الجزائر البيضاء تحوّلت إلى أرض سوداء وتونس الخضراء تحوّلت إلى بقعة حمراء وبين اختلاط الألوان وتمازجها يظهر قوس قزح في السماء.. وبين الضجر والغضب والهراوات والعصي والرصاص يظهر العصيان.. نهق حماري وقال.. ويحك لقد خلقت جوا ربيعيا مملوءا بالألوان؟ قلت له.. قدرنا وقدر كل العرب أن نرزح تحت أقدام الظلم.. نحن وجيراننا نعيش نفس الظروف ونفس المشاكل ونفس الآلام.. وكل العرب من المحيط إلى الخليج يتقاسمون نفس الشح والتقتير والمهانة ولكن.. هناك من دمه ''سخون'' وهناك من لم يسخن دمه بعد.. قال متنحنحا.. أواه يا صاحبي أظنك على خطأ.. الدم ساخن في كل مكان ولكن من يملك الجرأة على الصراخ.. جيراننا كانوا يكتمون النفس والكلام والفقر والظلم ثم ثاروا.. وحينما ثاروا واجههم النظام بالرصاص.. وسميوا بالشغب بدل الشعب.. ونحن دائما نثور.. نثور.. ونخرج للشارع حتى أصبح الشارع ملجأنا للصراخ والغضب.. ومع ذلك لم نحصل على أي شيء.. وحصروا همّنا في الزيت والسكر.. قهقهت عاليا وقلت له.. نعم ثورة الزيت والسكر.. كم تصغر الأمور والمطالب.. هذه هي الدولة حينما تريد تقزيمك تقزّمك وتحبسك في كيس سكر وقارورة زيت ''وروح أنت واطلع من عنق الزجاجة''..