أغنية «جيناكم زيار» لا تعجبني وما زلت قادرة على العطاء الفن الأصيل مستهدف من أشباه المسؤولين على الثقافة الحنين إلى الزمن الجميل تعيدنا إليه ضيفتنا هذه المرة الفنانة القديرة مريم وفاء التي إقترن إسمها بالأغنية الشهيرة «جيناكم زيار وحلو الباب الشرقي» التي تعلقنا بها في طفولتنا كثيرا وحينما إلتقيت صاحبتها مؤخرا بوادي سوف فرحت كثيرا بتواجدها هناك ولكن حينما بدأت الحديث عن نفسها وعن تضحياتها وعن عزلتها ومعاناتها الصحية والمادية وعن ظروفها الاجتماعية المزرية وتناسي وتجاهل المسؤولين على القطاع الثقافي لها ولكل فناني جيلها أدركت جيدا بأن مريم وفاء ظلمت في حياتها أكثر من مرة وهي التي ضحت بكل شيء من أجل فنها غضب العائلة وتوقيف مشوارها الدراسي العالي وامتناعها عن الزواج لأنها كانت تعشق الغناء وبعد عقود وجدت نفسها تعيش التيه المستمر. مريم وفاء وإسمها الحقيقي مريم بن هنية من مواليد سنة 1954 بالعاصمة إختار لها الأستاذ لمين بشيشي إسم مريم وفاء وأعجب بصوتها كل من المايسترو معطي بشير رحمه الله وعبد القادر نور رئيس دائرة الموسيقى بالإذاعة الجزائرية تألقت في ألحان وشباب سنة 1976 وعرفت بصوتها المتميز وأجادتها لأداء كل الطبوع الغنائية الجزائرية * مرحبا بك فنانتنا القديرة مريم وفاء أهلا وسهلا بي ضيفة على قراء جريدتكم المحبوبة * من الباهية جئت لمحاورتك ومشتاق لرؤيتك ولمعرفة أخبارك ؟ تفضل أخي الكريم وليكن في علمك بأنني لم أغن أبدا في وهران رغم كل تلك الجولات الفنية عبر مختلف مناطق الوطن في السبعينات والثمانينات من القرن الماضي وعندي إشتياق خاص للباهية ولسكانها وحينما تأتيني الدعوة لزيارتها أو لاحياء حفلات بها فسأكون سعيدة جدا. * الحنين إلى الزمن الجميل، إلى زمن من القوافل الفنية والإمكانيات القليلة كنتم كالنجوم تضيئون سماء الأغنية الجزائرية وفي ألفيات الأموال والتكنولوجيا والمهرجانات المتعددة غبتم أم غيّبتم (بضم الغين) ؟ شخصيا ما زلت موجودة فنيا والموهبة ما زالت رغم تقدم السنين وهي عطاء من الله لا تباع في الأسواق ولا تأخذ عنوة والحمد لله لم أتغير ولم أنحرف عن مبادئ وعن طابعي الغنائي أما عن سر غيابي طوال كل هذه السنوات فذلك يعود إلى الاقصاء المفروض على فناني وفنانات جيلنا الذهبي كما تفضلت بوصفه من طرف القائمين على الفعل الثقافي . * هل تمت دعوتنا للمشاركة في مهرجانات أو حفلات ولم نستجب؟ لا طبعا ! إذهبوا واسألوا المتحكمين في برمجة النشاطات الفنية على المستوى المركزي أو المحلي عن سبب تغييبهم وتناسيهم لنا ولعطائنا الكبير. أو لمحافظ أن أذهب وأتوسل لمدير دار ثقافة أو لمحافظ مهرجان لبرمجتي؟ لن أفعل ذلك ومن يعرف قيمتي (الفنية) يعرف عنواني ومرحبا به في بيتي * نراك تتحدثين بمرارة عن الظروف التي يعيش فيها أبناء جيلكم من الفنانين من المسؤول عن هذا النكران والجحود وهل تدفعون ضريبة تمسككم بطابع الأغنية الأصيلة الهادفة؟ لقد ضحيت من أجل هذا الجمهور السميع ولم تتح لي الفرصة لتقديم كل ما عندي منذ 30 سنة وأنا أنتظر ولم يمتلكني اليأس رغم الظلام الدامس والنكران الدائم كما قلت لك سابقا هم يعرفون مريم وفاء وطابعها الغنائي وقدراتها على جذب الجمهور لكنهم يمارسون الاقصاء علي وعلى كل أبناء جيلي لأننا تربينا على أذن تستمع للفن الراقي كلمات وألحان وهذا الأمر لا يعجبهم فهم نشاز ولا يشجعون إلا الرداءة والمتطفلين على الفن هناك رغبة خفية في إقصاء كل من يحمل معول بناء المجتمع عبر أشعاره وأغانيه أو حتى أفكاره أخي عبد السلام من يديرون الشأن الثقافي في بلادنا ومع الأسف أغلبهم لا يفقهون إلا في كرنفالات الفساد الأخلاقي والمالي. * أين هي أغنية «جيناكم زيار»التي تعيدنا إلى مريم وفاء الرائعة بصراحة وقد لا يعجبك ذلك هذا سر سأبوح به لك لأول مرة أنا لا أحب أغنية «جيناكم زيار» و«يا حميم» لأن المساحة المتاحة في صوتي أكبر من اللحن وحقيقة أني أديتهما بصدق وأحبهما الجمهور لكن مريم وفاء أكبر من ذلك. * لقد تمكن عدد من الفنانين الشباب من إعادة الحياة لأغاني جزائرية أصيله كالشاب رضا وعبدو درياسة والشاب يزيد ونجحوا في إعادة توظيف التراث الفني بتوزيع موسيقى عصرية لماذا لم تقم مريم وفاء بإعادة أغانيها الجميلة في ثوب جديد؟ من أين لي ذلك وأنا لا يدق بابي لا مسؤول ولا مديرإنتاج ولا صاحب استديو وهناك ملاحظة هامة أنا ضد إعادة الأغاني الجاهزة حتى ولو من خلال إضافة بصمة موسيقية جديدة والشاب الذي يعيد أغاني غيره يصبح كالآلة ، صوت بلا روح وسرعان من ينطفئ مشواره الفني لأنه لم يخرج من تقليد غيره ولم يكون لنفسه شخصيته الفنية المطلوبة. * مرارة التهميش تعيدني لطرح سؤال آخر عن القطيعة ما بين الأجيال الفنية ماذا عن إبتعادكم عن الأضواء الاعلامية؟ مريم وفاء حاضرة غائبة التواصل شبه منعدم والاتصال بفناني جيلنا قليل منذ 3 عقود وأنا أمارس مهمتي الفنية والهادفة ولكن لأول مرة أشارك في مهرجان للأغنية الجزائرية ذات الطابع السوفي بمدينة الوادي بعد ما تذكرني القائمون على القطاع الثقافي بها وهم مشكورون على ذلك لكن عليك طرح السؤال التالي كم من مهرجان نظم في خلال هذه العقود الثلاثة؟ أكرر دائما القول بأننا موجودون وننتظر فقط إلتفاتة ودعوة من المتحكمين في زمام القطاع الثقافي من لا يعرف مريم وفاء ومحمد العماري وعبد القادر الخالدي، جهيدة ونادية بن يوسف وعلى من تقع مسؤولية التعريف بجيلنا وبماضي تراثنا المتنوع نحن أحياء بأجسادنا وأموات في أعمالنا وإبداعنا شخصيا لا ألوم الشباب عن جهلهم لانجازاتنا وتضحياتها لأنه لم يطلع ومن أين له ذلك إذ كانت الإذاعات والفضائيات الجزائرية والتلفزيون الرسمي لا يبحثون عنا ولا يريدون ظهورنا أصلا ولا حتى إعادة بث أغانينا وكلما يرحل واحد منا إلى الدار الآخرة يخسرون عليه بعض الدقائق في نشرة الثامنة. نحن نريد أن نتواصل بأبنائنا من الفنانين الشباب وبجمهورنا ونحن أحياء ما زلنا قادرين على العطاء والميدان هو الفيصل سؤال يؤرقني .. هل لم تعد أغاني مريم وفاء والهاشمي ڤروابي وخليفي أحمد رحمهما الله ، رابح درياسة ونادية بن يوسف وعبد القادر شاعو غير صالحة أم منتهية الصلاحية أعمالنا راقية وكلماتها نظيفة ومن يعمل على حجب هذا النوع من الفن الأصيل ويغلق عن أصحابه أكيد هو إنسان غير نظيف و«الفاهم يفهم» أغاني و«كليبات» تعرض عبر الفضائيات والإعلام الرسمي يندى لها الجبين من قلة الحياء فيها كلام فاحش وفوضى الكلمات والألحان * نلمس عندك إصرار كبير للعودة إلى الواجهة الفنية ألا تخشى مريم وفاء من المنافسة ومن موجة الفن الشبابي السريع؟ أنا مستعده للرجوع بقوة للساحة الفنية وأطالب بأن أنال حظي أما عن المنافسة فلا أخافها لأن الفن الأصيل لا يموت ولعلمك أنا غنيت كل الطبوع الجزائرية وحتى الموشحات العربية والشرقية للسيدة أو كلثوم فأنا أتقن «الآي آي» وكأني إبنة بوسعادة وقمت بثنائي (ديو) مع الفنان نوري كوفي في الحوزي وكذلك في القبائلي في كوميديا موسيقية لمحمد حلمي * آخر أخبار مريم وفاء؟ نكته لكنها مع الأسف واقع معاش لقد تلقيت دعوة من التلفزيون الجزائري لانجاز حصة قصيرة عن مريم وفاء (بورتري) أحكي فيه حياتي وأؤدي فيه بعض الأغاني وأنا لا أريد ذلك أعطوني فرصة للغناء مجددا على الخشبة في الأعياد الوطنية والمهرجانات المحلية والوطنية والدولية . يريدون بورتري على مريم وفاء واختزال مسيرة 30 سنة في 20 دقيقة أنا لم أنته فنيا بعد وما زال صوتي يبهر الملايين من الجزائريين أعطوني فرصتي التي حرمت منها في صغري! * أسئلة على السريع؟ تفضل * لو عاد بك الزمن إلى الوراء هل كنت ستختارين طريق الفن؟ نعم، صوتي هو سلاحي ورغم الحڤرة لن أيأس أبدا صبرت والصابر إينال كما يقال * ألحان وشباب زمان هل هي عودة المدرسة الآن؟ لا أبدا ألحان وشباب هي المدرسة الحقيقية وما نراه الآن مجرد تهريج إعلامي رغم وجود أسماء كبيرة في لجنة التحكيم فاقد الشيء لا يعطيه * كنت متألقة في ألحان وشباب أليس كذلك؟ كنت مؤمنة بنجاحي والوحيدة التي قدمتها الفنانة السيدة سلوى وطلبت لجنة التحكيم مني أداء 5 أغاني في طبوع مختلفة، عكس كل المتسابقين الآخرين بأغنية واحدة * دموع الحسرة على ماذا؟ على كل شيء، قدمت التضحيات الكثيرة ونلت النكران من أجل الفن تركت أهلي والزواج ومتابعة دراستي العليا وعن الفرصة التي لم تأت بعد لإبراز قدراتي الفنية كاملة * ماذا أعطاك الفن؟ جمهوري ولو قليل لكنه يحبني ومكانتي في قلوبهم تكفيني * أغنية «جيناكم زيار» عرفك بها الجمهور الجزائري بماذا تفكرك ؟ حقيقة أن «جيناكم زيار» و«ياحميم» لقيتا صدى واسعا في بلادنا لكن بصراحة أنا لا أحبهما لأن المساحة الصوتية عندي أكبر من لحنيهما * الساحة الفنية الجزائرية حاليا كيف حالها؟ كانت الموهبة والتكوين تبرز الفنان واليوم هناك مؤسسات إعلامية هي التي تصنع (أشباه) الفنانين * موجة الفن الهابط والركح الذي يصعده مهرجو الحفلات كيف تتقبلين ذلك؟ أمرض وأغضب ولكن لا أستطيع فعل أي شيء لأني مبعدة وأقول حسبي الله ونعم الوكيل في من يشجعهم من المسؤولين ويفرضهم على الجمهور *هل ما زلت تدندنين من حين لآخر بالبيت؟ في الكثير من الأحيان «إنفرغ واش في ڤلبي» بالدندنة وفي المطبخ تراني أغني وأستعين بالقدرة أو الكسكاس في الميزان! * هل تتابعين الفضائيات العربية؟ أنا أكره الحروب وأتأثر كما يحصل في البلدان العربية في مصر وليبيا وخاصة بفلسطين المحتلة ولا أتابع الا نشرات الأخبار على هذه الفضائيات * كلمة أخيرة؟ شكرا لك عن هذه الاستضافة مشوار الفن صعب جدا والاحتفاظ بالأغنية الأصيلة «مايوكلش الخبز» وأنا أفضل أن أطلب منك الأكل على أن أغني من أجل الخبز وأحيد عن مبادئي من السهل أن تنجح بالكلمة الرديئة وأكون ثورة مالية لكن بالمقابل سأساهم في إنحدار الأخلاق والقيم وشخصيا أفضل أن أكون محبوبة ولو فقيرة على ثرية ومنبوذة.