و8 طوابق تحتوي في مجموعها على 438 مسكنا، فضلا عن مركز للأعمال ومواقف تحت أرضية للسيارات وغيرها من مرافق خدماتية غير أن الإدارة المركزية للصندوق المذكور لم تكن متحمسة للمشروع الذي أطلق عليه زلزال حسين في أوت 1994، رصاصة الرحمة، ليقبر نهائىا ويزول حلم «أبراج معسكر» وتغرق الأرضية مجددا في أكوام الزبالة والأشواك والأعشاب اليابسة.. وفي نزاع قضائي لا يريد الإنقضاء ووضع حد للنحس الذي يلازم هذا العقار الإستراتيجي. ومنذ مدة، استبشر سكان معسكر خيرا بقرار ولاية معسكر، اختيار هذه الأرضية لاحتضان المتحف الوطني للأمير عبد القادر، وهو القرار الذي صفق له الجميع، لأن الموقع يتوسط عدة معالم تاريخية خاصة بالأمير مثل مسجد المبايعة قصر الإمارة، دار القضاء، ساحة الأمير خالد، ساحة الأمير عبد القادر، نصب السلام هدية مدينة الكادر الأمريكية لمعسكر.. إلا أن الصمت المطبق عاد ليخيّم على الملف، ربما لأن الذين لم يصفقوا لقرار الولاية لهم رأي آخر في طريقة استغلال 22 ألف متر مربع من العقار وفي هذا الموقع بالذات وإذا لم يكن هذا هو سبب النحس الذي يلازم المكان، فإن كل أنواع النحس التقليدية سهلة الزوال، إذ يكفي تبخير هذه الأرضية وينتهي الإشكال، فالرجاء بخروها فقد تكون فعلا منحوسة بشكل من الأشكال.