الليل خليل المتألمّين .. من بات ليلة واحدة فقط باكيا سيظل اسمه عالقا به دوما .. وهل لذاكرة الليل أن تُسقط من قائمتها حبات لؤلؤ العينين ؟ ما هي بفاعلة والجسد ينام لتستيقظ الروح لتفتح كل الأبواب التي أغلقت في وجهها نهارا .. فأمام ضوء النهار كل الحقائق المقلوبة المشوهة مقبولة لذا سيبقى دمع الليل هو الأنقى دوما. ليس من السهل الكتابة عقب الصمت ولا يمكن جرّ المعاني عُنوة حتى تبدو في نظر الآخرين مقنعة لأن في إبداء فصول هذه المسرحية خيانة لضمير الكتابة وخيانة للذات قبل كل شيء ولكن الكتابة ليلا هي أعمق نقطة هدوء يمكن أن تعرفها فتشعر أنك للتو فقط تبدأ الكتابة وكأنك قبلا لم تكتب شيئا يستحق الذكر لذا يروق لي هذا العنف الذي يلتصق بأصابعي فأحسها تنقضّ على أسوار المألوف من ملامح كتابتي ولا تفارقها إلا بعد أن تجهز عليها وتصير غير موجودة تماما .. نفس الأصابع ترسم لنا ملامحا أخرى جديدة عبر نصوص جديدة وتعود لتنكرها وتكرر الهدم من جديد وهكذا تستمر دورة الكتابة فينا. ولكن ..السطر هو الهدوء كله .. هو ذلك الضجيج المصطف على راحة النفس .. المتساقط منها شيئا فشيئا من دون أن يحدث صوتا .. هو الغربة التي نحبها .. هو وقع أقدام أحلامنا .. حين نلتفت لنرانا فيها في كامل العنفوان .. هو السكر الذي يذيب ملامحه البيضاء ليغير طعم الحياة على حافة لسان تعود المرارة. ثم ماذا؟ ... ضجر المنتصف ،، حين تصيبنا الحيرة ولا ندري ما الصواب ... وما المعلق بالغيب سوى ارتجافة خائف من عصي خضراء لا يقبلها الحريق .. ضجر المنتصف لا ينصف القلب ولا يرضي الضمير ولا يترك الهناء يتسلل من فتحات الانتظار .ولكن .. ثمة دوما سكر يذوب على حافة اللسان وعصي خضراء تنبت في ربيع مقبل.