رجل الوقت سهوا لن يعود كذلك، رجل السهو الذي يباغت اللحظة و يضرم النارفي الذاكرة و في الأثواب لم يعد كذلك، رجل النسيان الذي يجيء في منعطف شيخوخة القلب يذكي حنينا آخر و يأتلف مع جديد وافد،طارق لباب ليست تشرع للنسيان دائما بل إلى رجل أو امرأة يوشحهما الرذاذ و الشوق و أحلام البدايات و عطر المكان، عن الرجل الذي غاب و انسرق تحت مطارق أخرى، السفر، الظروف، الخوف، غوايات إمتاع تأكل الجيب و ثلاثة من ثلث قلبه، عن هذا الرجل كتبت أحلام مستغانمي، عن أعراض غياب يمارس في منتصف شمس الحضور، هاتف لم يعد يجب رنينه، بائع ورد استبدل ورده بلوازم التنظيف المنزلي،و المغني الرائع داخل صوته التقعر و الأنثوية و بحة الإنتهاءات، أعراض ذكرتها السيدة الأديبة و لم تذكر أعراض أخرى في كتابها الأسود /نسيان كوم/ COM/ لأول مرة تتطرق الكاتبة الباذخة في نصوصها المعشوقة، و لرابع مرة ينتظرها القارئ أن تطل من الشرفة الرابعة أيضا حيث سلال الورد و رقصات ماجدة الرومي و موسيقى ألبينوني ALBINONI، و رواية ما بعد الثلاثية عن الأسود الذي يليق بك أيها الرجل، و للمرة صفر من الكتابة تختار/الحب/ ملازما لرديفه السيء الوقع، الوقع هو النسيان، بدت ريشة أحلام تنوح، بدا البياض يترنح، و بدت ماجدة متخلية عن أسودها الجميل، النفناف،إن هذا الكتاب يحب أن يحبه القارئ كما يحب الكتب، و يجب أن ينساه كما ينسى العشاءات الرديئة و ألبسة الصيف و طاجين الزيتون أيام الخميس و الجمعة·· شك كبير في أن الكتاب و مقالاته تخير القتامة لونا، و تخير الزمن في كهولته الآفلة، و تخير الصيدلية التي تفتح ليلا لكي تبيع النسيان مع حبات الفياغرا، الصيدلية التي تثقب غشاء الليل بوصفه السحر، سحر مستغانمي، سحر لغة مستغانمي، سحر فوضى مستغانمي، أدمتني الدهشة و أنا أبحث عن حواسي، و أدمتني فوضى القصص التي سردتها القسنطينة في غفلة عن قرائها الرجال، الرائعين، الوسيمين، الذين جملهم الأدب و تركهم كالعذارى المغدورات، إن القسنطينة تسللت بدائها إذ هي تؤنس وحشة النساء العربيات - قد يكن صديقات لها أو هن مجرد قارئات- انمحى الحب تحت أصابعها إذ راحت تمجد السلوى، و تؤسس لدولة العزاء، و هي لا تدري و قد لا تدري أن نصها يشبه أقاصيص الإذاعات المحلية و اعترافات أنصاف الليالي العربية الكالحة التي يتهيج بين أسلاكها صوت إمرأة أفقدها الحب رسائله الجميلات، و أفقدها الحبيب رسائله القصيرة على هاتف نقال كان لونه أحمر، بنفسجي متوحش، أو وردي في لون علكة الطفلة الصغيرة التي تمضغ ببطء غير أنها تطلب المزيد، هو سؤال /النسيان في الحب/ أي بعده، يقصد هذه السيدة أم هي تقصد في حالته، عنفوانه، اشتعالاته الغامضة، سموه الصاعد و مرتقى الأنفاس حيث القبلة، قبلة عشاقها الذين أحبوها في ذاكرة الجسد، كانت هي الأكبر في تاريخ الأدي العربي، إنه هو سؤال عاطفي، حارق، نصله حاد و التفكير فيه سهاد و سهاد، هذا فخ ينصبه الكاتب لقارئ لم يعد مجهولا، بل هو يريد أن يحيا مزاجه، متعته، دواخله المفعمة بالفيوصات، كان البال هانئا، و الضمير في رقدته واثقا و المبادئ العاطفية لا تحتاج إلى ميثاق اخلاص لا على السبورة التي تسبق فيها الممحاة الطباشير و لا على ادعاءات محاكم النقض التي تريد للحب أن يكون كالقانون، و اللحظة مع أحلام في كتابها الأسود تريدنا أن نحلف، و أن نجهر بالقسم، و أن ينشر لنا أشياء على /النت/، /NET و أن توقع النساء الجميلات على ارتضاء رشوة التناشي تحت الموضة العجائبية التي يبرع فيها الخليجيون إذ هم يشكلون أندية الإستشارات النفسية، و يملأونها بعصفوريات ضحايا الحب على شاكلة مستشفى العصفورية في بيروت و العياسية في القاهرة، و ميشال فوكوفي في المغرب و دريد حسين في الجزائر·· من موقعها الكتابي الشهير و من موقعها التاريخي العاطفي كان يمكنها أن تكتب في الخيانة، فهي خيايانات، أن تكتب في المنسي من الأقاصيص اللواتي أبكاهن الرحيل، و الهاتف النقال و الرجل المسافر، و شبهة المرأة اللعوب، هي فعلا أكثر من أقاصيص دامية، تصاوير مخلوعة من أعمار النساء المسكينات، اللواتي ظللنا شاخصات الذاكرة يتلمحن عودة المفارق، المعانق، لكنه لم يعد، تصاوير منثورة للتو في مفاصل القراء و هم أمام حالة /الجهوزية/ و /التأهب/ و /المناورة/ لمغادرة الحب متى مر عطر امرأة خافت في أرجاء سيارة رجل أعار سيارته الجميلة لصديق ذاهب إلى موعد مع امرأة لم تأت·· صحيح مساكين، صحيح، هؤلاء العشاق، و هؤلاء الكتاب، و هؤلاء الأزواج، و هؤلاء القراء أيضا فبسب كتاب متطرف في رسوليته، استعاض الكاتب فيه بغيره، إن الكاتب التاريخي ليس له واجبات و لا نصائح، و لا أدوار تفصيلية،قد يموتون كمدا و بالقرحة أو بتمزيق شهادة ميلادهم، و ليس كذلك أن يطلب من المنهزمين أو المهزومين في أعماق الطاحونة أن يدونوا له جردة حساب بالخسارات العاطفية ليأتي بذلك رميهم في بئر نسيان آخر، بآخر كأن الذي سيكون و سيأتي حفرة رجالية يحلو للمرأة أن تردمها متى أرادت، وصفة خاطئة جدا، و قاتلة جدا، و لها مضاعفات غير ثانوية البتة·· - كما يقولون- كتاب خطير و شرير و لاعب و ساحر و مذكر و ناسي، كتاب في وداع الحب إلى الأبد، و ليس فيه، كتاب في تمجيد المرأة الضعيفة -من قال العكس- كتاب يحظر بيعة للرجال- على الغلاف و بالأحمر- لكنه ليس جديرا بأن يكون في يد امرأة عاشقة و رجل تعود أن تصحبه الوردات و الياسمين و قطوف نزار قباني إلى معشوقه، إن هذا الكتاب خطير و شرير و لاعب و مذكر و ناسي، أقل أوصافه هي هذه، إنه لا يقول للمرأة فقط انسيه، هذا الرجل جثة هامدة تتلى عليها فاتحة حب آخر، جثمان تنقله امرأة لعوب قادمة إلى جهنم الأخرى و الآخرة، بل يقول لها ابقي لحالك مع حالك، خليك يائسة، سيتركك كما سيترك التي بعدك· رحم الله الجدة و كل جدات القارئ العربي المسكين إذ كان يذكر رجل و امرأة مع ذئب، و ظل دائما يقال على أسماعنا الكليلة الهبل ذاته، ليلى و الذئب·· ليلى و الذئب هو عنوان يليق أيضا بل هو الأليق، فإذا حفزت مستغانمي امرأة مجهولة لم يوقعها لسانها المخبوء تحت كائن حبري خطير و قرأت نسيان·كوم، ستكون غادرة بالحب فإن المرأة ضعيفة، تصدق بسرعة، و تشك بسرعة و تذهب إلى إضبارات الرجل و إلى أرشيفاته بسرعة و إلى رائحة سيارته بسرعة و إلى دوران ساعته بسرعة، يقلل كتاب كهذا في اليقين و يرمي بحجارة البوليس داخل مسكن الحب الآمن و يحفز رجال القبيلة على الحب أكثر و على الخيانة أكثر طالما أنه يوجد كاتب هكذا يكون يخاتل، يتطرف، يلتزم بالضد، في الوقت الذي لا يستطيع أن يضيء درب من سار و لم يبع، من اشترى و لن يبع، و من باع النسيان و اشترى الأبدية· إن الكتاب الذي قرأته ثلاث مرات و ليال سويا لن يكون عندي مستنصرا و وصفه تناسي و بانادول تسكين، بلى إنه يشبه الأدوية المضادة للإكتئاب تلك التي يقول عنها طبيبك إنها مؤقتة و لكن مدى الحياة هي سيكون الأفضل لك و ليسأل كل واحد فينا من تعاطى /لاروكسيل/ و /لارغاكتيل/ و أقراص /التيميستا/، بعد كل جرح و إيلام، كل العالم يقول لك لا تذهب مرة أخرى إلى الحب حافي القدمين، النساء كلهن واحد، أفاعي، مسمومات، يتعشقن اللون الفضي و لمعانات و يملن أكثر إلى الرجل الكذوب لأنه يقدر أن يضخ في عوالمهن الكاذبة ما يرغبنه·· نحن الرجال لطالما سمعن نصائح كثيرة عن كلهن، فهن الغواني، أسيرات الثناء، و ملولات منه من الواحد، عاشقات تعدد و مال و سلطة، لكننا نذهب إلى الأبدية، ذاهبين إلى حقيقتنا، تفلسفنا حتى جعنا من مقولة /بردنارشو/ /لو كانت المرأة شيئا جيدا لاتخذ الله واحدة/ لكننا لم نفعلها، حتى و نحن في الثمانين، قال مقولته الرائعة، الخطيرة و الخبيثة ارنست همنغواي /ما تركت امرأة إلا كي أمنح السعادة لأخرى/·· هناك امرأة باعت حبيبها من أجل سيارة لا من أجل حب جديد، و هناك أخرى باعته من أجل تذكرة سفر و هناك أخرى باعته من أجل شريحة لحم البقر و هناك أخرى من أجل شريحة تليفون منعدم التغطية، و قوة الكلام ضعيفة جدا أمام كاتبتنا الرائعة و أحاسيسي أمام ما فعله رجل اسمه فان غوغ، هل ستصدق أحلام أن في العالم العربي يوجد رجل كفان غوغ الذي·