عندما وصل طيب رجب أردوغان إلى الحكومة في أنقرة صار المتتبعون للشأن الداخلي يلقبونه ب"صفر مشاكل " لأن خلال كل الحملة الانتخابية لحزبه كان يعد الناخبين بالوصول بالبلاد إلى تحليل كل العقبات و القضاء على معيقات السياسة و الاقتصاد لكن اليوم و بعد مرور أكثر من عشر سنوات على وصول حزب العدالة و التنمية إلى قصر أنقرة صاروا يعّرفونه ب"صفر حلول " في إشارة إلى أنّ الرجل لم يحقق لتركيا أي تقدم لا في الداخل و لا الخارج بل قمع الحريات و تسلط على ما اعتبره الأتراك مكتسبات تحققت منذ أتاتورك كالإعلام مثلا. و بوصول أردوغان إلى الحكومة التركية بدأ التأريخ للجمهورية الثانية و كانت الأولى تلك التي أعلنها مصطفى كمال أتاتورك في 1921 إذ بين الفكرين تباعد كبير في المعتقد بكل أبعاده السياسية والمبدئية و لكن حتى عند قيام الجمهورية الثانية لا أحد يحيد عن علمانية الدولة التي صارت كالإيمان بدين ما و يعتبرها الأتراك المكسب الذي لا يجب التفريط فيه مهما كانت قوة من يدير الحكومة و نحن نلاحظ أنّه مضى على حزب العدالة و التنمية أكثر من عشرة أعوام في الحكومة لكن مجال المناورة لا يجب أن يتخطى الخطوط الحمراء و منها العلمانية و التوجه غربا في إشارة ضمنية لإدارة الظهر لشرق العربي رغم أنّ الخلافة العثمانية قد عمّرت و أثمرت ستة قرون. التشبت بالعلمانية كان وراء اختلاق المشاكل التي وضعت على طريق الحزب الحاكم لاسيما زعيمه طيب رجب أردوغان فكادت قوى "المطرقة" المتورط فيها عدد كبير من قادة الجيش و هذه الحادثة مصطلح عليها أنها انقلاب بكل مسمياته لجماعة علمانية من الجيش التركي التي لا تحبذ حكم الحزب الديني . و ما بين 2010 و2011 تم اعتقال أكثر من 350 شخص بتهمة التآمر على الدولة، أغلب هؤلاء من كبار العسكريين العاملين والمتقاعدين . .. جرت المحاكمة على جلسات عديدة في سجن ابتداء من 16 ديسمبر 2010. وتم تعيين القاضي قبل ذلك بيومين فقط بعد إبعاد القاضي السابق بحضور 187 متهماً لم يكن أي منهم محتجزاً على ذمة التحقيق. جرت الجلسة الأخيرة من المحاكمة في 20 سبتمبر 2012 وكان النطق بالحكم في 21 سبتمبر وحكم على ثلاثة جنرالات بالسجن المؤبد مع تخفيضه إلى 20 سنة وعلى المتهمين الآخرين بفترات أقصر وأخلي سبيل 34 من أصل 365 متهم. و يعتبر هذا الانقلاب الذي كاد أن يعصف بعرش أردوغان الأول الذي حام حول الجمهورية الثانية و قيل أن التحضير له بدأ في 2003 أي سنة فقط بعد وصول الحزب للحكم.