أصبحنا نشعر لا إراديا أن العظماء الذين صنعوا التاريخ هم من يفارقون حياة الدنيا تاركين وراءهم ارثا تاريخيا للأجيال المتلاحقة ونتناسى وجود عظماء اخريين يعيشون بيننا سنذكرهم كثيراً في المستقبل ونفتخر بأننا عشنا في زمنهم. وذلك تأكيد على أن العديد من الرموز الشامخة لا يتم تقديرها وإنزالها منزلتها إلا بعد أن توارى الثرى وعند الحديث عن رجال كانوا في يوم من الايام ثوارا رفعوا التحدي في احلك الاوقات تستوقفنا الذكريات الجميلة التي تشهد على حسن صنيعهم لكننا سرعان ما نعود للواقع ونكرر في كل مناسبة أمجاد الماضي بالرغم من أن حقيقة الأمر تستدعي منا أن نقف وقفة إجلال وإكرام على هؤلاء العظماء وهم أحياء يرزقون بل من الاجدر على القائمين على شؤون التسيير عدم نكران الجميل والاعتراف بما قدمه العظماء في خدمة البشرية. الحديث في هذا المقام يقودنا للتطرق إلى إنجازات فريق جبهة التحرير الوطني لكرة القدم التي بقيت خالدة في سجل الكرة الجزائرية وإن كانت مهمتهم مزدوجة بين تمرير رسالة نضالية لكافة سكان المعمورة وتبليغهم بالقضية الجزائرية وكذا توليهم مهام تمويل قيادي الجبهة بالمساعدات المالية فإن الأهم أنهم نجحوا في مساعيهم على اكمل وجه. زيتوني خدم الجزائر وسيوارى الثرى في تراب نيس الفرنسية نجوم الافلان الذين ضحوا بالنفس والنفيس من أجل معالجة قضية حساسة في عز الثورة لم ينل معظمهم حقه من الاعتراف ولا نصيبا من التكريم على الاقل فغالبيتهم قضوا نحبهم ورحلوا في صمت بعد معاناة مريرة مع المرض والتهميش والبقية تنتظر التفاتة من السلطات لعل وعسى ان تأخذ العبرة من الذين فارقوا الحياة ولم ينعموا بخيرات بلادهم آخرهم مصطفى زيتوني الذي كان يلقب في زمانه بامبراطور موناكو وسيد كرة القدم مات عليلا متأثرا بمرض الزهايمر ورحل بعد ان اجتر الآلام وأحزانه بفرنسا وهاهو الآن في ذمة خالقه والغريب ان من خدم ارض المليون ونصف المليون شهيد لن يدفن في تراب الجزائر بل سيوارى الثرى الاربعاء المقبل بمدينة نيس الفرنسية. وما مر به احسن مدافع في فرنسا في الخمسينيات سبقه الكثيرين ممن فارقوا الحياة ولم يحظوا بالاهتمام والرعاية. قدور بخلوفي يجتر آلام أحزانه في منزله بوهران ولا أحد يزوره ومن المفروض ان نلقي التفاته للأحياء من صناع النواة الولى لفريق جبهة التحرير الذين يعيشون في عالمنا اليوم وسيذكرهم التاريخ كثيراً حتى بعد وفاتهم لربما لبعضهم صيت كبير حالياً لكن ليس هذا مربط الفرس بل المغزى هو كيف أنهم قاموا بدور كبير في نشر القضية الجزائرية ابان الثورة ولازالوا يعيشون بيننا ببساطة الشجعان بل يكابدون مرارة العيش ويمرون بظروف اجتماعية قاسية دون ادنى رعاية هؤلاء من يستحقون الحديث عنهم مادام انهم احياء وينتظرون حقهم من المسؤولين على الاقل لتوفير الرعاية الصحية وهو ما ينطبق على احد احسن مهاجمي المنتخب الشيخ القدير قدور بخلوفي المنعزل منذ فترة طويلة في بيته الكائن في الطابق الرابع بعمارة بوسط مدينة وهران اين يعاني الاسقام والعلل ولا احد يزوره إلا ويسأل عنه بل الأدهى والأمر ان نجم موناكو السابق واحد اعمدة فريق جمعية وهران بخلوفي يقطن على بضع امتار عن المقر السابق لنادي لازمو لكن لا احد من مسيري الجمعية افتكره وزاره من باب المجاملة او العرفان بما قدمه للمدرسة الوهرانية وليس بعيدا عن وهران وتحديدا بمدينة المحمدية بولاية المعسكر التي انجبت احد نجوم الافلان كروم عبد الكريم اللاعب السابق لنادي تروا الفرنسي الذي انعزل عن عالم الكرة وبقي حاليا يتحسر على حال فريق باريقو ولاهم له سوى تحسين ظروف الفئات الصغرى بل نسي انه لم يطالب بحقوقه وتفرغ لانشغالات فرق المحلية بمدينة المحمدية.
رشيد مخلوفي يصارع مشروع فتح مدرسة كروية للشباب في كل ولاية في حين يتواجد اسطورة الكرة الجزائرية سعيد عمارة الذي حظي بتولي عدة مناصب بعد الاستقلال عقب اعتزاله الكرة حيث درب الخضر في 1971 وترأس الفاف بين مشاكل الفرق الجهوية بحكم قيادته شؤون رابطة سعيدة لكرة القدم ووضعية فريقه المفضل مولودية سعيدة وان كان الحاج عمارة أوفر حظا شأنه نجم سانت تيان السابق رشيد مخلوفي لأنهما افلحا في توظيف خبرتهما لفائدة الشباب بعد الاستقلال إلا انه لم ينل حظه بكل ما يستحقه ثوار جاهدوا في السابق وتركوا النجومية من اجل الوطن. وما يقال على سعيد عمارة ينطبق على رشيد مخلوقي الذي بقي ينتظر لسنوات من اجل تعميم مشروع فتح مدرسة كروية تحت مضلة مؤسسة الافلان في 48 ولاية لكن العملية تسير في بطء شديد وفي كل مرة تصطدم بعراقيل رغم انه بإمكان القائمين على شؤون القطاع تفعيل هذا المشروع لخدمة الشباب. في حين انعزلت البقية من جماعة الافلان بعيدة عن الساحة الكروية إما بسبب المرض والتقدم في السن أو لغياب الاهتمام وعدم الأخذ بمشورتهم في أمور عدة عزلتهم عن الوسط الرياضي. لا أثر لعمار رويعي منذ نهائي كأس افريقيا مع الحمراوة عمار رويعي هو ايضا يعاني في عزلة منذ ان طلق عالم التدريب نهاية الثمانينات حيث كان قد قاد المولودية الوهرانية الى نهائي كأس افريقيا للأندية البطلة سنة 1989 و لسوء حظها انها خسرت الكأس بوهران امام الرجاء البيضاوي الذي كان يدربه آنذاك المدرب الجزائري رابح سعدان, عمار رويعي الذي هو الآخر ساهم في النضال الرياضي مع فريق الافلان بحاجة الى من يتذكره و لو بتكريم من السلطات المحلية رفقة بخلوفي. * بخلوفي ومخلوفي ورويعي وسعيد عمارة