ننتظر بفارغ الصبر تطبيق قرار الضمان الاجتماعي "قدور بخير والحمد الله... ولكن بفضل محبة الشعب لي، الذي لم ينساني ولو مرّة، وبقي وفيا لي، يتفكرني ويسأل عني طيلة الأيام الصعبة التي قضيتها، أصارع فيها ويلات التهميش والنسيان...،" بهذه العبارات بدأ الفكاهي الوهراني قدور بلقدور، حواره معنا لدى استضافتنا له في مقر "الجمهورية"، مضيفا بأنه ورغم الجراح والآلام التي لا يزال يكابدها "بقي صابرا، صامدا، مؤمنا بقضاء الله وقدره، مضيفا ونبرة متحسرة "إنني اليوم، أقاسي لوحدي ، لا عمل، لا أجرة شهرية ولا هم يحزنون..." يا حسراه... ! - يضيف الفنان- الذي كان ذات يوم يدخل الفرحة والبهجة في نفوس الملايين من المشاهدين الجزائريين، "أتذكر جيدا في الماضي، لما كان العديد من المخرجين والممثلين يتسابقون على توجيه الدعوة لي لتمثيل مختلف الأفلام، السكاتشات، والمسلسلات الفكاهية "... ، "ولكن للأسف لم تكن هذه الأعمال التي كنت أنجزها، لتسد رمقي ورمق أسرتي، "باعتبار أن جلّها إن لم نقل كلّها، كانت موسمية، ولا تتم إلا في فصل الصيف، أو شهر رمضان، "لأجد نفسي، ضائعا، تائها، بدون مال أو أجرة أقضي بها حوائجي اليومية، بل وحتى عائلتي وجدت نفسها مرمية عند أخي دون مأكل ولا شراب".... "كانت بالفعل حياة قاسية، ومؤلمة" يقول قدور ...."تذكرت خلالها مقولة إن الفنان الجزائري عندنا، لا يزال يحتاج إلى التفاتة حقيقية من قبل السلطات الوصية، حتى ترفع عنه آلام الغبن وغبار التهميش والنسيان"، سألناه عن أسباب ذلك، ولماذا لا يزال المثقف والفنان يصارع هذه الوضعية الصعبة التي يتخبط فيها، فأكد لنا قدور "بأن الأمر بالفعل دراماتيكي، وأنه ينتظر الكثير من القرار الأخير الذي أعلنته وزيرة الثقافة والقاضي بتحسين وضعية الفنان ماديا، وتأمينه من مختلف الأضرار والمشاكل التي تواجهه في مسيرته الفنية"، مضيفا "أنه يجب الإسراع في تطبيق هذا القرار الذي طال أمده، لاسيما وأن هذا الإجراء هو أقل شيء يستفيد منه الفنان في بلدنا، الذي خدم وطنه وضحى من أجله حتى ينهض بقطاع الثقافة والفن النبيلين والشريفين"... لاحظنا صراحة ونحن نحاوره أن الفكاهي قدور، كان بالفعل متأثرا بالوضعية التي بات عليها اليوم، وأن ملامح التعب والأسى كانت بادية على محياه، جراء ما قاساه ولا يزال من إقصاء وتهميش ونسيان"، ولكنه بدا في الوقت نفسه متفائلا ومتشبثا بخيوط من الأمل المشرقة، علّ وعسى ينهض من كبوته التي ألمّت به"، ليكشف لنا قدور "بأنه ورغم محنته التي ألمّت به، إلا أنه وجد الكثير من المحسنين وأصحاب البر الذين وقفوا إلى جانبه، وخففوا من أزمته القاسية التي زادته قوة ،صمودا وثبوتا، حيث قال لنا بأن "محسنا معروف في الساحة السينمائية بوهران، استأجر له مسكنا لمدة سنتين كاملتين، الأمر الذي مكّنه من لملمة جراح أسرته المشتتة، المرمية عند أخيه في حي قمبيطة العتيق" وأنه تلقى وعودا من مسؤولي قناة فضائية فتية بشرق البلاد، بتوظيفه في أقرب الآجال، حتى يسد رمقه ورمق أفراد عائلته المتكونة من 3 أفراد (زوجته، ابن وبنت)، مضيفا أن الخير في الجزائر لم ولن ينقطع عن أمتنا و سيبقى وطننا واقفا وشامخا، بفضل أبنائه المحسنين البررة، الذين تجدهم متضامنين ومتكاتفين في مثل هذه الظروف الاستثنائية الحالكة" وأكد لنا الفكاهي قدور والابتسامة لا تفارق محياه، بأنه "سعيد بكونه لم يشعر ولا يوم بأنه وحيد، أو تناساه زملاؤه الفنانين الذين عاش معهم أجمل وأحلى اللحظات السينمائية"، حيث قال لنا "بأن العديد من الفنانين والفكاهيين الذين مثّل معهم، لا يزالوا إلى حدّ اليوم يتصلون به، ويطمئنون على أحواله"، معتبرا "أن مثل هذه الأمور تشجعه على الصبر، الجلد، والإيمان بأن وضعيته الحالية ستنفرج وستنقضي إلى غير رجعة... "وأن مثل هذه الابتلاءات والمصائب لا تزيده إلا عزما على البقاء صامدا، شامخا، وهادئا، حتى تمر هذه الغيمة السوداء التي مهما طال أمدها ستنجلي وستذهب لتحلّ محلها أيام مشرقة وزاهية مثلما كان عليها الفكاهي قدور في الماضي. ليضيف، "بأن الفنان في الجزائر، لا يزال يصارع من أجل لقمة عيشه، وأنه ينبغي عليه رفع التحدي و مكابدة نيران التهميش ولهيب النسيان القاتلتين"، لاسيما وأن الكثير مثله يعاني في صمت، دون أن تحرك الجهات الوصية لتخرجه من المستنقع الذي يتخبط فيه. ليوجه الشكر في الأخير للعديد من الشخصيات الفنية والسينمائية التي وقفت معه وساندته في محنته التي عصفت به في السنوات الأخيرة، على غرار مخرج "الكاميرا المخفية" حمو، و حتى الممثل لخضر بوخرص الذي كان في كل مرة يوجه له الدعوة للتمثيل في الأفلام و المسلسلات التي كان يطل فيها مرة على مرة الفكاهي الوهراني قدور بلقدور. والأمر الذي أسعده كثيرا وجعله يصمد طيلة هذه السنوات والأيام القاسية التي واجهها في شوارع وهران التي سيتذكر بأنه كانت أرحم وأرأف من تهميش و إقصاء الجهات التي كان ينبغي عليها الاهتمام به والوقوف إلى جانبه حتى لا يبقى في الوضعية المزرية التي هو عليها اليوم.