سيبقى فريق جبهة التحرير الوطني رمزا خالدا في الكفاح ضد المستعمر الفرنسي، وسيظل لاعبوه خالدين مادامت ملاحمهم الكروية شاهدة على نبوغهم تتوارثها الأجيال الكروية المتعاقبة في الجزائر، وعندما تعود بذاكرة أي من هؤلاء الذين لا يزالون على قيد الحياة - أطال الله في عمرهم - ستكتشف قيمة تلك التضحيات التي قاموا بها، وتركهم حياة البذخ والنجومية في عالم الاحتراف الجذاب. قدور بخلوفي واحد من هؤلاء الذين يعترف لهم التاريخ والجزائر، بالمساهمة الفعالة في إعلاء كلمة الحق التي كان يناضل من أجلها كل الشعب الجزائري، لكن بطريقة أخرى، ويفتخر عمي قدور بكلمة يرددها دائما '' أنا كنت مجاهدا بالكرة ''، فكيف كانت قصة هذا الجهاد الكروي ومشوار الرجل المعروف بتواضعه وبساطته، ومعه ذلك الفريق الخالد ولاعبوه الأفذاذ؟ ذلك ما حاولنا معرفته مع سي قدور بخلوفي نفسه، الذي ورغم متاعبه الصحية، إلا أنه كان مرحبا بجريدة ''المساء''، ونحن كذلك راعينا هذا الطارئ الصحي، الذي ألم به والذي نتمنى أن ينزاح عنه وينعم الله تعالى عليه بالشفاء العاجل والعافية، ونهلنا ما سمحت لنا به الظروف، لكن وجب علينا تقديم تحية إكبار لذاكرته التي لا تزال متقدة، وتحتفظ بأدق التفاصيل لمسيرته التاريخية، ومعها فريق جبهة التحريرالوطني ولاعبوه المحترفون. بداية مسيرة ''الجزائري البرازيلي'' يتذكر قدور بخلوفي جيدا أن أول إجازة أمضاها كانت سنة 1950 وهو في سن ال12 مع فريق ''كالو''، الذي كان يمثل حي ''ساطاطوان'' العتيق الذي ولد فيه يوم 7 جوان ,1934 ونشأ وترعرع فيه، ولما بلغ فئة الأواسط (سنة ثانية) اتصل به فريق الجمعية الرياضية لميناء وهران، الذي كان يمثل حي سيدي الهواري الشهير. وكدليل على امتياز اللاعب بخلوفي - فضلا عن ربط الوصل به - خصص له فريقه الجديد أجرة شهرية ب 5000 فرنك فرنسي قديم إضافة إلى امتيازات أخرى. ومع الجمعية الرياضية دشن لاعبنا سجله الرياضي بنيله كأس الجزائر عقب فوز فريق ميناء وهران في الدور النهائي، الذي جرى بملعب بوعقل أمام فريق حرس معسكر، وسجل هو هدفا من الهدفين اللذين تفوقا بهما فريقه، مع العلم أن قدور بخلوفي احتفظ بمنصب لعبه كوسط هجومي في كل الفرق التي لعب لها وفي فترة معينة مع فريق جبهة التحرير الوطني، وأبدع فيه حتى أضحى يلقب بإسم ''إيزو مالفي'' أحد الاعبين البرازيليين المهرة، والذي كان توج بلقب البطولة الفرنسية مع فريقه نيس سنة ,1951 وهذا اللقب أطلق عليه هنا في مدينة وهران قبل ولوجه عالم الاحتراف. تجربة جيدة في موناكو إبداعات الجزائري قدور بخلوفي أو البرازيلي ''إيزو مالفي'' تناقلتها الألسن وأصغت إليها الآذان جيدا، ومن بينها مسيرو فالنسيا الإسباني الذين اتصلوا به في فترة من سنة ,1956 والفضل في ذلك يعود لمدربه السابق في فريق كالو الإسباني لارما، الذي أطرى كثيرا على إمكانات بخلوفي حيث قال لهم حرفيا '' في الجزائر يوجد شاب برازيلي''، بعدها تلقى دعوة واتصالا مماثلا من نادي موناكو الفرنسي لإجراء تجارب، حيث شارك في دورتين وديتين واحدة في إيطاليا والأخرى في ألمانيا، أبان فيهما قدرات فنية كبيرة نال بها رضى مسيريه، ليستقر به المقام في نادي موناكو وهو في سن ال,23 وقد لعب مدرب نادي ''سانت أوجان '' بوهران فريدمان دورا هاما في ذلك. ويقول بخلوفي عن هذه التجربة الاحترافية الجديدة عليه : '' لقد كانت تجربة جيدة لي رغم قصرها، خاصة وأنني زاملت ثلاثة لاعبين جزائريين آخرين كانوا قبلي في فريق موناكو، وهم حارس المرمى بوبكر وزيتوني الذي كان يعد أحد أحسن مدافعي المحور في العالم في ذلك الوقت، والمرحوم عبد العزيز بن تيفور، وأتذكر جيدا أن أول مباراة دشنت بها مسيرتي الاحترافية، كانت تلك التي جمعت بين موناكو وفريق رامس لألبارتو باتو، وفيها سجلت أول هدف لي في مشواري الكروي في البطولة الاحترافية الفرنسية''. لا صوت يعلو نداء الجبهة سنة ,1958 كانت حاسمة في المشوار والتاريخ الرياضي لقدور بخلوفي وعدد آخر من أقرانه من اللاعبين المحترفين الجزائريين، لأنهم وببساطة كانوا على موعد مع التاريخ، حيث تلقوا جميعا نداء جبهة التحرير الوطني بترك أنديتهم والالتحاق بتونس قصد تشكيل فريق كروي يكون سفيرا لها في المحافل الدولية، وبخلوفي يروي قصة ذلك بالتفصيل: '' تلقيت نداء جبهة التحريرالوطني من زميلي بن تيفور في نزل (لو لوفر) بباريس التي انتقلنا إليها رفقة فريقنا موناكو لخوض مباراة الدور ربع النهائي من كأس فرنسا بملعب قصر الأمراء ضد نادي استراسبورغ، مع العلم أن بن تيفور كان مسؤولا في الجبهة وفي ذات الوقت عضوا في الاتحادية الفرنسية لكرة القدم، وأخبرني كذلك بموافقة وتلبية زميلي بوبكر وزيتوني نداء الجبهة، وقبل ذلك بأيام وتحديدا في شهر رمضان المعظم كنت قد تلقيت عرضا من فريق ليون.. وفي شهر أفريل 1958 استقللت القطار مصحوبا بزوجتي التي كنت أخبرتها بالأمر والتي شجعتني وشدت من أزري، قاصدين مدينة ''سان ريمون'' الإيطالية، وأتذكر أنني قبل عزمي على أمري كنت قد ادعيت الإصابة (تمزق عضلي)، حتى لا أشارك فريقي في المباراة التي كانت ستجمعه ضد فريق أنجي الذي كان يلعب له زميلي عمار رويعي، وحتى أستفيد من أيام للراحة قصد الاستعداد جيدا لما أنا مقبل عليه، كان ذلك يوم خميس وثلاثة أيام بعد ذلك (الأحد) عبرت الحدود الفرنسية إلى إيطاليا، ليلتحق بي زملائي زيتوني وبوبكر ورويعي والمسؤول المرحوم محمد بومزراق، وجميعنا توجهنا إلى العاصمة روما، حيث مكثنا بها ليومين ريثما نتحصل على تأشيرات الدخول إلى الأراضي التونسية التي كنا نحن الخمسة الأوائل التي وطأتها أقدامنا''. في تونس، بدأ بخلوفي وزملاؤه - الذين كانوا الأوائل الذين حطوا الرحال بالأراضي التونسية - تسطير ملحمة نضالية كروية يرويها لنا بقوله: '' لقد كنا نحن الخمسة نشكل الفوج الأول من اللاعبين المحترفين الذين لبوا نداء الجبهة، ولما وصلنا إلى تونس مصحوبين بزوجاتنا أقمنا بفندق ماجيستيك، وتكفل بن تيفور بالتحرك للاتصال بالمسؤولين الجزائريين وإخبارهم بوجودنا، لأنه كان أكثرنا خبرة واطلاعا بهذا البلد، باعتباره سبق له اللعب في فريق حمام الأنفالتونسي قبل الذهاب إلى فرنسا، وتمكن من الاتصال بمسؤول القاعدة بتونس واسمه الرائد قاسي، الذي تنكرلنا في البداية بحجة وجود فريق الجيش الوطني الشعبي وهو يشارك في دورة دولية في الشرق الأوسط، لكن سرعان ما وقف على حقيقة أمرنا، لما تفاجأ في اليوم الموالي بكم هائل من الإعلاميين من مجلة باري ماتش الفرنسية وبلجيكا يقتحمون بهو بهو فندق ماجيستيك لما علموا بإقاماتنا فيه والتي نعتتنا ب(الفلاقة)، فانتقل إلينا رفقة الأستاذ بومنجل ليعتذر ويتأسف على مابدر منه''. هذه الحادثة، لم تؤثر على اللاعبين المحترفين الجزائريين الذين تواصل تدفقهم على تونس تباعا، حيث لحق بهم الفوج الثاني الذي كان مكونا حسب بخلوفي من : رشيد مخلوفي (سانت ايتيان)، بوشوك (تولوز)، المرحوم إبراهيمي وكرمالي (ليون)، المرحوم مختار لعريبي ووجاني. وكان أول تدريب للتشكيلة الأولى لفريق لجبهة التحرير الوطني يوم 17 أفريل 1958 بملعب النادي الإفريقي التونسي تحت إشراف المرحوم حاج دراوة. ويواصل بخلوفي سرد قصة تكوين النواة الأولى لفريق جبهة التحريرالوطني :'' بالتحاق الفوج الثاني من لاعبينا المحترفين أصبحنا نشكل فريقا ب11 لاعبا فقط، بعدما أضفنا لاعبا اسمه الخالدي وهو من أم تونسية وأب جزائري، وشاركنا ولأول مرة في دورة مغاربية نظمت في تونس باسم (جميلة بوحيرد)، وفزنا بكأسها بعدما هزمنا في المقابلة الأولى المنتخب التونسي ب (06)، وألحقنا الخسارة كذلك بالمنتخب المغربي برباعية وقعناها كلها في الشوط الثاني، وكان الشيئ الكبير والمميز في هذه الدورة والذي لن أنساه أبدا، هو أننا لعبنا لأول مرة بالعلم الجزائري وبعزف النشيد الوطني ''. في تونس، ومع فريق جبهة التحرير الوطني، أجبر ''الجزائري البرازيلي''، قدور بخلوفي، على تغيير منصب لعبه من وسط ميدان هجومي إلى مدافع أيسر ويقص ذلك : '' في هذه الدورة وفي غرف الملابس، تكفل المرحوم عبد العزيز بن تيفور بتشكيل الفريق الذي كان سيواجه المنتخب التونسي حيث طلب مني اللعب في منصب مدافع أيسر. رفضت في بادئ الأمر لكن اقتنعت فيما بعد برأيه لأننا كنا 11 لاعبا فقط، وغياب مدافعين (أيمن وأيسر) حقيقين بعد تأخر التحاق كل من عبد الله شافي وزوبا، ورغم هذا الطارئ إلا أنني كنت أحسن لاعب في الفريق، فمن رواقي كنت أساهم في الهجمات وأراوغ، وساعدتني التقنيات التي كنت أتمتع بها كثيرا في زرع الخطر في منطقة مرمى المنافس". رغم قلة عدده، إلا أن فريق جبهة التحرير الوطني أبلى البلاء الحسن، وازداد قوة لما توافد الفوج الثالث من لاعبينا المحترفين الذي كان يتكون من: معوش، حسان بورطال، المرحوم بن معزوزة، عبد الله شافي، حسين بوشاش، حسان شابري، زوبا، الأخوين سوكان محمد وعبد الرحمان، ليعقبه الفوج الرابع المكون من: كروم، سعيد عمارة، دفنون، بوريشة، واليكان، المرحوم بن فضة، بوشاش شريف، علي دودو الذي كان في فريق الجيش الوطني الشعبي والتحق ليكون رديفا للحارس بوبكر. وقد كانت أول خرجة لفريق جبهة التحرير الوطني خارج الأراضي التونسية إلى ليبيا في شهر جوان ,1958 حيث قضى بها قرابة 15 يوما لعب فيها أربع مباريات فاز بها كلها، ثم انتقل إلى المغرب ليجري بها ست مباريات أخرى، انتصر فيها كلها كذلك، وكان ذلك بين شهري نوفمبر وديسمبر من نفس السنة (1958)، لتتوالى الدورات والخرجات التي كان يقوم بها زملاء بخلوفي بهدف التعريف بالقضية الجزائرية العادلة، لتأتي أول خرجة إلى الشرق الأوسط في الفترة الممتدة من 19 جانفي إلى ال17 مارس ,1959 حيث زار فيها كلا من الأردن وربح فيها أربع مقابلات، ثم العراق وانتصر في ست مقابلات لعبها فيه، ليقوم بأول جولة في أوروبا الشرقية في الفترة الممتدة من ال24 أفريل إلى غاية ال30 جويلية ,1959 ثم أخرى ثانية في الفترة الممتدة من شهر مارس إلى غاية ماي,1961 حيث لعب 21 مباراة في دول يوغسلافيا، بلغاريا، رومانيا، المجر وتشيكوسلوفاكيا ربحها كلها أيضا، ثم قام بدورة في آسيا في الفترة الممتدة من ال29 أكتوبر إلى غاية ال28 ديسمبر ,1961 شملت دولتي الصين الشعبية وفيتنام الشمالية حيث لعب فيها 11 مباراة كسبها كالعادة. وبعملية إحصائية، فقد أجرى فريق جبهة التحرير الوطني في جولاته التي قام بها 91 مباراة فاز ب,65 تعادل في 13 وانهزم في 13 أخرى، وسجل خط هجومه 385 هدفا وتلقى 127 هدفا، وعلق بخلوفي على هذه الأرقام بقوله: ''هي أرقام تدل على قوة فريق جبهة التحرير الوطني ومناعة لاعبيه الأفذاذ، ومنهم زيتوني الذي كان يعد واحدا من أحسن مدافعي المحور في العالم، وكان مرشحا أن يلعب مع المنتخب الفرنسي في نهائيات كأس العالم ,1958 وقد استغرب الأسطورة الأرجنتيني دي ستيفانو ذلك - وهو الذي انبهر بفنيات زيتوني لما احتك به عن قرب بمناسبة مباراة لعبناها ضد فريق ريال مدريد في العاصمة الإيطالية روما - حيث سأله عن سبب إحجامه اللعب لمنتخب فرنسا، فأجابه زيتوني حرفيا: '' أفضل أن أكون في فريق جبهة التحرير الوطني على المشاركة مع فرنسا في كأس العالم". أعتز بأنني اللاعب الوحيد الذي لعب كل المباريات ويؤكد قدور بخلوفي أن فريق جبهة التحريرالوطني أدى ما عليه، وكان في مستوى المهمة التي أنيطت به. مضيفا: '' لقد كنا أحسن سفراء لبلدنا وقضيته، وأنا فخور بذلك لأنني صنعت تاريخا تفتخر به عائلتي وأبنائي، فأينما حللنا وارتحلنا إلا وكنا محط تجاوب واستقبال كبيرين، فمنا من كان معروفا في كل بقاع الدنيا كرشيد مخلوفي وزيتوني، وأتذكر أنه أطلق علينا نحن فريق جبهة التحرير الوطني اسم '' هارلم كلوب ستروتار '' الفريق الأمريكي الشهير في كرة السلة، وكان ذلك في يوغسلافيا، بعدما انتصرنا على منتخبها ب (6-0)، سجلت أنا هدفين والأربعة الأخرى وقعها رشيد مخلوفي، وحسب الإحصائيات، فقد كنت الاعب الوحيد الذي لعب كل مباريات فريق الجبهة ولم أضيع ولا واحدة منها، وكنت أحيانا أشغل منصب إبراهيمي أو بن تيفور أثناء غيابهما". بعد استقلال بلادنا سنة ,1962 دخل أبطال فريق جبهة التحرير الوطني إلى بلدهم الجزائر، حيث استقبلوا استقبالا مشهودا من قبل أعضاء الحكومة الجزائرية المؤقتة، ولا ينسى بخلوفي الكلمة التي قالها أحد المسؤولين السياسيين في ذلك الوقت في حق الفريق، عندما صرح أمامهم : '' فريق جبهة التحرير الوطني حقق تقدما بعشر سنوات للكفاح والثورة ''. وارتأى اللاعبون البقاء في الجزائر باستثناء عدد قليل منهم فضلوا العودة إلى فرنسا كالمرحوم علي بن فضة وبوريشة ومخلوفي. محطات مختلفة والتألق واحد بعد هذه الملحمة الكروية العالمية لفريق جبهة التحرير الوطني، تفرق لاعبوه في الجزائر لمواصلة اللعب، واختار قدور بخلوفي معاودة مداعبة الكرة في بلده في فريق اتحاد سيدي بلعباس لموسم واحد (1962/ 1963)، تلبية لرغبة مسؤوله الدكتور حساني الذي كان مع فريق الجبهة في تونس، وزامل بخلوفي في الاتحاد لاعبين من أمثال المرحوم بن يمينة، بن قمرة، جانيتي وبتي عباس. وفي الموسم الموالي (1963/ 1964) تنقل لفريق جمعية وهران بعد تلقيه عرضا من رئيسه حميدة، ليشارك لاعبين آخرين الدفاع عن ألوان هذا الفريق الغالي على نفسه من أمثال المرحومين رقيق عبد القادر والجيلالي، بن ديدة عثمان، باركة موسى، بوزيان بلعروي، وفي سنة 1966 التحق بفريق اتحاد سطيف لموسم واحد فقط، وفي كل هذه الفرق التي لعب لها هنا في الجزائر كان ينشط في منصبه الأصلي وسط ميدان هجومي. بعد سنوات من الاجتهاد والعطاء، وضع قدور بخلوفي نقطة النهاية لمشواره كلاعب سنة ,1967 ليقتحم مجال التدريب بعدما تحصل على دبلوم خاص بذلك، وكان أول فريق دربه هو جمعية وهران موسم (1968 / 1969)، ليستمر في عالم التدريب لكن لفترات متقطعة، حيث درب فرق اتحاد السوقر، اتحاد أولاد نايل، فريق سيدي علي، النادي المكناسي المغربي، شباب العامرية، وطبعا جمعية وهران التي كان يعود إليها كل مرة تكون في أزمة. ويقول قدور بخلوفي، مقيما مشواره الكروي : ''بالنسبة لمشواري الاحترافي في فرنسا، فقد كان مهما رغم قصره ولست نادما على قطعه، لأن الواجب الوطني هو الأولى، أما مع فريق جبهة التحرير الوطني، فمنحني الله عز وجل فرصة قيمة لخدمة بلدي، فلقد كنت مجاهدا بالكرة، وأنا فخور بذلك كما يفتخر به أبنائي. أما مع جمعية وهران، فقد أعطيتها كل ما أملك من خبرة وجهد ومعارف كروية، وساهمت في رفع شأنها من خلال تكويني لعدد كبير من لاعبيها، أصبحوا نجوما في الساحة الكروية الجزائرية، ويكفيني فخرا أنه وفي سنوات الثمانينيات استدعى الناخب الوطني للأواسط في ذلك الوقت، نور الدين سعدي، ثمانية من لاعبينا للمشاركة في دورة بإيطاليا من بينهم: بلخطوات، بوكار، بلحاج والحارسان وداد وبركان كرشاي، كما أفتخر بإيصالي فريق الأكابر للجمعية إلى نهائي كأس الجزائر سنة ,1983 حيث انهزمنا مام فريق مولودية الجزائر بأسمائها اللامعة كبوسري، بن الشيخ، أيت موهوب وغيرهم، وقد عد هذا النهائي الأحسن في تاريخ نهائيات كأس الجزائر لحد الآن حسب أهل الاختصاص''. كلمة ختامية "ما تعلمته في مشواري، سواء كلاعب أو مدرب، هو أهمية العلاقات الإنسانية، التي والحمد لله كانت قوية وممتازة مع كل الذين أعرفهم، فأنا ابن حي ''ساطاطوان ''، وسأبقى وفيا له ولفرق وهران سواء الجمعية أو مديوني أو مولودية وهران، التي كان بإمكاني تدريبها قبل أن يدربها سعيد عمارة، بعد الدعوات الكثيرة التي تلقيتها من الرئيسين السابقين، المرحوم قاسم بليمام ويوسف جباري، لكن لم أفعل ذلك تقديرا لجمعية وهران ولأنصارها الذين أحترمهم كثيرا كما يحترمونني، فعلى فرق وهران العمل أكثر حتى تعود لمستواها الرفيع السابق. وأتمنى النجاح الكبير للفريق الوطني، لأنه سيبقى سليل فريق جبهة التحرير الوطني الذي ستظل ملاحمه خالدة وشاهدة على حب الجزائر''.